حالة حقوق الانسان في العراق
المساءلة والعدالة للعراق
على الولايات المتحدّة و "تحالف الراغبين" تقديم اعتذار رسمي للشعب العراقي وتعويضه عن كل الخسائر
يعكس هذا التقرير بعض نشاطات مركز جنيف الدولي للعدالة المتعلقة بحالة حقوق الانسان في العراق خلال الدورة الرابعة والعشرين لمجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان التي عُقدت للفترة من 9 ولغاية 27 ايلول/سبتمبر 2013، في مقرّ الأمم المتحدّة في جنيف.
نافي بيلاي: يجب على العراق الاستجابة للنداءات لوقف عقوبة الإعدام
افتتحت الدورة السيدة نافي بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ببيان تطرّقت فيه الى مجموعة متنوعة من قضايا حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم. وقدر تعلّق الأمر بالعراق، كرّرت المفوضة السامية التعبير عن قلقها للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ودعت السلطات أن تبذل قصارى جهودها لحماية جميع المواطنين في العراق
وفيما يلي ترجمة غير رسمية لما جاء على لسان المفوضّة لحقوق الانسان من اشارات عن العراق في البيان الافتتاحي امام مجلس حقوق الانسان: (وفي العراق، تتعرض حقوق الإنسان لأنتهاكات ضمن موجة جديدة من العنف. ان تجدّد الاستهداف العشوائي الطائفي للمدنيين هو امر مقلق للغاية. وهذا ليس فقط بسبب الأعداد المرتفعة من القتل والمعاناة المصاحبة لها – حيث سجلت أكثر من 1800 حالة وفاة موثّقة خلال الشهرين الماضيين وحدهما ـ ولكن ايضاً بسبب استشراء حالة الإفلات من العقاب وعدم المساءلة للمنتهكين وما يمثّله ذلك من تحديات صعبة لحقوق الإنسان ومؤسسات سيادة القانون. وأدعو السلطات إلى بذل قصارى جهودها لحماية جميع الناس في العراق، و حثها لتنفيذ التحقيقات في حادثة القتل المفجعة لـ 52 شخصا على الاقل في معسكر أشرف بطريقة مستقلة تماما، دقيقة وشفافة. يجب على السلطات أن تتخذ خطوات إضافية لضمان حماية السكان في كل من مخيم أشرف و معسكر ليبرتي. ويتوجب على العراق الاستجابة لنداءات الأمم المتحدة والنداءات الدولية الأخرى الداعية إلى فرض حظر على عقوبة الإعدام، حيث يستمر في إعدام الأشخاص دورياً على شكل دفعات. لقد تم تنفيذ احكام الاعدام في 123 من السجناء عام 2012 ، وأُعدم 72 سجيناً حتى الآن في عام 2013، على الرغم من المخاطر الهائلة من إساءة تطبيق أحكام العدالة نتيجة لنقاط الضعف الشاملة في نظام العدالة الجنائية).
البيانات الشفوية التي قدّمت في إطار البند 2 من جدول الأعمال
المناقشة العامة - البيان الافتتاحي للمفوض السامي لحقوق الإنسان
خلال المناقشة العامة التي اجراها مجلس حقوق الانسان مع المفوض السامي لحقوق الانسان السيدة نافي بيلاي، ، قدّم مركز جنيف الدولي بيانين شفويين بشأن حالة حقوق الإنسان في العراق. حيث القت السيدة دانيلا دونجيز بياناً شفويا مشتركا مع عدة منظمات غير حكومية في الجلسة العامة للمجلس التي عقدت في 10 سبتمبر 2013، تناولت فيها حالة حقوق الانسان في العراق وركزّت على قضية الإعدامات في ظل غياب ابسط مقومات المحاكمة العادلة. وذكرّت المجلس أن هناك ما يقرب من 1200 سجين ينتظرون تنفيذ الحكم بالإعدام في العراق في الوقت الحاضر، وان الحكومة العراقية أعلنت عن نيتها زيادة معدل تنفيذ احكام الاعدام رغم كل النداءات الدولية
وعبّرت عن دهشتها من أن وزير حقوق الإنسان العراقي يدافع باستمرار عن عمليات الإعدام ويشجّع دائماً على تنفيذها، وأنه لا يعتبر ان عدد عمليات الإعدام في العراق هو عدد مرتفع جدا. هذا على الرغم من أن الوزارة تدرك جيداً من عدم وجود معايير المحاكمة العادلة في العراق وان أحكام الإعدام تصدر في كثير من الأحيان بناءً على اعترافات تنتزع تحت وطأة التعذيب. وادانت السيدة دونغيز ما كان الوفد العراقي قد ادعاه في بيانه امام المجلس (في يوم سابق) إن جميع من تنفذّ بهم احكام الاعدام هم ارهابيون، وتساءلت ان كان الوفد قد قرأ التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة عن مسألة عقوبة الإعدام، وما جاء به من انتقادات للنطاق الواسع لاستخدام هذه العقوبة في ظل قانون مكافحة الإرهاب في العراق، الذي يوقع عقوبة الإعدام على مجموعة واسعة من الأفعال التي لا يمكن اعتبارها من "أشد الجرائم خطورة"
وعبّرت السيدة دونغيز عن صدمتها من اعلان وزير العدل العراقي من أن الحكومة تعتزم تعديل قانون الاجراءات الجزائية، وهو القانون الذي يوفّر الحقوق الأساسية للمتهمين، وذلك للسماح لوزارته بتنفيذ احكام الاعدام بمعدلات أعلى مما هي عليه الان. واضافت: ان الموجة الأخيرة من عمليات الإعدام في العراق هي غير قانونية بموجب القانون الدولي، ولكن الحكومة العراقية لا تهتم كثيرا بالقانون الدولي. وبالنيابة عن 1200 سجيناً يقبعون في جناح المحكوم عليهم بالإعدام فان المنظمات غير الحكومية تطلب ان يتم على وجه السرعة التحقيق في كل الانتهاكات لحقوق الإنسان في العراق من قبل هيئة دولية مستقلة وان يتم تعيين مقرّر خاص لحالة حقوق الإنسان في العراق
وفي بيان ثانٍ القته السيدة يانيت بهينا من مركز جنيف الدولي للعدالة بالاشتراك مع عدة منظمات غير حكومية، من بينها اللجنة الدولية للقضاء على كافة اشكال التمييز العنصري، خلال المناقشة العامة مع المفوض السامي ركزّت فيه على حملات الاعتقال التعسفي والاحتجاز في العراق. واشارت الى ما تضمنته كلمة المفوضّة السامية عن الانتهاكات لحقوق الانسان التي تجري على أساس يومي في العراق. وكما قالت المفوضة السامية فانه يستمر إعدام الناس على "دفعات"، ولكن بنفس الأهمية، نؤكدّ على الممارسة الواسعة الانتشار من الاعتقالات العشوائية والاحتجاز التعسفي و غير القانوني التي تسبق العديد من عمليات الإعدام هذه
وقدّ نفذت عمليات التوقيف والاعتقال التعسفي على نطاق شامل طوال فترة الحرب والاحتلال والحكومات المؤقتة التي اعقبتها، لكن السلطات الحالية قامت بعمل (هائل) لضمان استمرار وتوسيع هذه الممارسة التي حرمت العراقيين من حقهم في الحرّية. وجاء في البيان: لقد القي القبض على المئات من الابرياء أو احتجازهم تعسفياً منذ عام 2003 وحتى الآن، في غارات ليلية مستمرة؛ ودون أوامر قبض عراقية، ويقبع المعتقلون في السجون لسنوات دون تهمة وبمعزل عن العالم الخارجي؛ كما يتم اصدار الاحكام دون محاكمات عادلة ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ولا يزال التعذيب هو الأسلوب المفضل لدى السلطات للحصوص على الاعترافات، وتنتشر السجون السرية، والتي بحكم التعريف تجسدّ جميع عناصر الاعتقال والاحتجاز التعسفي على نطاق واسع.
واوضحت السيدة بهينا ما نجم عن حملة الاعتقالات التي نفذتها السلطات العراقية تحت اسم " ثار الشهداء"، قائلةً انه تم اعتقال ما يقرب من 1500 شخص في أقل من أسبوعين، كل ذلك تحت ستار مكافحة الإرهاب. كما ذكرت ما صرّح به رئيس الوزراء نوري المالكي من عملية "ثأر الشهداء" ستستمر إلى أجل غير مسمى و أنه لن يستمع إلى أي إدانات أو بيانات داعية الى انهاءها. واضافت: يتوجب علينا أن نجعله يستمع لنا.
وقالت السيدة بهينا: لقد تكلّمت السيدة بيلاي عن حالة الإفلات من العقاب وانعدام المساءلة لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في العراق ودعت السلطات إلى ان "تبذل قصارى جهودها لحماية جميع الأشخاص في البلاد"، لكنّنا نتساءل كيف ستتم حماية الشعب العراقي عندما تواصل السلطات ارتكاب أسوأ الانتهاكات؟ من الذي سوف ينهي حالة الإفلات من العقاب و انعدام المساءلة؟ الجواب هو أنتم، اعضاء المجلس. ومن مسؤوليتكم دعم التزاماتكم بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وكأعضاء في هذا المجلس لحماية حقوق الإنسان واتخاذ إجراءات ضد كل الانتهاكات. وخاطبت المجلس قائلة: نيابة عن أكثر من 42000 من المعتقلين في السجون العراقية اليوم، و أكثر من 1200 سجين من الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام عليهم، وما يقرب من 2000 معتقل في اغسطس/ آب وحده تحت ما سمّي بــ "حملة ثأر الشهداء"، وعشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء الذين يمكن أن يلقون نفس المصير، نطالبكم الوفاء بالتزاماتكم الخاصّة تجاه الانتهاكات في العراق.
البيانات الشفوية المقدمة في إطار البند 3 من جدول الأعمال
ضمن البند 3 لجدول اعمال المجلس الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية، وفي سياق مناقشة مجلس حقوق الانسان لتقرير الممثل الخاص للأمين العام المعني بالاطفال والنزاعات المسلحة، السيدة ليلى زروقي، قدّمت السيدة أنجيلا بوشتي من مركز جنيف الدولي للعدالة بياناً شفوياً في 10 سبتمبر 2013، شدّدت فيه على الحالة الصعبة للأطفال في الصراعات المسلّحة خصوصاً أطفال العراق الذين فقدوا
حقوقهم الأساسية على جميع المستويات بسبب الحرب والاحتلال، مشيرة ان الوضع الحالي لأطفال العراق يتطلب انتباه المجتمع الدولي وأن تأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار من قبل الممثل الخاص للأمين العام. واكدّت انه في السنوات التي تلت الغزو فأن حياة الملايين من أطفال العراق باتت هشة للغاية. ووفقاً لصندوق الأمم المتحدة للطفولة، فأن ما يقرب من 3.5 مليون طفل يعيشون تحت خط الفقر، وان 1.5 مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية. وبينت ان الفقر، والانعدام التام للأمن والتهجير ادّى لأن يكون اطفال العراق عرضة للاختطاف والاعتداء الجنسي المتزايد. وقالت، ان سوء التغذية وسوء النظام التعليمي، وزيادة عمالة الأطفال والاتجار بالأطفال، كلّها عوامل تهدّد حقوق الإنسان الأساسية للأطفال العراقيين. وطالبت ممثل ألامين العام بان يجعل هذا الموضوع من أولوياته. واختتمت بالقول، إن أطفال العراق ما زالوا يعانون من تبعات وويلات الحرب مما يتوجب على المجتمع الدولي بان يتفاعل مع هذه المعاناة، وذلك سيكون الخطوة الأولى نحو المساءلة وإنهاء حالة الإفلات من العقاب
واثناء المناقشة ايضاً القت السيدة دانيلا دونجيز من مركز جنيف بياناً تناولت فيه ما يتعرّض له الاطفال في العراق وفي سورّية جرّاء النزاع. وقالت ان ما يقرب من 7000 طفل قتلوا و أكثر من 740000 اصبحوا لاجئين. وان تدمير المدارس والمستشفيات ادّت الى تقويض حقوق الطفل في الصحة والتعليم مع عواقب طويلة الأمد. نحن نشعر بالقلق جرّاء الممارسات التي وصفها تقرير ممثل الأمين العام، خاصة فيما يخصّ الأطفال الذين يتعرّضون للاعتقال أو يستخدمون كمقاتلين.
ويجب أن يقوم المجتمع الدولي بعمل كل ما بوسعه لضمان أيجاد حل سياسي وسريع للنزاع. سيضيف أي نوع من التدخل العسكري المزيد من المعاناة لذلك الوضع.
وقالت السيدة دونغيز: يجب ألا ينسى المجتمع الدولي في نفس الوقت أطفال العراق، والذين أختفت معاناتهم من عناوين الصحف الدولية لصالح نزاعات ومعاناة أخرى، فمنذ عام 2003، وحتى يومنا هذا، لايزال وضعهم متردياً. ولا يزال نظامي الصحة والتعليم أشلاء متناثرة، والجهود التي تم أتخاذها لأعادة بناء تلك المؤسسات تكاد لا تذكر. ولايزال أكثر من 90000 طفل عراقي في عدّاد المفقودين، ولم تقم السلطات الأمريكية أو العراقية بمساعدة ذويهم بصورة ملائمة لأيجادهم.
واضافت، ان 23% من العراقيين يعيشون اليوم تحت خط الفقر، وقد أرتفعت معدّلات الأميّة وترك الطلبة مدارسهم. وهذا ما يجعل وضع الأطفال أكثر عرضةً للعنف، فمنذ عام 2003 تمت المتاجرة بعشرات الآلآف من الفتيات في العراق، 65% منهن قاصرات. أن مثل هذه الانتهاكات لم تكن موجودة في الفترة التي سبقت عام 2003.
واختتمت السيدة دونغيز كلمتها بالقول: أن المجتمع الدولي يجب ان لا ينسى هؤلاء الأطفال الذين تأثروا بالحرب. يجب أن تتم محاكمة جميع من قام بأنتهاكات لحقوق الأنسان أينما كان وأيّ من كان. وناشدت الأمم المتحدة لتعيين مقرّر خاص لحقوق الأنسان في العراق، كما حثّت المجتمع الدولي على أيجاد حل سلمي للنزاع في سوريا
وخلال المناقشة العامة ضمن البند 3 ، ألقت السيدة ضفاف عاطي من مركز جنيف الدولي للعدالة بياناً شفوياً ركزّت فيه على الحالة الخطيرة لحقوق الإنسان في العراق، وما يجري من استهداف مثير للقلق للمدنيين واستشراء الإفلات من العقاب وانعدام المساءلة، واستمرار السلطات العراقية بتنفيذ الاعدامات بصورة دورية على دفعات. ثم تناولت مسألة أخرى تثير قلقا بالغاً الا وهي التدهور الصحي. وجلبت الانتباه في هذا السياق الى ما استخدمته الولايات المتحدة في غزوها واحتلالها للعراق من مواد خطيرة وخاصة اليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض التي استخدمت على نطاقٍ واسع من قبل قوات التحالف في خرقٍ للقانون الإنساني الدولي. وأكدّت على الحالة المروعة المتمثلة بالولادات المشوهة التي يتم مقارنتها بالحالة في هيروشيما. وعبّرت عن الاسف من ان هذه المأساة يجري تجاهلها الى حد كبير من قبل المجتمع الدولي والظلم الكبير يتمثل باستمرار تهرّب مرتكبيها من المسؤولية
واشارت الى ان العراق هو ثالث أكبر دولة مصدّرة للنفط وثاني أكبر منتج للنفط في العالم. ورغم انه قد تم تخصيص المليارات من الدولارات للتطوير وإعادة الإعمار، لكن نظرا لعمليات الاحتلال والفساد، فقد ظلت المدارس والمستشفيات والمناطق السكنية والطرق دون ان يجري إعادة بناءها وارتفعت معدلات البطالة وتدهور التعليم والنظم الصحّية يضاف الى ذلك اعداد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر. وقدّمت السيدة عاطي شهادتها الشخصية لما وجدته في العراق من تزييف للعدالة وما يتحمله العراقيون من مآسٍ يومياً، فالشعب العراقي محروم من الحقوق الأساسية والجوهرية. ذلك كلّه جرّاء الحرب الوحشية، والحكومة الفاسدة والتقسيم الطائفي الواضح في جميع أنحاء بغداد.
واضافت: لقد عانى العراق 12عاماً من العقوبات الاقتصادية، وحربين مدمرتين وعشرة اعوام من الاحتلال في حين ان المجتمع الدولي ما يزال صامتاً. ان المساءلة عن الانتهاكات التي ارتكبت من قبل قوات التحالف وتلك المتفاقمة تحت إدارة المالكي لا تزال تنتظر التحقيق. وأختتمت بالقول، اذ يتعين تحقيق العدالة للعراق فان صمت وتقاعس الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لم يعد مقبولاً. لقد حان الوقت للأمم المتحدة لكي تصغي للنداءات التي لا تعدّ ولا تحصى ويتوجب تعيين مقرّر خاص لمتابعة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في العراق.
لمناقشة العامة للبند 4 من جدول الأعمال
امّا خلال المناقشة العامة للبند 4 من جدول الأعمال فقد القت السيدة يانيت باهينا من مركز جنيف بياناً تناولت فيه إساءة استخدام السلطة والفساد المنظم في العراق واعتبرت انه يسهم في اعاقة أية إمكانية حقيقية للتنمية والنهوض بحقوق الإنسان. واذا كان الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان قد وصف الفساد بأنه طاعون لما له من الآثار المدمّرة على المجتمعات، فان العراق واحد من أكثر البلدان اصابة بهذا الطاعون في العالم. ان مستويات الفساد منذ الغزو عام 2003 تتصاعد، فهي واحدة من اكبر ما خلّفه الغزاة، وتبلغ اعلى مدّياتها اليوم في ظل سلطة رئيس الوزراء نوري المالكي حيث ان هذه الممارسة قد انتعشت كثيراً ووصفت بأنها فساد حكومي مستفحل ومؤسسي، حيث السرقة بالجملة للأموال العامة، وحيث كل شيء للبيع.
ووصفت الكلمة إجراءات سلطة التحالف المؤقتة في العراق بأنها "جرائم حرب اقتصادية" حيث الخرق الفاضح للقانون الدولي. ومثل جميع الجرائم، يجب تقديم مرتكبيها إلى العدالة. واكدتّ كلمة المركز ان الفساد قد لعب دوراً هاماً في تدمير المجتمع العراقي وحياة مواطنيه؛ مما يجعل من المستحيل الوصول الى الديمقراطية الحقيقية، وتعزيز حكم القانون حيث ان قادة الحكومة والمسؤولين هم فوق القانون وتستخدم لتهديدات والعنف لفرض إرادتهم، والسماح للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أن تستمر مع الإفلات من العقاب؛ وإجبار العراقيين إلى الحياة من الخوف وانعدام الأمن والفقر.
واكدّت انه في الوقت الذي يعيش فيه العراقيون ظروفاً بائسة، إلاّ أن المليارات من الورادات تذهب مباشرة الى جيوب من هم في السلطة. وفي المتوسط، يعتبر العراق أعلى بلداً في العالم في مستوى ارتفاع رواتب المسؤولين، اذ تتراوح رواتبهم بين 11000 إلى أكثر من 80000 دولار امريكي في الشهر، في حين ان متوسط دخل المواطن العراقي هو أقل من 300 دولار في الشهر، و يفتقر إلى أبسط الخدمات.
وعبّرت الكلمة عن قلق كبير أيضا بالآثار الناجمة عن زيادة الفساد في النظام القضائي، فالمحاكمات العادلة هي شبه مستحيلة كما يتم التحكّم في العديد من القضاة من قبل المالكي شخصياً، إما بالتخويف اوالتهديد، أو بالرشاوى. وقد أدّى الفساد إلى سرقة عشرات المليارات من الدولارات التي خصّصت للعراقيين وتنمية بلادهم وتركهم دون الخدمات العامة الأساسية مثل المياه والغذاء والكهرباء والتعليم والخدمات الصحية والتوظيف والإسكان والبنية التحتية. وطالبت ان يتخذ المجلس، من أجل العراقيين وحقوق الإنسان الخاصة بهم، الاجراءات اللازمة لاحالة جميع المسؤولين عن ممارسة وإضفاء الطابع المؤسسي على هذا الفساد الى العدالة.
ادعوة من اجل تحقيق العدالة للعراق
من ضمن البيانات التي القيت في الدورة 24 لمجلس حقوق الانسان كان البيان الذي القته السيدة دونغيز من مركز جنيف أثناء الحوار التفاعلي مع المقرّر الخاص للأمم المتحدّة المعني بالحقّ في الحقيقة والعدالة والتعويضات، السيد بابلو دي غريف. فقد قالت السيدة دونغيز: إذا كان هناك شعب في هذا العالم له الحقّ في معرفة الحقيقة والعدالة والتعويضات، فإنه الشعب العراقي.
ومضت تقول: إن واحدة من أكثر الأمثلة الصارخة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان هي بالتأكيد حالة العراق، حيث قادت الولايات المتحدّة حرباً غير مشروعة ضد دولة مستقلة، عضو في الأمم المتحدة، تاركاً وراءه بلداً مدمراً ومجتمع محطّم. لقد مرّت عشر سنوات على الغزو، ولكن شعب العراق لا يزال ينتظر العدالة والمساءلة. واذا كان الحقّ في معرفة الحقيقة يبرز في سياق إنهاء الإفلات من العقاب فأن الإفلات من العقاب لا يزال السمة الغالبة لما يجري في العراق، حيث قتل المئات من الآلاف ولا تزال الملايين من الأسر النازحة دون مأوى، وهنالك اعداد كبيرة لا يزالون في عداد المفقودين. هذا فضلاً عن الاعتقالات التعسفية والإعدام خارج نطاق القضاء. ولم تبذل أية جهود لإعادة بناء البنية التحتية العراقية، ولا توجد اية مساعٍ لتنظيف البيئة مما ساهم في انتشار السرطان و الولادةات المشوهة. ونقلت السيدة دونغيز ما قاله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في تصرّيحه الذي قال فيه "ان اي تدخل عسكري في سوريا لن يكرّر أخطاء غزو العراق"، قائلة: ان مثل هذا الاعتراف يجب أن يكون له عواقب قانونية. واعتبرت ان الولايات المتحدة ملزمة الآن للعمل على هذا الاعتراف، مؤكدةً ان اعتذارٍ رسمي من حكومة الولايات المتحدة وجميع اولئك الذين شاركوا في " تحالف الراغبين " أمر قد طال انتظاره، ويتوجب محاسبة كل من ساهم في الغزو والاحتلال وتعويض الشعب العراقي عن كل ما حصل، كما طلبت بتعيين مقرّر خاص لحالة حقوق الانسان في العراق.
لبند 6 من جدول الأعمال - المراجعة الدورية الشاملة ( UPR)
وفي إطار المناقشة العامة ضمن البند 6 من جدول أعمال مجلس حقوق الانسان، القت السيدة باهينا بياناً في 23 سبتمبر 2013 ، شرحت فيه فشل الحكومة العراقية في تنفيذ التوصيات التي قبلت بها منذ عام 2010 ضمن برنامج "المراجعة الدورية الشاملة" التي يجريها مجلس حقوق الانسان للدول كل اربع سنوات. واعتبرت ان ذلك يؤكدّ بوضوح عدم رغبتها في الوفاء بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة. وجاء في الكلمة: ان الأمين العام بان كي مون صرّح ذات مرة أن الاستعراض الدوري الشامل " لديه القدرة على تعزيز حقوق الإنسان في أحلك ركن من أركان العالم". إن العراق هي احدى هذه الزوايا المظلمة. وقد ابرز الاستعراض الدوري الشامل العديد من الانتهاكات التي تحدث في العراق، ولكن للأسف، لم يحدث اي تقدّم بعد ذلك . وبدون وجود آلية متابعة فعالة، فسيمكن لبلدان، مثل العراق، الاستمرار في تجاهل التزاماتها. وتابعت القول: أن العراق قد تلقّى في حينه عدة توصيات بشأن حقوق الإنسان، النظام القضائي ، حرية التعبير، التعذيب والاعتقال والاحتجاز التعسفي، ومكافحة الفساد والإفلات من العقاب، وغيرهم كثير.
وقد قبل العراق هذه التوصيات، ولكن بعد ثلاث سنوات من ذلك نرى ان الانتهاكات تستمر وتتفاقم. واشارت الى ان العديد من البلدان قد أوصت العراق باحترام المعايير الدولية عند تطبيق عقوبة الإعدام، ولكن احكام الإعدام تنفذ بمعدلات مرتفعة فهنالك 17 شخصا تم اعدامهم في 19 آب وحده. ويتم فرض عقوبة الإعدام على جرائم لا تعتبر من " أشد الجرائم خطورة"، ودون محاكمات عادلة، وبناء على اعترافات تنتزع تحت التعذيب. كما تستخدم السجون السرّية على نطاق واسع، ويحتجز الآلاف في ظروف غير إنسانية ودون توجيه اتهامات لهم، ودون اتباع اي من الإجراءات القانونية الواجبة. واكدّت ان ظاهرتي الفساد والإفلات من العقاب تنتشران الآن اكثر من أي وقت مضى وهنالك حماية للفاسدين. وقالت: إن الحكومة العراقية تفخر في الإعلان دائماً ان دستورها يوفرّ حماية لحرية التعبير والتجمع، ولكن ذلك موجود على الورق فقط. ولعل مجزرة الحويجة شاهدة على ذلك. وقالت للمجلس: المعروف ان رئيس الوزراء وعدد من المسؤولين في حكومته يساوون دائماً بين المتظاهرين و" الإرهابيين "، ففي كلمة ألقاها يوم 18 آب/أغسطس، وعد نوري المالكي بإنهاء جميع المظاهرات ضد العملية السياسية في العراق، وذكّر بما جرى في مصر، متبجحاً أن حكومته يمكن أن تنهي كل المظاهرات في أقل من ساعة واحدة. وطالبت بتوثيق ذلك. وجاء في ختام الكلمة، ان توصيات الاستعراض الدوري الشامل لإدماج حقوق الإنسان في عمليات مكافحة الارهاب قد لاقت آذاناً صمّاء من السلطات العراقية. وفوق ذلك فان الحملة العسكرية التي نفذّت تحت اسم " ثأر الشهداء " قد أدّت إلى الاعتقال التعسفي لاكثر من 1500 شخص ومقتل العشرات في شهر آب/أغسطس وحده، وقد اعلن رئيس مجلس الوزراء أن هذه الحملة سوف تستمر إلى أجل غير مسمّى. واختتمت السيدة بهينة بيان المركز بمطالبة الامم المتحدّة باتخاذ الاجراءات اللازمة لمتابعة تنفيذ العراق للتوصيات.
تقارير عن حالة حقوق الإنسان في العراق
قدم مركز جنيف الدولي للعدالة والتحالف المكون من 300 منظمة غير حكومية، خمس تقارير موثّقة عن حالة حقوق الإنسان في العراق. وقد صدرت هذه التقارير من قبل الأمانة العامة للأمم المتحدّة جنبا إلى جنب مع الوثائق الرسمية للدورة 24 لمجلس حقوق الإنسان. وهذه التقارير تناولت
تأثير عشر سنوات من الاحتلال على أطفال العراق: التقرير اعدّ بمناسبة تقديم تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الاطفال والنزاعات المسلحة. وتناول التقرير ما تعرّض له اطفال العراق جرّاء الغزو والاحتلال الأمريكي والحكومات الطائفية التي توالت على الحكم.
الاعتقال التعسفي والاحتجاز في العراق: ويشرح التقرير ظاهرة الاعتقالات التعسفية في العراق منذ الاحتلال الأمريكي، لكنّه يركز على تفاقمها في ظل حكومة نوري المالكي وخاصّة الاعتقالات التي جرت خلال العمليات الطائفية التي اسماها (ثأر الشهداء).
الحقيقة والعدالة ودفع التعويضات للعراق: ويتناول حق العراقيين في العدالة بما في ذلك محاسبة كل من ساهم ـ باي صورة كانت ـ في الغزو او تواطؤ مع الغزاة والمحتلين، وتشمل ايضاً التعويض عن كل الخسائر.
الفساد في العراق: يعرض التقرير كيف ان الاحتلال الأمريكي اسس متعمدّا للفساد في العراق ونشره على نطاق واسع وكيف استشرى خلال الحكومات اللاحقة الى ان اصبح على اوسع نطاق في ظل حكومة المالكي وما توفرّه من حماية للفاسدين مستخدمة سطوتها وسيطرتها على النظام القضائي.
تأثير الحرب على البيئة في العراق وعواقبها الصحية: يركز التقرير على ما نجم عن الحرب من دمار للبيئة العراقية على كافة المستويات، ثم يركز على الجانب الصحي وما نجم من تصاعد للأمراض السرطانية في جنوب العراق ثم انتشارها في معظم مناطق العراق بعد الغزو عام 2003، كما يتناول تحديداً ظاهرة الولادات المشوهة في مدينة الفلوجة ويوجز نتائج الدراسات بشأنها
وفيما يلي ترجمة للبيان المعنون
الحقيقة والعدالة ودفع التعويضات للعراق
يعد العشرين من اذار 2003 يوما اسودا في تاريخ القرن الواحد والعشرين. ففي هذا اليوم، قادت الولايات المتحدة وبريطانيا حربا غير مشروعة ضد العراق، الدولة المستقلة والعضو في الامم المتحدة، وبدعم من تحالف يضم ما يقرب من خمسين بلدا اطلق عليه اسم ((تحالف الراغبين))، مما أدى إلى احتلال مدمر. وخلال هذا الاحتلال تم تدمير تراث يعود الى آلاف السنين وان ثقافة قديمة عميقة الجذور تركت في حالة من الفوضى. ورغم مرورعشر سنوات على هذا العدوان، فان الشعب العراقي ما زال ينتظر تحقيق العدالة والمساءلة
ولا يزال المجتمع الدولي يتجاهل، وعلى نطاق واسع، المعاناة التي تعرض لها الشعب العراقي، كما ان من المشكوك فيه وبشكل مطلق، ان يتم التعرف على المدى الكامل للاضرار التي لحقت بالعراق. وتشير التقديرات الى أن أكثر من مليون شخص قد قتلوا خلال سنوات الحرب والاحتلال، وتشريد ما يقرب من خمسة ملايين، وفقد 4-5 ملايين طفل أحد الوالدين، واصبح ما بين مليون الى مليوني امرأة أرامل. كما تشير التقديرات الى ان 23 في المئة من الشعب العراق البالغ 30 مليون نسمه يعيش تحت خط الفقر فضلا عن اكثر من 600.000 من الاطفال الايتام يعيشون في الشوارع. وإذا كان هناك شعب ما في هذا العالم يستحق معرفة الحقيقة وضمان العدالة ودفع التعويضات ازاء الاضرار التي تعرّض لها مع ضمان عدم تكرار ما حدث، فإنه بالتأكيد سيكون الشعب العراقي.
ومن بين الارقام المثيرة للقلق هو عدد الأشخاص المفقودين نتيجة للحرب. وتقدر مصادر مختلفة الى ان عدد الاسر النازحة يتراوح بين 250.000 الى مليون شخص بينهم أكثر من 90.000 طفل. ولا يعرف لحد الان مصير الكثير من المفقودين الذين تختفي آثارهم إلى الأبد في ظل فوضى الحرب
والاحتلال التي يتم خلالها ممارسات مختلفه مثل الاعتداءات الموجهة لاشخاص معينيين والاعتقالات تعسفية والاعدامات خارج نطاق القضاء والتي تقع جميعها على نطاق دائم ولم تتوقف حتى يومنا هذا.
الحق في معرفة الحقيقة
غالباً ما يستدعي الحقّ في معرفة الحقيقة اهتماماً متزايدا في العقود الأخيرة في سياق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، اذ ان هذا الحقّ يجد جذوره في القانون الإنساني الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بحق الأسر في معرفة مصير أبنائها. ومع ذلك، فرغم أن هذا الحقّ كان يشار اليه في البداية في سياق الاختفاء القسري فقط، فقد تم توسيع نطاقه تدريجيا ليشمل الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان مثل الإعدام خارج نطاق القضاء والتعذيب. ويرتبط على قدم المساواة مع حقوق الأخرى، مثل الحق في الحماية القانونية والقضائية، والحقّ في إجراء تحقيق فعال والحقّ في الحصول على تعويض. ولحد الآن (2013) فقد حُرم الشعب العراقي من هذه الحقوق
ورغم مرور عشر سنوات على الاحتلال فان الشعب العراقي ما يزال يعيش في ظل دولة فاشلة يسودها الانقسام والاحباط والفساد والوحشية. فقد تواصل تدمير نظام التعليم، ويتزايد معدل الأمية باضطراد. وقتل الآلاف من الأطفال بسبب سوء الخدمات الصحية وزيادة مثيره للقلق جرّاء التشوهات الخلقية في مناطق معينة من العراق فضلا عن غياب الأمن. ولا تزال الآلاف من العائلات العراقية تبحث عن ذويها في الوقت الذي عجزت فيه الولايات المتحدة والسلطات العراقية عن تقديم المساعده الممكنه للبحث عنهم. لقد قتل الكثير من العراقيين، ومازال يقبع العديد منهم في السجون السرّية التي أنشأت في ظل الاحتلال والتي ما زالت موجودة حتى يومنا هذا. كما ان قوات الامن غالبا ما تستهدف المدنيين في حملات اعتقال جماعية تعسفية. وتمارس السلطات العراقية التعذيب وسوء المعاملة في السجون على نطاق واسع فضلا عن عمليات إعدام جماعية على نطاق واسع. وبذلك يمكن وصف الوضع بالكارثة ولا احد يتحمل مسؤولية ذلك
ان الاعتراف بالمسؤولية هو شرط مسبق في سياق تحقيق العدالة. ومن بين المطالب الأولى للضحايا هو الاعتراف بحقيقة أنهم تعرضّوا للضرر. وما يزال الإفلات من العقاب السمة الغالبة في العراق. وقد أدان المجتمع الدولي بشكل متكرر الغزو ولكن حتى عام 2013 فان مرتكبي هذه الجرائم يتمتعون بالحصانه. ان الحكومة العراقية تتحمل المسؤولية الأساسية عن هذه الحصانة لكونها لم تتخذ الإجراءات القانونية المناسبة، فضلا عن انها تمنح الحصانه لمرتكبي هذه الجرائم للافلات من العقاب، والاستمرار في انتهاكات حقوق الإنسان. يحقّ للمجتمع الدولي معرفة الحقيقة عن الأحداث الماضية المتعلقة بارتكاب جرائم شنيعة، فضلاً عن معرفه الظروف والأسباب التي تقف وراء هذه الجرائم البشعة بغية عدم تكراها في المستقبل
يعد الاقرار بالمسؤولية شكل من أشكال الاعتراف بأهمية وقيمة الأشخاص كأفراد، بوصفهم ضحايا وأصحاب الحقوق. ففي عام 1993 أصدر الرئيس بيل كلينتون اعتذاراً لشعب هاواي عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت عند إلاطاحة بالحكومة الشرعية للملكة هاواي عام 1893. وبالمثل، في 13 فبراير 2008 أصدر رئيس وزراء أستراليا كيفن رود اعتذاراً للسكان الأصليين في أستراليا عن الظلم التي مورس ضدهم. وفي 19 ديسمبر 2009 أصدر الرئيس باراك أوباما اعتذارا للشعوب الأصلية للولايات المتحدة الأمريكية، وقد قدمت ألمانيا أيضا تعويضات ذات مغزى في شكل اعادة الوضع الى ما كان عليه وتعويض الناجين من ضحايا الإبادة الجماعية. وهنا يمكن القول بان اعتذاراً للشعب العراقي من قبل جميع الحكومات التي شاركت في ما يسمى ب "تحالف الراغبين" قد طال انتطاره
الحق في التعويض
الاعتراف ما هو إلا خطوة أولى ستفضي الى مزيد من التعويضات. والتعويضات تعبير مادي عن الاعتراف بالحقوق المستحقة لأولئك الذين انتهكت حقوقهم الأساسية. وهكذا فإن جميع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان يحقّ لهم اعادة التأهيل والتعويض. ويحقّ لشعب العراق الحصول على قدر من الارتياح يتمثل في شكل اعتذارٍ رسمي من حكومات الدول التي شاركت في ما يسمى "تحالف الراغبين"، فضلا عن التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي تسببها غزو واحتلال بلادهم جرّاء حرب أعلن مراراً وتكراراً بانها حرباّ غير مشروعة ومخالفة للمادة 2، من الفقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة. ان هذا الالتزام هو مبدأ عام من مبادئ القانون على النحو المشار اليه في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية. وبذلك يجب تعويض الشعب العراقي عن كل الاضرار المادية والمعنوية التي لحقت به نتيجة للغزو والاحتلال. ويشمل هذا التعويض ما يلي
ـ إعادة بناء البنية التحتية العراقية، والمؤسسات الحكومية والمدارس والممتلكات الخاصة التي تعرضت للقصف أو تضرّرت خلال الحرب وتحت الاحتلال
ـ تنظيف البيئة: على "تحالف الراغبين" تمويل وتنطيف البيئة لكونه المسؤول عن استخدام اليورانيوم المنضب والمواد السامة الأخرى التي جعلت الشعب العراقي عرضة للقلق المتزايد جرّاء الامراض السرطانية والتشوهات الخلقية
ـ استعادة النظام الصحي العراقي إلى مستويات ما قبل الغزو، والتي كانت تعد الأفضل في المنطقة. ولكن رغم مرور عشر سنوات على عملية إعادة الإعمار المزعومة لكن هنالك فشل في العراق لتلبية الحد الأدنى من المعايير المعمول بها دوليا
ـ حماية المشردين داخلياً و خارجياً: ينبغي " لتحالف الراغبين" تقديم الدعم المالي والسياسي للاجئين
ـ تحديد مصيرالاشخاص المفقودين والمختفين: رغم مرورعشر سنوات على الغزو فان عمليات الاختطاف والاحتجاز لا تزال تحدث على نطاق واسع. ويقبع العديد من المختفين في السجون أو يتم إعدامهم. وعلى الحكومة العراقية تحمل مسولياتها في الكشف عنه مثل هذه الحالات
ـ وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب، والاعتقالات التعسفية، وحالات الاختفاء القسري، والاتجار بالأشخاص، والايذاء المادي والمعنوي للسجناء واستخدام الأسلحة غير المشروعة
ـ تعيين مقرّر خاص للأمم المتحدة بشان حالة حقوق الانسان في العراق: ما تزال انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرّض لها الشعب العراقي مستمرة في العراق ويجب ان يتم رصدها
ـ الكشف عن ومحاكمة كل من ارتكب انتهاكات لحقق الانسان خلال الغزو والاحتلال
ـ يتوجب على جميع الدول، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، المصادقة على نظام روما الأساس للمحكمة الجنائية الدولية، ويجب احالة الانتهاكات الخطيرة الى مدّعي عام المحكمة للتحقيق والمحاكمة
ـ انشاء لجنة تعويضات تابعة للأمم المتحدة خاصة بتعويض الضحايا العراقيين، وفي اقل تقدير انشاء صندوق خاص يدار من المفوضة السامية لهذا الغراض
خاتمة
كانت الحرب على العراق مأساة ذات أبعاد هائلة، وجريمة ضد الإنسانية وخيانة لجميع القيم التي تدافع عنها الأمم المتحدة. لقد حُرم الشعب العراقي ولسنوات عديدة من حقوقه الأساسية. ويجب على المجتمع الدولي أن يتحمل المسؤولية في النهاية، ونؤكد أنه لا بدّ ان يتم تحقيق العدالة، و توفير سبل الانتصاف، ودفع تعويضات للعراقيين عن الاضرار التي لحقف بهم. ويعدّ هذا الاعتراف شكلاً من أشكال الاقرار بأهمية وقيمة الأشخاص كأفراد، بوصفهم ضحايا وأصحاب حقوق. وتعدّ التعويضات شكلاً ماديا من الاعتراف لأصحاب الحقوق المستحقة الذين انتهكت حقوقهم الأساسية. وسيساعد هذه الاعتراف على إعادة بناء الثقة من خلال إظهار مدى الجدّية التي تضطلع بها المؤسسات المعنية بأخذ انتهاكات حقوق الشعب العراقي الى المجتمع الدولي، وتعزيز الثقة وهذا من شانه ان يُسهم في نهاية المطاف إلى تحقيق المصالحة
تدعو المنظمات غير الحكومية، الموقعة على هذا النداء، الأمم المتحدة بصفة عامة ومجلس حقوق الإنسان بصفة خاصة إلى
ـ التأكد من أن جميع انتهاكات حقوق الإنسان في العراق خلال العقوبات والغزو والاحتلال يتم التحقيق بها من قبل هيئة دولية مستقلة
ـ اتخاذ جميع التدابير الممكنة لإنهاء حالة الإفلات من العقاب الحالية في العراق بخصوص مسؤوليات دول الاحتلال
ـ الطلب إلى المفوضة السامية أن تقدم إلى المجلس تقريرا مفصلا عن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق
منذ عام 2003
ـ الطلب الى المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة وجبر الضرر وضمان عدم تكرارها زيارة إلى العراق وإدراج الموضوع في تقاريره