مركز جنيف الدولي للعدالة يحذّر من كارثة إنسانية جديدة في العراق

الموصل، التالية في أجندة "التحرير": كارثة إنسانية جديدة

 

جنيف، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2016

بتاريخ 6 أكتوبر 2016، وجّه مركز جنيف الدولي للعدالة مذكّرة إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يُعرب من خلالها عن قلقه الحاد إزاء العمليات العسكرية المقرّر تنفيذها على مدينة الموصل خلال وقتٍ قريب، من قبل السلطات العراقية وقوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية.

وقدّ حذر مركز جنيف المفوض السامي من وقوع كارثة إنسانية كبيرة في حال تم تنفيذ هذه العمليات. وبيّن إنه من المرجح أن يكون حجم الدمار والخسائر البشرية أكثر كارثية من تلك التي حدثت خلال العمليات السابقة كالتي تمت في الرمادي وتكريت وآمرلي والفلوجة، وذلك نظراً للكثافة السكانية الكبيرة لهذه المدينة. ويعتقد المركز بأن اجتياح الموصل سيعني مسح مدينة عراقية أخرى من على الخريطة مما يعني أيضاً محو جزء كبير آخر من روح وقلب العراق. إن العواقب ستكون مدمّرة ولا رجعة عنها.

الخلفية:


تُعدّ الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق من حيث عدد السكان بعد العاصمة بغداد، حيث يقطنها ما يزيد على 1.5 مليون شخص. سقطت المدينة، ذات الثقافة العظيمة والأهمية التاريخية والإقتصادية، في يد داعش عام 2014. كان هذا الحدث مدمراً للمدينة وسكانها الذين وقعوا ضحايا لانتهاكات همجية على يد هذه الجماعات الإرهابية.

وكأن هذا لا يكفي، فقد تعرضت المدينة أيضاً لعدّة حملات جوية خلال السنوات القليلة الماضية على يد السلطات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. تم وتعدّ الغارة التي تم تنفيذها بتاريخ 20 مارس 2016 والتي استهدفت جامعة الموصل التاريخية، واحدة من أكثر هذه الغارات تدميراً زعماً بأنها كانت تُستخدم كمقرّ رئيسي لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش)!!.

ونتج عن هذه الغارة مقتل أكثر من 100 شخص و 150 مصاباً. 

لقد تم تمزيق هذه المدينة من قبل قوات مدمرة مختلفة. و الآن هي التالية في أجندة "التحرير" للحكومة، بعد الفلوجة (مايو- يونيو 2016).

وقائع: 

في عدة مناسبات، آخرها بتاريخ 2 أكتوبر 2016، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن معركة استعادة الموصل من يد داعش أصبحت وشيكة.

من المرجح أن العملية ستتخذ نفس نمط سابقاتها وهو أن قوات الأمن العراقية، المدعومة بمئات من الميليشيات ـ والتي تم دعمها وتدريبها وتسليحها من قبل إيران ـ ستقوم بغزو برّي، في حين أن القوات الجوّية العراقيّة، بدعم من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدّة ستهاجم جوياً. وكالمعتاد، سيتم تنفيذ المعركة تحت غطاء محاربة داعش مما يعني حصولها على مباركة دولية واسعة. 

وفي سياق آخر، فإن الحكومة، في أغلب الأمر، لن تقوم بتطوير استراتيجية شاملة من أجل السماح للمدنيين بالنزوح الآمن عن المدينة والحصول على المساعدات الإنسانية اللازمة.

إنه من المعتقد نزوح ما يزيد على 660,000 شخص من الموصل بعد الهجوم على المدينة. بالإضافة إلى أنه ما يزيد على 1.5 مليون شخص سيتأثر بشكل أو بآخر عقب هذه العملية العسكرية. 

كما أنه من المحتمل، وطبقاٌ للأمم المتحدّة، أن يصبح ما بين 12 إلى 13 مليون شخص في العراق، بحاجّة لشكل من أشكال المساعدة الإنسانية مع نهاية هذا العام (2016). وحتى الآن، هنالك ما يزيد على 3.3 مليون نازح في العراق يصارع من أجل البقاء. 

في السياق ذاته، بتاريخ 29 أيلول، وجّه السيد برونو جدو، ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في العراق، بتحذير إلى المجتمع الدولي بأن العمليات العسكرية المخطط لها من أجل استعادة الموصل ستتسبب بواحدة من أكبر كوارث النزوح البشرية في الوقت الحالي.

من خلال ما تقدم، فقد حذّر مركز جنيف الدولي للعدالة والعديد من المؤسسات غير الحكومية الآخرى، بما في ذلك هيومان رايتس واتش، آمنستي انترناشونال، وبعض منظمات الأمم المتحدة، كالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، من أن المعركة في الموصل من المرجح أن تؤدي إلى كارثة بشرية.

ملاحظات:

خلال معركة "التحرير" السابقة في مدينة الفلوجة، وعلى الرغم من وعود رئيس الوزراء بعدم السماح للميليشيات الطائفية من دخول المدينة، استباحت هذه الجماعات المسلحة المدينة وحوّلت كل شيء إلى دمار. في حين تعرّض المدنيون إلى أبشع صنوف الانتهاكات ضد حقوق الإنسان، بما في ذلك الإعدامات الجماعية، التعذيب، والاخفاء القسري، ليس لشئ سوى لانتمائهم للطائفة "الخطأ". ومن المهم التأكيد على أن هذه الجرائم ليست أعمال فردية، بل إنها اعمالٌ ممنهجة ومنتظمة تتم بيد الميليشيات الموالية للحكومة وبالتحديد تلك التابعة للحشد الشعبي، بهدف إجراء تغيير ديمغرافي في البلاد. 

وفي حالة الموصل، فإنه من الواضح أن هذه الجماعات سوف تشارك في هذه المعركة كما فعلت في المعارك السابقة، وعلى الأغلب فإنها سوف ترتكب جرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية من بمختلف الوسائل ضد عنصر معين من المجتمع العراقي، وهو العرب السنة. 

وكان مركز جنيف الدولي للعدالة قد أرسل العديد من المناشدات العاجلة من أجل تحذير مكتب المفوض السامي بأن الفلوجة ليست المدينة الأولى ولن تكون الآخيرة التي سوف تعاني هذا المصير، إلى أن يتم اتخاذ اجراء حقيقي من أجل إيقاف هذه الجرائم وجلب مرتكبيها للعدالة. واليوم، يكرّر مركز جنيف نداؤه لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان من أجل اتخاذ اجراءات عاجلة لمنع حدوث العملية العسكرية ضد مدينة الموصل، والضغط على كل الدول الأعضاء من أجل إيقاف دعم ومعاونة هذه الميليشيات، بل السعي لنزع قوتهم وشرعيتهم تمهيداً لحظرهم للأبد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مركز جنيف قد دعا ـ بشكل متكرّر ـ المجتمع الدولي ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان من أجل اتخاذ اجراء طارئ للضغط على كل من السلطات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من أجل إيقاف سياسة القصف العشوائي وايجاد منحى جديد من أجل محاربة الإرهاب النامي.

إن سياسة مهاجمة المناطق، ذات الكثافة السكانية العالية، بالقصف العشوائي أثبتت عدم فاعليتها في هزيمة مقاتلي داعش ذوو الديناميكية العالية. وفي المقابل تسبّبت في قتل وإصابة وتشريد المدنيين الأبرياء.  
ويجدّد مركز جنيف الدولي للعدالة، اليوم، نداءاته لمنع الموصل من مجابهة نفس المصير الكارثي الذي واجهته المدن العراقية الأخرى، بل والسعي لوضع استراتيجية جديدة لمحاربة الإرهاب بما يتوافق وقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

توصيات:

في ضوء الخطر المُحدق الذي يهدّد مدينة الموصل، حثّ مركز جنيف الدولي للعدالة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان على ما يلي:

  • فعل كل ما يقع ضمن مسؤولياته من أجل الضغط على كافة الأطراف التي تستعد للقتال في الموصل للإحجام عن هذه العملية العسكرية، والتي من المتوقع أن ينتج عنها كارثة إنسانية.

  • توجيه نداء لكل الدول الأعضاء، وخصوصاً تلك التي تشارك بشكل منتظم في محاربة الإرهاب، من أجل وضع استراتيجية جديدة للقضاء على هذا العدو الشرّير، نظراً لأن أسلوب تدمير مدن بكاملها وقتل سكانها أثبت عدم فعّاليته في تقليص النشاطات الإرهابية، بل على العكس ساعدت في زيادتها.

  • توجيه نداء لكل الدول الأعضاء من أجل الوقف الفوري للدعم المباشر أو غير المباشر للميليشيات الموالية للحكومة، أخذاً بعين الاعتبار الدلائل الكثيرة التي تشير إلى ارتكاب هذه الميليشيات لجرائم حرب بشعة وجرائم ضد الإنسانية.

  • في حال أن العملية العسكرية قد تم تنفيذها على الرغم من كل التحذيرات، فإن جميع أطراف النزاع وكل أعضاء الأمم المتحدة ذات الصلة يجب أن تضغط في سبيل توفير المساعدات الإنسانية الملائمة والكافية قبيل المعركة من أجل حماية المدنيين خلال وبعد الصراع.

  • في كل مراحل المعركة، من واجب مكتب المفوضية السامية الضغط على كل أطراف النزاع من أجل الامتثال، بدون أي تأجيل، إلى قوانين حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.



مواقف و تصريحات مركز جنيف الدولي للعدالة حول حالة حقوق الانسان في العراق

انخراط الميليشيات مع قوات الجيش النظامي في العراق: الطريق إلى الفوضى - اب / اغسطس 2016

العراق: تعديلات على نظام القانون الجنائي و التصديق على أحكام الإعدام تحت تهديد الميليشيات - اب / اغسطس 2016

الفلوجة: من داخل مذبحة الإبادة - تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة - مايس/مايو 2016

مركز جنيف الدولي للعدالة: جرائم التطهير العرقي و الطائفي في ديالى - كانون الثاني / يناير 2016

مركز جنيف الدولي للعدالة في نداء عاجل جدا الى الأمين العام للأمم المتحدّة والمفوض السامي لحقوق الإنسان: التخطيط لأعمال ابادة جماعية في محافظة الانبار - كانون الثاني / يناير 2016

العراق: معارك الانبار، سياسة الأرض المحروقة والابادة الجماعيّة - ديسمبر / كانون 2015

مركز جنيف الدولي للعدالة: في اليوم العالمي لحقوق الانسان، اين هي هذه الحقوق ؟ - ديسمبر / كانون 2015

مركز جنيف الدولي للعدالة: التظاهرات العراقية ممارسة لحرّية التعبير ام دفاعٌ عن الحقّ في الحياة؟ - آب / أغسطس 2015

مركز جنيف الدولي للعدالة يتهم وزارة حقوق الإنسان في العراق بأنها تبذل جهدا كبيرا للتغطية على الجرائم التي تستهدف طائفة يعينها وتصنيفها ضمن خطط الحرب على الإرهاب - تموز / يوليو 2015

داعش ليس كل مشاكل العراق - أيار / مايو 2015

تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة عن حالة حقوق الانسان في العراق - تشرين الثاني / نوفمبر 2014

معضلة العراق الكبرى : تقرير صحفي صادر عن مركز جنيف الدولي للعدالة بخصوص الوضع في العراق - آب / أغسطس 2014

مركز جنيف الدولي للعدالة : المطلوب في العراق حلّ جذري لا عملية تجميلية - تموز / يوليو 2014

متى سيتعلّم هذا العالم؟ على المجتمع الدولي احترام إرادة الشعب العراقي - حزيران / يونيو 2014

بيان صحفي بمناسبة مرور 65 عاما على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : قليل من التقدم و الكثير من الاخفاقات - ديسمبر / كانون 2013

حملة "ثأر الشهداء": السلطات العراقية ترتكب جرائم ضد الانسانية - أيلول / سبتمبر 2013

مـؤتمر المساءلة لتحقيق العدالة للعراق: عشر سنوات على الغزو والاحتلال : لم يعد الصمت ممكناً - آذار / مارس 2013

مركز جنيف الدولي للعدالة: العراق لم ينفذ توصيات الأمم المتحدّة لتحسين حالة حقوق الإنسان فيه وهو ليس في وضع يؤهله لتحقيق أي من الأهداف الإنمائية التي وضعتها الأمم المتحدّة - شباط / فبراير 2013

السجون العراقية: تقرير من داخل أروقة الموت - كانون / ديسمبر 2012

احدث النداءات

اشترك في القائمة البريدية
الرجاء اضافة البريد الإلكتروني الخاص بكم في الحقل أدناه للحصول على النشرة الإخبارية الخاصة بمركز جنيف الدولي للعدالة