حالة حقوق الانسان في العراق
مندوب الحكومة العراقية يعترض على المطالبة بتحقيق العدالة للعراق!
حظيت حالة حقوق الانسان في العراق باهتمام خاص ضمن نشاطات مركز جنيف الدولي للعدالة في الدورة الثالثة والعشرين لمجلس حقوق الانسان التي عقدت في مبنى الأمم المتحدّة في جنيف خلال شهر حزيران/يونيو 2013. فقد تولّى المركز، بالتعاون مع المنظمة الدولية للقضاء على كل اشكال التمييز العنصري (ايفورد) ومحكمة بروكسيل، قيادة تحالف مكوّن من اكثر من 300 منظمة غير حكومية من مختلف انحاء العالم تقدّموا بمناشدات الى المجتمع الدولي بالعمل لتحقيق العدالة للعراق وذلك من التحقيق بكل ما جرى بعد الغزو الأمريكي عام 2003، وما ارتكب من انتهاكات وجرائم اثناءه واثناء الاحتلال، ومحاسبة المسؤولين عنها ودفع تعويضات كاملة للعراق كدولة وللشعب العراقي الذي عانى الكثير جرّاء هذا العمل العدواني المنافي للأعراف والمواثيق الدولية.
وطالب التحالف في بيانات القيت في الاجتماعات وتقارير قدّمت الى الأمم المتحدة اتخاذ كل الاجراءات العاجلة لايقاف انتهاكات حقوق الانسان في العراق، وارسال بعثات تقصّي حقائق للتحقيق في كل تداعيات الغزو والاحتلال، وتعيين مقرّر خاص لحالة حقوق الانسان في العراق.
لكن مندوب حكومة المالكي إعترض على هذه المطالب مبرّراً اعتراضه بأن الشعب العراقي قد اعتاد على الانتهاكات منذ عقود، وان هذه الانتهاكات هي استمرار لذلك.
وعرض التحالف، امام الجلسات العامة لمجلس حقوق الانسان، ما يجري من انتهاكات جسيمة ومستمرة ومن ذلك: حملات الاعدام خارج القانون، وتقويض استقلالية النظام القضائي، والاعتصامات. كما قدّم بيانين استعرضا الوثيقة الأساسيّة المعنونة (نداء من اجل العدالة للعراق) التي تتضمن الخطوات الواجب اتباعها لتحقيق العدالة الى العراق.
المطالبة بايقاف حملات الاعدام
في البيان الذي تلته السيدة دانيلا دونغيز ضمن الحوار التفاعلي الذي اجراه مجلس حقوق الانسان مع المقرّر الخاص للأمم المتحدّة عن الاعدامات خارج نطاق القضاء تناولت حملات الاعدام التي يجري تنفيذها في العراق عقب محاكمات لا تتمتع بابسط شروط المحاكمات العادلة. وتطرّقت الى الحجج الواهية التي تقدمها السلطات العراقية دفاعاً عن اجراءاتها والتي تتلخص بان من يجري اعدامهم هم من الارهابيين مبينةً ان القضية الاساسية هنا هي ان تتوفر محاكمة عادلة لاي شخص متهم بغض النظر عن نوع التهمة الموجهة اليه...وتطرّقت الى النداءات التي يوجهها المجتمع الدولي لإيقاف حملات الاعدام في العراق طالبة بضرورة تفعيلها فوراً، ومحاسبة المسؤولين عن تنفيذها في ظل وجود قناعات مؤكدة بانها غير عادلة. واعادت الى الاذهان نداءات المفوضة السامية لحقوق الانسان التي عبّرت فيها عن ادانتها لحملة الاعدامات في العراق ووصفتها بأنها تشبه ذبح المواشي في مجزرة، طالبة بارسل لجنة تقصي حقائق الى العراق عن هذا الموضوع وكل ما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان الجارية فيه منذ عام 2003.
كما جرى تقديم بيان مكتوب الى المجلس عن موضوع الاعدامات والمحاكمات غير العادلة صدر بالوثيقة المرقمة A/HRC/23/NGO/47 المؤرّخة في 22/5/2013، ووزّع ضمن وثائق الدورة 23 لمجلس حقوق الانسان.
رابط الوثيقة: Summary and arbitrary executions in Iraq
واستكمالاً لما تقدّم، جرى في الحوار التفاعلي مع المقرّر الخاص للأمم المتحدّة المعني باستقلال القضاء والمحامين تقديم بيان عن حالة القضاء في العراق منذ الغزو الامريكي عام 2003، وما تعرّض له النظام القضائي من تدمير متعمد يقوّض كل اسس القضاء النزيه المستقل. وتطرقت السيدة دونغيز الى الاساليب التي ادخلها المحتل الامريكي في عمل اجهزة حفظ النظام التي ساهمت هي الاخرى في استبعاد دور القضاء في الكثير من مراحل الاجراءات في مراكز الاحتجاز والمعتقلات حيث تولتها اجهزة الامن والشرطة التي تلجأ الى الاساليب القسرية في الاستجواب لانتزاع الاعترافات والتي غالباً ما تستخدم كأدلة لاعدام المتهمين خاصة وان السلطات القائمة في العراق تطبّق عقوبة الاعدام على نطاق واسع جداً. وطالبت باتخاذ كل الاجراءات اللازمة لضمان استقلال القضاء في العراق وان يتولى المقرّر الخاص تناول الامرفي تقاريره اللاحقة.
وتقدّم التحالف ايضاً ببيان مكتوب الى المجلس يسلط الضوء على ما لحق بالنظام القضائي في العراق من تدمير وتخريب، وقد صدر البيان بالوثيقة المرقمة A/HRC/23/NGO/97 المؤرّخة في 28/5/2013، ووزّع ضمن وثائق الدورة 23 لمجلس حقوق الانسان.
رابط الوثيقة: The impact of war and occupation on the Iraqi judicial system, 2003 – 2013
الانتهاكات ضد المتظاهرين في العراق
وفي الحوار التفاعلي مع مقرّر الأمم المتحدة المعني حرّية التجمع السلمي، قدمت السيدة يانيت باهينا، من مركز جنيف الدولي للعدالة، بياناً في الجلسة العامة لدورة مجلس حقوق الانسان شرحت فيه ما يتعرّض له المتظاهرون في العراق من انتهاكات واعتداءات تقوم بها اجهزة السلطة من قوات الأمن والجيش رغم ان التظاهرات حافظت منذ بدايتها على الطابع السلمي لها لكن السلطات العراقية ومن خلال رئيس الوزراء قد باشرت تهديداتها ضد المتظاهرين واصمة اياهم بالارهابيين، وهاجمت عددا من اماكن التظاهر وخاصة في الفلوجة والموصل، ثم ارتكب جريمة شنيعة بالهجوم الواسع النطاق ضد المتظاهرين السلميين في مدينة الحويجة التي ادّت الى مقتل 80 متظاهراً وجرح اكثر من مائة آخرين. وطالبت الأمم المتحدّة باتخاذ كل الاجراءات اللازمة لردع سلطات المالكي عن انتهاكاتها المستمرة.
كما جرى تقديم بيان مكتوب الى المجلس عن الانتهاكات التي يتعرّض لها المتظاهرون وساحات الاعتصام وقد صدر البيان بالوثيقة المرقمة A/HRC/23/NGO/93 المؤرّخة في 28/5/2013، ووزّع ضمن وثائق الدورة 23 لمجلس حقوق الانسان.
رابط الوثيقة: Violations of freedom to peaceful assembly and association in the Republic of Iraq
تدمير النظام التعليمي
وضمن الحوار التفاعلي الذي اجراه المجلس مع المقرّر الخاص المعني بالتعليم شرحت السيدة دانيلا دونغيز حالة التعليم في العراق خلال السنوت العشر الماضية التي اعقبت الغزو والاحتلال الامريكي للعراق. واوضحت انه اضافة الى تدمير البنى التحتية للتعليم من مدارس وجامعات، من قبل قوات الاحتلال ثم السلطات العراقية، فان التدمير قد طال النظام التعليمي الذي كان يعدّ واحداً من افضل الانظمة التعليمية في المنطقة من ناحية المناهج ونسب الطلبة الذين ينخرطون في التعليم فضلاً عن تذليل كل العقبات امام الطلبة، ذكوراً واناث، للتمتع بالحقّ في التعليم. واشارت انه بعد القضاء على الأمية في العراق قبل الغزو فاننا نجد اليوم ان معدلات الامية تتصاعد وانه لا توجد مؤشرات على اي تطور ايجابي خلال هذه السنوات، ودعت الى التحقيق الدولي لما جرى من تدمير للتعليم في العراق ومحاكمة كل المسؤولين التي تسببوا في هذه الكارثة.
السلطات العراقية لم تلتزم بوعودها امام المجلس
في بيان اثناء المناقشة العامة لألتزامات الدول ضمن المراجعة الدورية الشاملة القت السيدة يانيت باهينا بياناً اكدّت فيه لمجلس حقوق الانسان ان السلطات العراقية لم تنفذ ايّ من الالتزامات التي تعهدت القيام بها في بياناتها امام المجلس عام 2010 اثناء مراجعة حقوق الانسان في العراق والتي اكدّت فيها الالتزام باتخاذ خطوات محدّدة لتحسين حالة حقوق الانسان في العراق. وقالت انه على العكس من ذلك فأن حالة حقوق الانسان تتدهور من يوم الى آخر وان الأوضاع في العراق هي اكثر مأساوية من اي وقت مضى وان محاولة السلطات العراقية تصوير الحالة عكس هي محاولة لا تنطلي على احد. وطالبت المجلس باتخاذ الخطوات والاجراءات اللازمة لتحسين حالة حقوق الانسان في العراق ولحمل السلطات على تنفيذ الالتزامات الخاصة بذلك.
نداء من اجل العدالة للعراق
وفي المناقشة العامة التي اجراها مجلس حقوق الانسان لقضايا حقوق الانسان التي تتطلب اهتماماً تم تقديم بيانين ركّزا على سبل تحقيق العدالة للعراق. ففي البيان الأول استعرضت السيدة يانيت باهينا من مركز جنيف الدولي للعدالة ما جرى من دمار وانتهاكات عقب الغزو الأنجلوـ امريكي للعراق عام 2003 ومن ذلك استخدام الاسلحة المحرّمة دولياً، مما ادّى الى التدمير المتعمد للبيئة العراقية ونتج عنه ارتفاع نسب الاصابة بالأمراض. وتحدّثت عن التدمير الكامل للبنى التحتية وللمدن والآثار وما تعرّضت له من سرقات. كما تحدّثت عن تأثير الغزو المباشر على الاطفال خاصة الانتشار الواسع للولادات المشوهة، والزيادات الهائلة في اعداد الأيتام والمشردّين داخلياً وازدياد حالات الاختطاف. وتناولت انتهاكات حقوق الانسان تحت الاحتلال وكيف انها تواصلت وازدادت لاحقاً ثم تفاقمت تحت سلطة المالكي. هذا بالاضافة الى التدمير الممنهج للتعليم وخاصة تدمير التعليم العالي.
وفي البيان الثاني قالت السيدة دانيلا دونغيز ان العراق بعد الاحتلال غدا من اسوء المناطق في العالم من ناحية انعدام الخدمات، انهيار انظمة الصحة والتعليم، انتشار الفساد، انعدام الامن، التعذيب و الأعدامات على نطاق واسع. واكدّت انه لذلك كله ولغياب العدالة فقد خرج ملايين العراقيين بتظاهرات. واستهجنت قول ممثل المالكي امام المجلس ان العراق فيه دستور يضمن الحرّيات والحقوق، مؤكدّة عدم شرعية الدستور الذي وضعه المحتل وعدم شرعية الاجراءات التي وضعت تباعا. وتساءلت كيف تدّعي السلطات احترام حقوق الانسان وهي تمارس الاعتقالات والتعذيب والتدخل في شؤون القضاء وقتل المتظاهرين السلميين واغلاق القنوات الفضائية؟ واضافت ان بيان السلطات العراقية امام المجلس يؤكد ان هذه السلطات لن تلتزم بالمناشدات وليس لديها أية نيّة لتحسين سجل حقوق الانسان كما انها لم تقم لحد الآن بمحاسبة من يقومون بالانتهاكات والجرائم من السلطات الحكومية مما يتطلب ارسل بعثة تقصي حقائق دولية.
وطالب البيانان المجتمع الدولي ان ينهض بمسؤولياته طبقا لميثاق الأمم المتحدة وان تجري مراجعة لما حدث للعراق، كدولة وكشعب، وان تجري اجراءات المحاسبة لكل من ساهم في الغزو والاحتلال من اجل تحقيق العدالة للعراق. واكدّا ان الشعب العراقي ما يزال ينتظر ان تقوم الأمم المتحدّة وهيئاتها باحترام مسؤولياتها وان تسعى لمحاسبة كل المشاركين في الغزو والاحتلال والتحقيق في كل الانتهاكات والجرائم وتقديم الفاعلين الى العدالة، وتقديم تعويضات كاملة كاحدى وسائل تحقيق العدالة للعراق والشعب العراقي وتغطية كل نفقات تنظيف البيئة العراقية وازالة مخلفات الغزو والعمليات العسكرية. وطالبا بتشكيل لجنة تحقيق دولية، وتعيين مقرّر خاص لحقوق الانسان في العراق.
البيان الثاني
وكان التحالف قد قدّم نداءً الى المجتمع الدولي، والأمم المتحدة بصورة خاصة، من اجل تحقيق العدالة للعراق. وقد صدر النداء في الوثيقة التي تحمل الرقم A/HRC/23/NGO/45 المؤرّخة في 17/5/2013، عن الامم المتحدّة/ مجلس حقوق الانسان ضمن الوثائق الرسمية للدورة 23 لمجلس حقوق الإنسان التي عقدت في جنيف خلال الشهر الجاري (حزيران 2013). وتضمنّت الوثيقة (النداء) الموقعة من ما يقرب من 300 منظمة غير حكومية، 14 مطلباً الى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي باعتبارها خطوات لا بدّ منها لتحقيق العدالة للعراق. وتنص هذه المطالب على انهاء كل ما تبقى من مظاهر الاحتلال، وتنفيذ قرارات مجلس الامن بالمحافظة على وحدة العراق، و محاسبة كل المخطّطين والمساهمين في الغزو والاحتلال غير المشروعين للعراق، وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا – وما يعرف أيضا باسم "تحالف الراغبين"، اعادة اعمار كل ما دمرخلال الحرب والاحتلال، تنظيف البيئة ودفع تعويضات كاملة عن كل الخسائر.
الغزو، جريمة ضد السلام
اكدّت الوثيقة ان الغزو يندرج، قانوناً، ودون ادنى شك تحت تعريف جريمة ضد السلام وفقا لميثاق نورمبرغ، وطبقاً للفقرة (أ) من المادة السادسة منه. ولذلك فأن شن هذه الحرب، والمساهمة فيها، يستتبع العواقب القانونية للمعتدين، ويوفّر الأساس القانوني لحقوق الضحايا. وبالتالي يجب أن تخضع كل الدول التي شاركت في الغزو والاحتلال باية صورة كانت الى المسائلة.
واستهجنت الوثيقة تلك الأصوات التي باتت معزولة والتي كانت تصف الغزو بأنه "تحرير"، واوضحت الوثيقة الدمار الهائل الناجم عن الغزو والاحتلال خلال الاعوام العشرة الماضية على الاحتلال (2003-2013). وكيف ان الولايات المتحدة انتهجت سياسة أدّت إلى تحويل العراق الى دولة فاشلة وسعت لتقسيم المجتمع على أسس طائفية وعرقية. كما اوضحت الوثيقة إلى انهيار الخدمات العامة بعد الاحتلال، والانتهاك المنهجي لحقوق الإنسان، وتدمير حضارة وثقافة عميقة الجذور واغراق البلاد في حالة من الفوضى.
كما تناولت الوثيقة العمليات العسكرية للتحالف ضد المدنيين ومنها الهجمات واسعة النطاق على المدن مثل الفلوجة، وغيرها من العمليات التي أدّت إلى وفيات كبيرة وعمليات تهجير واسعة النطاق. كما تحدّثت عن الظروف التي تعرّض لها اللاجئون العراقيون وآثارها السلبية على اسرهم. وكذلك، ما تعرّض له نظام التعليم في العراق من تدمير وحملات لاغتيال الاكاديميين وتدني مستواه جرّاء سيطرة الطائفيين والمتخلفين عليه بعد ان كان واحداً من افضل الأنظمة في المنطقة. وتحدّث التقرير عن معدلات البطالة مرتفعة، وانه وفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة اخرى فأن ثلث السكّان يعيشون في فقر.
وتؤكد الوثيقة انه على الرغم من أن الولايات المتحدة قد اعلنت انسحاب جيشها النظامي بحلول نهاية عام 2011، فأن العراق لا يزال تحت الهيمنة الأجنبية. وقد تم فرض دستور على الشعب العراقي في انتهاك للقانون الدولي واتفاقيات جنيف والجدير بالذكران إجراء انتخابات على اسس سليمة هو امر مستحيل في ظل الهيمنة الأجنبية، وطالما أن حقّ الشعب العراقي بتقرير مصيرة وبأدارة شؤونه هو حقّ مغيّب حاليا، فأن من السخرية القول ان هنالك ديمقراطية وعدالة.
إنتقاد دور الأمم المتحدة
انتقدت الوثيقة موقف الأمم المتحدة، وهيئاتها، فيما يتعلق بالعراق. فرغم أن مجلس الأمن الدولي في القرار 1859 المؤرّخ في 22 ديسمبر 2008 قد اكدّ على الالتزام باستقلال وسيادة ووحدة وسلامة أراضي العراق وشدّد على مبدأ عدم التدخل في شؤونه الداخلية، الاّ ان من اوجه القصور ما يلي:
أن الأمم المتحدة لم تدن بصورة رسميّة الغزو غير الشرعي واحتلال البلاد وهو ما يخالف ميثاقها.
أن الأمم المتحدة لم تدن محاولات الولايات المتحدة ودول الجوار لتقسيم البلاد.
أن الهيئات الرسمية للأمم المتحدة قد اهملت الدولة العراقية وشعبها. وانه خلافا لقرارات مجلس الأمن المختلفة، فأن حالة حقوق الإنسان في العراق لم تتحسن.
فشلت الجهات الرسمية للأمم المتحدة في التحقيق في موجة من الاغتيالات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أعقاب الغزو عام 2003، التي ارتكبتها القوات الأنجلو ـ أمريكية والمرتزقة والمضحكين المحلية.
أن الهيئات الرسمية للأمم المتحدة، قد فشلت في تحمّل مسؤولياتها بموجب القانون الدولي لإدانة ما احدثته سلطات الاحتلال من دمار، للدولة العراقية، مؤسساتها، بنيتها التحتية، النسيج الاجتماعي، الطبقة المتوسطة المهنية، ومخزون ثروتها التاريخية.
العراق لا يزال تحت سيطرة القوى الأجنبية
توضّح الوثيقة ان العراق لا يزال تحت سيطرة القوى الأجنبية والإقليمية. وبناءً على ذلك فأن الحركات (العراقية) المقاومة للاحتلال تعارض ما تُطلق عليه بـــ "الوجه الثاني للاحتلال." وهذا يشمل الهياكل التي فرضتها الولايات المتحدة، من حكومة طائفية ودستور يؤسس للانقسام.
وتطلب من هيئات حقوق الإنسان ان تنهض بواجباتها لدعم توق الشعب العراقي الى تقرير مصيره. ويطالب بدفع تعويضات كاملة لكل المواطنين الذين تأثروا في الحرب. وان تتحمل جميع البلدان المشاركة في غزو العراق المسؤولة عن الأضرار التي لحقت بنظام البنية التحتية والهياكل الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليم، فضلا عن التاريخية.
المساءلة لتحقيق العدالة للعراق
ولما تقدّم فان المنظمات غير الحكومية الموقعة على الوثيقة تطالب بأن يكون عام 2013 حيث مرور عشر سنوات على غزو العراق، عاماً للمساءلة ولتحقيق العدالة العراق، من خلال:ـ
1. إنهاء جميع الجوانب المتبقية من الاحتلال: جميع المستشارين العسكريين والمدنيين الأجانب والمتعاقدين الأمنيين والمرتزقة يتوجب عليهم مغادرة العراق. ان الأطر السياسية والقوانين التي فُرضت تحت هذا الاحتلال تتنافى مع اتفاقيات جنيف.
2. العمل من أجل وحدة العراق: بالنظر إلى الموقع الجيوسياسي والموارد الغنية، فان استقرار العراق ليس فقط في مصلحة مواطنيه، بل انها تصب في مصلحة دول الجوار والعالم ككل. الشعب العراقي يرغب في الحفاظ على دولة موحدة، في حين أن الولايات المتحدة تخطّط الى تقسيمه الى ثلاث كيانات. من هنا فأن الأمم المتحدة مدعوة لتحمّل مسؤولياتها من أجل الاستقلال والسيادة وسلامة أراضي العراق وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1770 من 10 أغسطس 2007.
3. لقد اكدّ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1770 على: " .... ضرورة أن تنبذ جميع الطوائف في العراق التعصب الطائفي، وأن تشارك في العملية السياسية وفي حوار سياسي ومصالحة وطنية شاملين من أجل تحقيق استقرار العراق ووحدته في اﻟﻤﺠال السياسي "، ومع ذلك:
أ. كانت العملية السياسية في ظل الاحتلال الأنجلو أمريكية تحت سيطرتهما.
ب. ان الغزو الأنجلوـ أمريكي هو من غذّى التوترات الطائفية من خلال دعم الجيش لعنف الميليشيات.
ج. ان الأفراد والحركات التي دافعت عن استقلال ووحدة العراق تعرّضت، بصورة منهجية، إلى الترهيب والاعتقال والتعذيب والإعدام. كما تم، تحت ستار "مكافحة الإرهاب"، التعامل بكل قسوة مع المعارضة القانونية والشرعية للاحتلال الأمريكي.
4. حماية المهجرين داخليا وخارجيا. فمنذ الغزو، اضطر الملايين من العراقيين الى النزوح من ديارهم أو اللجوء خارج العراق. ان هؤلاء جميعاً لهم الحقّ في العودة، ولكن في ظل غياب الأمن و الاستقرار فان هذه العودة غير ممكنة. لذلك، يتوجب اتخاذ تدابير فورية بما يحفظ حقوقهم وكرامتهم. إن دول الاحتلال يجب ان تتحمل تقديم الدعم المالي والسياسي للاجئين بالتعاون مع الهيئات الإنسانية الدولية مثل المفوضية السامية للاجئين، اللجنة الدولية للصليب الاحمر، وبعثة الأمم المتحدة في العراق.
5. ضمان التوزيع العادل للثروة. على الرغم من عائدات النفط الهائلة التي جناها العراق بين عامي 2003 و 2013 (تشير التقديرات إلى أنها قد بلغت نحو 700 مليار دولار أمريكي)، فقد فشلت السلطات القائمة بعد الاحتلال بتوفير الخدمات الاجتماعية مثل العناية الصحيّة والأمن والوظائف والرعاية الصحية والمدارس والكهرباء وكذلك المياه الصالحة للشرب. لقد اكدّت وكالات الامم المتحدة وخاصّة المفوضية العليا للاجئين أن 70٪ من سكان العراق لا يحصلون على مياه الشرب المأمونة، وان 80٪ لا توجد لديهم إمكانية الوصول إلى مرافق الصرف الصحي الفعالة. وأن ارتفاع نسبة البطالة الى أكثر من 50٪ يشكلّ امراً خطيراً. هذه مأساة إنسانية تؤثر بشكل خاص على النساء والأطفال. أثبت نظام الحصص التموينية فعاليتة خلال فترة العقوبات. ومن الأهمية بمكان أن يتم ضمان وصول الحصص الغذائية إلى المشردين داخلياً والمستضعفين في المدن والقرى في جميع أنحاء العراق، خصوصا تلك التي تتعرض في احيان كثيرة الى أفعال غير شرعية من العقاب الجماعي. ويجب بذل المزيد من بذل الجهود للتخفيف من معاناة الفئات الضعيفة مثل الأرامل والأيتام والأسر التي تعيلها نساء وكبار السن والعاطلين عن العمل. إن برنامج توزيع الحصص الغذائية يجب ان يتوسع على الفور، وان يتم تقديم المساعدات النقدية في حالات الطوارئ وزيادة ضمان الدفع المنتظم للمتقاعدين.
6. استعادة النظام الصحي. اثر الغزو والاحتلال، انهار النظام الصحي الذي كان يعدّ الأفضل في المنطقة. ولقد خرج ما يقرب من 75٪ من الكادر الطبي من الخدمة، واضطر ما يقرب من نصفهم الى مغادرة البلاد. وحتى بعد عشر سنوات من ما يسمّى "إعادة الإعمار" فأن الخدمات الصحية في العراق لا تزال لا تلبي الحد الأدنى من المعايير. وتؤكدّ منظمة الصحة الدولية زيادة حالات أمراض الإسهال والكوليرا بسبب مياه الشرب الملوثة. لذلك يجب استعادة النظام الصحي إلى مستويات ما قبل الغزو. ويجب اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة الكادر الصحي. ولم يعدّ مقبولاً أن يتم اغتيال الأطباء، او انهاء خدماتهم أو تعرّضهم للتهديد من قبل المليشيات المسلحة.
7. وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان. يستند الجهاز الأمني في العراق على القوة والعنف. وقد واصلت حكومة المالكي الاعتقال الجماعي والتعذيب وسوء المعاملة التي استخدمها الاحتلال الأمريكي. وتتصاعد حملات الاعتقال التي تقوم بها القوات الأمنية. كما تقوم قوات الأمن بعمليات تفتيش من بيت الى آخر وهي تحمل قوائم بمطلوبين اليها في بغداد وغيرها من المحافظات. وهكذا يقبع عشرات الآلاف من العراقيين في السجون الرسمية ومرافق الاحتجاز السرّي وترفض السلطات منح العوائل فرصة تفقد ابناءهم من السجناء، كما لا تُبّلغ عن اماكن احتجازهم، و التهم الموجهة لهم. اما التعذيب فانه مستمر على نطاق واسع. وتجري حملات الإعدام على أساس منتظم. ان العديد من السجناء الذي يقبعون في جناح المحكوم عليهم بالإعدام، لم ينل أياً منهم الفرصة في محاكمة عادلة. الوكالات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان الرئيسة تقيّم النظام القضائي العراقي على أنها فاسد وغير فعال. كما ان المئات من المحامين قد اغتيلوا. ومن هنا فقد طالبت المنظمات غير الحكومية بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين. وتدعو لوقف الاعتقالات التعسفية وعمليات الإعدام وإلى فرض حظر على عقوبة الإعدام. وينبغي ان تتاح للصليب الاحمر وللهيئات الدولية لحقوق الإنسان فرص الوصول غير المشروط إلى جميع مراكز الاحتجاز في العراق.
8. العمل على تحديد المفقودين والمختفين قسرياً في العراق. منذ عام 2003 تم الإبلاغ عن ان عدداً كبير من أبناء الشعب العراقي همّ في عدّاد المفقودين. هنالك تقديرات عامة للعدد بين 250 الفاً و مليون، بينهم أكثر من 90 الفاً من الاطفال. وتحدث عمليات الخطف والاختطاف والاحتجاز على اساس يومي. ان مصير المختفين ما زال مجهولاً. ومن المؤكدّ ان العديد منهم يقبعون في السجون، او قد توفوا في الحجز بسبب التعذيب وسوء المعاملة أو أعدموا. هذه الحالات يجب ان يتم الكشف عنا باقصى ما يمكن من قبل قوات الاحتلال والسلطات العراقية وميليشياتها وذلك تطبيقاً للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (ICCPED) التي اصبحت ملزمة للعراق منذ عام 2010.
9. تقديم التعويضات. إن جميع البلدان التي ساهمت بصورة او باخرى بغزو واحتلال العراق هي المسؤولة عن تكلفة إصلاح وإعادة بناء البنية التحتية العراقية، المصانع، المؤسسات الحكومية، والمدارس، وكذلك الممتلكات الخاصة التي قصفت أو تضرّرت خلال الحرب أو الاحتلال اللاحق. لجميع المدنيين الذين عانوا خلال تلك الفترة الحصول على تعويضات نقدية كافية.
10. تغطية تكلفة إزالة القنابل العنقودية والذخائر. لقد قامت وزارة الدفاع الأمريكية باختبار أنواع عديدة من اليورانيوم المنضب، المواد الحرارية والكيميائية، والموجات الدقيقة، وأسلحة أخرى في العراق. وبهذا فأنها مسؤولة عن تغطية تكاليف إزالة واصلاح ما احدثته هذه الاسلحة. وتتحمل منظمة الصحة العالمية دراسة آثار الأسلحة على حياة الشعب العراقي.
11. حماية المهنيين العراقيين والأكاديميين والصحفيين والمعلّمين. لقد تركت الطبقة المتعلّمة والمهنية البلاد بسبب الاحتلال، وهو ما أضعف القدرة على بناء دولة فاعلة وأدّى ذلك إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي. إن سلطات الاحتلال والسلطات العراقية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تدمير النظام التعليمي العراقي.
12. تقييم الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية في العراق. يجب أن تُحمّل دول الاحتلال المسؤولية عن سرقة ونقل عشرات الآلاف من القطع الأثرية الثمينة إلى بلدانها. ينبغي أن تتحمل كلف ترميم المواقع المتضرّرة. كما يجب حماية هذه المواقع على وجه السرعة.
13. يجب على البلدان التي ساهمت في الحرب والاحتلال ان تتحمل المسؤولية طبقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ومن غير المقبول انه لم يجرٍ، لحد الآن، تحميل اي مسؤول من الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولية عن سياسات الولايات المتحدة ضد العراق أو عن الأكاذيب التي استخدمت ذريعةً لشنّ الحرب. وعلى الرغم من تخفيض وجود الولايات المتحدة في العراق، فأن البلاد قد دمِّرت بالكامل، ويجب ان تكون لاجراءات المساءلة اولوية قصوى على جدول أعمال الأمم المتحدة. أن سلطات الاحتلال بحاجة للمساءلة بموجب القانون العراقي والدولي. أن جرائم حرب يجب ان يجري التحقيق فيها من قبل المحكمة الجنائية الدولية طبقاً لاجراءاتها.
14. ينبغي على مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ان يراقب عن كثب انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات العراقية، و "المستشارين" الأمريكيين، والمرتزقة الأجانب والقوى الإقليمية المهيمنة في العراق. كما ينبغي ان يتم، وعلى وجه السرعة، تعيين مقرّر خاص للعراق. ويجب اتخاذ كافة التدابير اللازمة لإنهاء الحالة الراهنة من الإفلات من العقاب، سواء داخل العراق او فيما يتعلق بانتهاكات ومسؤوليات دول الاحتلال على وجه الخصوص.
نص الوثيقة المعنونة ــ نداء من اجل العدالة للعراق: A call for Justice to Iraq