مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الدورة الرابعة والثلاثون
27/2 الى 24/3/2017
إن الحالة السياسية وحقوق الإنسان في ميانمار تخضع للتمحيص منذ عقود عدة بسبب الحرب الأهلية التي طال أمدها وعملية الانتقال الجديدة إلى الديمقراطية. وخلال الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان، أقرّت الدول والجهات الفاعلة في المجتمع المدني بالتحدّيات التي تواجهها حكومة بورما الجديدة؛ بيد أن الحكومة وقوات الأمن تعرّضت لانتقاداتٍ شديدة بسبب انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وكان مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان والمقرّرة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في ميانمار مستائين للغاية بشأن الانتهاكات الواسعة النطاق والمنتظمة، ولا سيما فيما تعلق بأقلّية الروهينجا المسلمة. وأعرب أعضاء لجنة حقوق الإنسان عن قلقهم إزاء تصعيد الأعمال العدائية في كاشين وتشان، وكذلك إدانتهم العنف ضد الروهينغا في ولاية راخين الشمالية.
وفي نهاية الدورة، اعتمد مجلس حقوق الإنسان القرار A/HRC/34/L.8/Rev.1 "حالة حقوق الإنسان في ميانمار" وتم تمديد ولاية المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في ميانمار لفترة إضافية مدتها سنة واحدة، وطلب من المقرر الخاص أن يقدم تقريرا مرحليا شفويا إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الخامسة والثلاثين وأن يقدم تقريرا إلى اللجنة الثالثة في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة وإلى مجلس حقوق الانسان في دورته السابعة والثلاثين، ودعت المقرر الخاص إلى مواصلة رصد حالة حقوق الإنسان وقياس التقدم المحرز في تنفيذ التوصيات التي قدمها المقرر الخاص.
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين
خلال كلمته الافتتاحية، استعرض المفوض السامي للأمم المتحدة السيد زيد بن رعد الحُسين، التقرير المقتضب الذي أصدره مكتبه في شباط / فبراير حول نطاق وخطورة العمليات التي قامت بها قوات الأمن في ميانمار ضدّ رجال ونساء وأطفال الروهينجيا في ولاية راخين خلال تشرين الأول / أكتوبر 2016. هذا التقرير المقتضب جاء ثمرة عمل ميداني من خلال اجراء مقابلات مع اللاجئين في بنغلاديش، ويحتوي على أدلة مادّية وشهادات شهود عيان عن عمليات القتل الجماعي، بما في ذلك الأطفال والأطفال والمسنين غير القادرين على الفرار، وحرق قرى بأكملها؛ اطلاق الرصاص؛ الاحتجاز الجماعي؛ والاغتصاب المنظم والعنف الجنسي؛ والتدمير المتعمد للأغذية ومصادر الغذاء.
وعلاوة على ذلك، اكدّ المفوّض السامي أن شدة الانتهاكات المُبّلغ عنها، في ظل اضطهاد شديد وطويل الأمد، ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية، مما يستدعي تدّخل المحكمة الجنائية الدولية. وحثّ المفوّض السامي مجلس حقوق الإنسان، على إنشاء لجنة تحقيق في العنف ضد الروهينجا، على الأقل، وخاصّة خلال العمليات الأمنية منذ 9 أكتوبر 2016، "أكرّر طلبنا الدائم بفتح مكتب للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في البلاد".
المقرّرة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في ميانمار، السيدة يانغي لي
قدّمت السيدة يانغي لي تقريرها المرحلي (التقرير الثالث) وأطلعت المجلس على فحوى زيارتين لميانمار قامت بهما خلال الفترة الماضية (حزيران / يونيه 2016 وكانون الثاني / يناير 2017). وأعربت السيدة لي عن شكرها لميانمار على التعاون والمحاولات الرامية إلى تحسين الانخراط في ولايتها، وفي الوقت نفسه تسائلت بشكل جدّي عن حقيقة وطبيعة هذا التعاون، كما أبدت تأسفها إزاء الرفض المتكرّر، وفي آخر لحظة، لزيارات عدّة أرادت ان تقوم بها في مناطق معينّة في ولاية كاشين، وبالتالي فهي تعتبر انها لم تتمكن من الاستفادة بشكل كامل من زياراتها لميانمار. وأشارت السيدة لي إلى المعايير المرجعية المقترحة التي ينبغي أن توافق عليها ميانمار على النحو المشار إليه في قرار لجنة حقوق الإنسان والتي أوضحتها خلال زياراتها. وشدّدت المقرّرة الخاصّة بقوة على حيادها والتزامها التام بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها والعمل بها في ميانمار.
وأشارت، يانغي لي، الى المهام الرئيسة لحكومة ميانمار وهى: اصلاح وتحديث جميع فروع الحكومة الثلاثة. وأشارت إلى القيود المفروضة على حرّية التعبير والاضطهاد ضدّ النشطاء وأولئك الذين يعارضون الحكومة، والإساءة للبيئة، فضلا عن التمييز ضد مجتمع الروهينجا. وأعربت المقرّرة الخاصّة عن قلقها إزاء الأعمال القتالية المسلّحة في ولايتي كاشين وتشان وأثرهما على المدنيين. وأخيراً، أوصت بافتتاح مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في ميانمار بولاية كاملة.
الدولة المعنية: ميانمار
كرر مندوب ميانمار اعتراضه على ولايات الإجراءات الخاصّة بكل بلد على حدة لتفادي إيلاء اهتمام غير متناسب. وارجع مندوب ميانمار رفض سلطات بلده السماح بزيارات المقرّرة الخاصّة لأسباب واحتياطات أمنية واتهم ادعاءاتها بكونها أحادية الجانب. وفيما يتعلّق بالعمليات الأمنية في ولاية راخين، أشار المندوب إلى توقف العمليات وانه قدّ تم تخفيف حظر التجول. وشجّع المندوب ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان على العودة إلى ميانمار وتزويد وكالات إنفاذ القانون بالأدلة ذات الصلة. وأخيراً، ذكّر المندوب مجلس حقوق الإنسان بأن اللجنة الاستشارية المعنيّة بخبراء ولاية راخين المكوّنة من خبراء محلّيين ودوليين برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي عنان ينبغي أن تستكمل تقريرها في آب/ أغسطس من عام 2017. وطلب مندوب ميانمار التفهم والصبر والدعم من المجتمع الدولي، والأمم المتحدة بطريقة عادلة وبناءة وموضوعية.
أعضاء مجلس حقوق الإنسان:
وطرح العديد من المندوبين أسئلة على المقرّرة الخاصّة بالإضافة إلى البيانات. وأشادت هولندا، باسم الاتحاد الأوروبي، بتعاون ميانمار مع المقرّر الخاصّ واللجان المشتركة والجهود المبذولة لإرساء الديمقراطية والسلام في ميانمار!. بيد ان مندوب الاتحاد الاوروبى اعرب عن قلقه الشديد ازاء انتهاكات حقوق الانسان لمجتمع الروهينجيا فى راخين وتصاعد الأعمال العدائية فى ولايتى كاشين وتشان. وأخيراً، دعا مندوب الاتحاد الأوروبي إلى القضاء على التمييز والاضطهاد للأقليات الدينية والإثنية في ميانمار، والتحقيق المستقل في انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات، فضلاً عن إتاحة إمكانيّة الوصول إلى المراقبين والمساعدات الإنسانية. وأضافت بولندا ملاحظات بشأن تصعيد التمييز ضد الأقليات العرقية والدينية ومواصلة عمل الأطفال. وأعربت كرواتيا عن أملها في أن يمدّد مجلس حقوق الإنسان ولاية المقرّرة الخاصّة ورحبت بمشاريع المعايير المشتركة.
الفلبين (بالنيابة عن مجموعة رابطة أمم جنوب شرقي آسيا)
أشادت الفلبين بتعاون ميانمار مع المقرّرة الخاصة، وشجعت على مواصلة التماس المساعدة من المجتمع الدولي في التصدّي للتحديات المتبقية. كما اشاد مندوب الفلبين بالجهود التى تبذلها حكومة ميانمار فى ولاية راخين وتعاونها مع الامم المتحدة و رابطة أمم جنوب شرق اسيا والمنظمات غير الحكومية لتلبية احتياجات المجتمعات بطريقة غير تمييزية ونزيهة، وشجعها على حل القضايا بالوسائل السلمية بما في ذلك وصول المساعدات الإنسانية دون إعاقة. وبالإضافة إلى ذلك، اكدّت استعداد الرابطة لتقديم المساعدة الإنسانية.
باكستان (بالنيابة عن منظمة المؤتمر الإسلامي)
رحبت المندوبة الباكستانية بتقرير المقرّرة الخاصّة وأعربت عن تأييدها الكامل لولايتها. ودعا المندوب ميانمار الى وقف العنف ضد اقلّية الروهينجيا والتحقيق فى الانتهاكات فى ولاية راخين وتقديم الجناة الى العدالة فى غضون فترة زمنية معقولة واستعادة مواطنتهم وضمان حرّيتهم فى الحركة.
الولايات المتحدّة
توجّهت الولايات المتحدّة الامريكية بالشكر إلى المقرّرة الخاصة وأعربت عن تأييدها القوي للنتائج التي توصلت إليها. وحث المندوب الامريكى ميانمار على مواصلة حماية السكان المحليين فى مناطق النزاع المسلّح والتحقيق فى الادعاءات بشكل شامل وخاضع للمساءلة ومساءلة المخالفين وحماية اولئك الذين يبلغون عن الانتهاكات. وأعرب أيضا عن وجهات نظر مشتركة مع المقرّرة الخاصّة بشأن الاعتقالات التعسفية للصحفيين وأعضاء الأقليات الدينية والإثنية والمجتمع المدني أثناء ممارستهم لأنشطتهم الإنسانية.
المملكة المتحدة
أقرّت المملكة المتحدة بالتحدّيات التي تواجهها الحكومة المنتخبة حديثاً. ومع ذلك، أعربت المملكة المتحدة عن قلقها إزاء شواغل المقرّر الخاص بشأن حرّية التعبير والعمل الجبري والآثار المدمرة للأعمال العدائية المسلحة، ولا سيما على مجتمع الروهينجا.
تركيا
اشاد مندوب تركيا بجهود حكومة ميانمار. بيد أن المندوب التركي أدلى بملاحظات وانتقادات فيما يتعلق بالوضع في ولاية راخين وأشار إلى أن المواطنة ينبغي أن تمنح الاستحقاقات على قدم المساواة.
مركز جنيف الدولي للعدالة
قدم مركز جنيف الدولي للعدالة، إلى جانب منظمات غير حكومية أخرى، بياناً كتابياً بشأن حالة حقوق الإنسان في ميانمار. وتناول البيان خلفية الانتهاكات التي أُرتكبت ضد جماعة الروهينجا المستمرّة منذ عقود، وتناول الجرائم المُرتكبة ضدّ هذه الجماعة، وقيّم ردّ الحكومة على إجراءات الحماية، وخلص إلى أن الانتهاكات الواسعة النطاق والمنتظمة ضد جماعة الروهينجا المسلمة ترقى إلى جرائم الإبادة الجماعية. وأخيرا، قدم البيان المكتوب توصيات ذات صلة إلى مجلس حقوق الإنسان وحكومة بورما.
وفيما يلي مقتطفات من البيان المكتوب المقدّم من مركز جنيف الدولي للعدالة:
على الرغم من محدودية إمكانية الوصول إلى الضحايا، فقد وثقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية الجرائم البشعة التالية التي ارتكبتها حكومة بورما والشرطة والجيش والأشخاص العاديون ضد الروهينجا على أساس انتمائهم الإثني والديني :
- عمليات القتل الواسعة الانتشار بطريقة منظمة ومنهجية؛
- الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي؛
- التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة؛
- الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام بإجراءات موجزة؛
- الاستخدام المفرط للقوة والاعتقالات والاحتجاز التعسفي والظروف اللاإنسانية وسوء المعاملة في مرافق الاحتجاز؛
- حالات الاختفاء القسري؛
-الاحتلال والنهب والتدمير المتعمد لمصادر الإسكان والغذاء؛
- إعاقة المساعدة الإنسانية؛
- الفصل والانتقام.
- الحرمان من المواطنة.
- القيود المفروضة على حرية التنقل، ومحدودية أو انعدام إمكانية الحصول على التعليم، والرعاية الصحية الطارئة والرعاية الصحية الأساسية.
إن الإساءة الواسعة النطاق والممنهجة والمنظمة لأقلية الروهينغيا في ميانمار، التي تهدف بوضوح إلى تدميرها، ترقى إلى حد كبير إلى جريمة الإبادة الجماعية. حيث تتعرّض هذه المجموعة الإثنية للاضطهاد منذ عام 1982 بالاقتران مع الأفعال الإجرامية الواسعة النطاق المرتكبة ضدها منذ عام 2012 وهي عناصر لجريمة الإبادة الجماعية كما حدّدها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليّة واتفاقية الإبادة الجماعية. وعلى وجه التحديد، قتل أعضاء الجماعة، مما تسبّب في إلحاق أضرار جسدية أو نفسية خطيرة بأعضاء الجماعة، تعريض الجماعة عمداً بأوضاع حياة من شأنها أن تؤدّي إلى تدميرها المادّي كلياً أو جزئياً، وفرض تدابير ترمي إلى منع الولادة داخل المجموعة.
التوصيات
- ينبغي لمجلس حقوق الإنسان أن يؤيد على وجه الاستعجال إجراء تحقيق دولي مستقل في جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكب في ولاية راخين الشمالية؛
- يجب على حكومة بورما أن تضمن حصول أفراد مجتمع الروهينجا حالياً وبأقصى سرعة على أساسيات الغذاء ومأوى وماء والقدرة على العودة إلى مواطنهم الأصلية.
- ينبغي أن تَمنح الحكومة إمكانية الوصول الكامل لعمّال المساعدات الإنسانية الدولية والمراقبين والصحفيين إلى مناطق النزاع، ولا سيما ولاية راخين؛
- ينبغي للحكومة أن تلغي التدابير التشريعية والسياسية التمييزية التي تستهدف الأقليات الدينية والإثنية وأن ترفع القيود المفروضة على الحركة التي تعرقل الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية وأن تكثف جهودها الرامية إلى التصدي للتمييز ومكافحة التحريض على الكراهية وخطاب الكراهية المؤدي إلى العنف، والتشريع، وتنفيذ سياسات لمنح الجنسية الروهينجية البورمية وتعزيز المساواة والتسامح والتعايش السلمي؛
- يجب على الحكومة العمل مع وكالات الأمم المتحدة والاجراءات الخاصة بالولاية لتنسيق الاستراتيجيات لمعالجة الوضع الحالي ومنع الفظائع الجماعية في المستقبل.
For the English version please click here.
تقرير كوفي عنان لا يعكس مستوى الانتهاكات ضد المسلمين في ميانمار