لا شيء آمن

ندوة ضمن الدورة الثالثة والثلاثون لمجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان


جنيف 23 أيلول/سبتمبر 2016

في يوم 23 أيلول 2016، عقد مركز جنيف الدولي للعدالة بالتعاون مع كلٍ من المنظمة الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ومنظمة المحامون الدوليون ومنظمة صحفيات بلا قيود، ندوة جانبيّة ضمن اجتماعات الدورة العادية الثالثة والثلاثون لمجلس حقوق الإنسان تحت عنوان "لا شئ آمن".

هدفت الندوة إلى دراسة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، وكيف انها، ومنذ انقلاب الحوثي على الشرعية أصبحت تؤثر على كل السكّان في كل مدنهم، واينما كانون وبمختلف أعمارهم.

رحب رئيس الندوة السيد باولو كاساكا، وهو عضو سابق في الاتحاد الأوروبي ومؤسس جمعية التعاون الدولية آي آر سي هيومانكايند، بالحضور وقدّم للمواضيع التي سيتم طرحها خلال الندوة. بعد ذلك عرّف السيد كاساكا بالمحاضرين وهم:

  • السيدة توكل كرمان: وهي ناشطة حقوقية، صحافية وسياسية ورئيسة منظمة صحفيات بلا قيود وحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 2011 تقديراً لنشاطها السلمي في الدفاع عن حقوق حرّية التعبير والمرأة.
  • السيد إبراهيم القعطبي: وهو المستشار الخاص السيدة توكل كرمان للأمم المتحدة والولايات المتحدة الامريكية.
  • السيدة بشرى حسن الصرابي: وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، والمدير التنفيذي لمنظمة صحفيات بلا قيود منذ 2012.
  • السيدة آسوان شاهر سعد محمد: وهي إحدى أعضاء مجلس الآمناء لمنظمة صحفيات بلا قيود وعضو في نقابة الصحافيين اليمنيين.
  • السيدة حورية مشهور: وزيرة حقوق الإنسان السابقة في اليمن، ومدافعة نشطة في مجال حقوق الإنسان.

توكل كرمان: ميليشيات الحوثي قوّضت السلام في اليمن

افتتحت الندوة بكلمة السيدة توكل كرمان، والتي أكدّت على أن اليمن كانت تمضي بخطى حثيثة نحو انتقال ديمقراطي آمن في اليمن إلا أن اجتياح صنعاء من قبل ميليشيا الحوثي في 21 أيلول 2014 قوّض هذه العملية. وأشارت السيدة كرمان إلى الرفض الدولي لهذا الاجتياح والذي تمثل بإصدار مجلس الأمن 3 قرارات وهي القرار 2201، 2204، و2216، والتي دعمت جميعها الحكومة الشرعية في اليمن ووحدة اليمن وآمنه.  وذكرت السيدة كرمان أن تدهور الأحداث في اليمن أدت إلى تدّخل قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

وتابعت السيدة كرمان حديثها عن الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها ميليشيات الحوثي، تتمثل في حصار المدن، زرع عشرات الالاف من الألغام حول المدن، الاجتياحات، والالاف من حالات الاعتقال والاخفاء القسري للسياسين والناشطين والكتاب المعارضين. وأشارت السيدة كرمان أنه "في المقابل، لا تزال غارات التحالف العربي التي بدأت في  26 مارس/آذار تخطئ أهدافها لتطال المدنيين ومساكنهم والمنشآت والجسور والمحطات ووسائل النقل، مخلفة قتلى وجرحى وسط المدنيين".

ولفتت السيدة كرمان إلى الجهود والمخاطر التي واجهها فريق عمل منظمة صحفيات بلا قيود في سبيل اصدار تقرير يوثق بعض جوانب هذه الانتهاكات والمجازر اليومية التي تطال المواطنيين وتمس حقوقهم وحرياتهم في معظم المحافظات التي طالتها قوات ميليشيا الحوثي. وقالت السيدة كرمان أن الأرقام التي يتضمنها التقرير ليست شاملة لكل حالات الانتهاك نتيجة صعوبة الانتقال والعمل في العديد من المحافظات، غير أن ما تم التوصل إليه هي أرقام صحيحة، وفي معظم الحالات تم التوصل لمعلومات أساسية مثل أسماء القتلى والجرحى.

وختمت السيدة كرمان كلمتها بالتأكيد على أنه "لا يوجد شئ آمن في اليمن، فالحرب ما إن تهدأ في مكان حتى تشتعل في مكان آخر".

بشرى الصرابي: انتهاكات الحوثي لن تنتهي إلاّ بانتهاء الحرب وبناء السلم

ثم قدّمت السيدة بشرى الصرابي عرضاً مفصلاً عن جهود منظمة صحفيّات بلا قيود وفريقها الميداني في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرّض لها المدنيون في اليمن خلال عام كامل من الحرب من عام مارس 2015 إلى مارس 2016.

ولفتت الصرابي إلى الصعوبات التي واجهها الفريق الميداني وعدم تمكنه من الوصول إلى العديد من المناطق نظراً لخطورتها، كما وأشارت إلى أن الفريق لم يستطع توثيق حالات الاعتداء بالرصاص الراجع بالشكل المطلوب نظراً لصعوبة عمل الفريق بحرّية مطلقة والاطلاع على سجلاّت المستشفيات على سبيل المثال.

ولكن أكدت الصرابي على تمكن فريق العمل من: " من حصر عدد كبير من اسماء وجرحى هذه الانتهاكات، فقد قمنا بتوثيق مكان وقوع الانتهاك، وما إذا كان قد وقع في المنزل أو الشارع أو المدرسة أو في أي جهة أخرى، ونوع وسيلة الاستهداف ما إذا كان ناتج عن رصاص مباشر أو قصف بالأسلحة الثقيلة أو قصف بالطيران" حسب تأكيد السيدة الصرابي. 

وقالت الصرابي إلى تخصيص التقرير لقسم كامل لتتبع الحرية الصحافية في البلاد. وفي هذا السياق أكدت على أن استمرار الانتهاكات وتدهور أوضاع الصحافة والمؤسسات الإعلامية والصحافية في اليمن فإنه لن يكون هناك صحافة يمنية في المستقبل، وهذا لا شك أنه أمر سيء للغاية، على حد تعبيرها.

ولا شك أن تهديدات زعيم ميليشيا الحوثي عبدالملك الحوثي ضد الصحفيين في كلمة له في سبتمبر الماضي، واعتبارهم أشد خطرا على البلاد من المقاتلين في جبهات الحرب أمر يؤشر للمرحلة المظلمة التي تنتظر الصحافة في المستقبل، على حد قول الصرابي.

وفي المقابل لفتت إلى أن على الرغم من الانتهاكات التي يقوم بها جماعة الحوثي ضد الصحافة إلا أن الأطراف الأخرى ليست مؤمنة تماما بجدوى العمل الصحفي التنافسي والحر.

وختمت حديثها بالتأكيد على أن هذه الانتهاكات لن تنتهي إلا بانتهاء الحرب وبناء السلم في البلاد، وعودة المؤسسات لممارسة أعمالها بشكل طبيعي وانهاء وجود الميليشيات في البلاد.

إبراهيم القعطبي: عرض بالأرقام لانتهاكات جسيمة

وتابع الحديث في الندوة السيد إبراهيم القعطبي، حيث عرض بعض الأرقام التي تضمنّها التقرير، حيث تحدث أن اجمالي عدد القتلى المدنيين الذين سقطوا نتيجة نيران ميليشيا الحوثي وقوات صالح بلغ 1424 قتيل بنسبة 50% بينهم 308 طفل، و109 امرأة، بينما بلغ اجمالي عدد ضحايا التحالف العربي حوالي 1230 قتيل بنسبة 40% بينهم 313 طفل، و169 امرأة. 

وأشار القعطبي أنه " ووفقا لتحقيقات فريق المنظمة الميداني، فإن أكثر الأماكن التي شهدت اعتداءات كانت الشوارع بعدد 528 حالة بنسبة 46% ويلي ذلك المنازل التي حلت ثانيا بعدد 513 بما نسبته 45%، ما يشير بوضوح إلى أن هناك عشوائية في تحديد الاهداف المشروعة التي يمكن استهدافها".

وأضاف القعطبي إلى أنه وبحسب النتائج التي توصل إليها فريق المنظمة فإن أكثر الوسائل التي تم استخدامها وتسببت في سقوط قتلى وجرحى بين أوساط المدنيين، كانت القصف بالأسلحة الثقيلة، حيث بلغ عدد الحالات 443 بما نسبته 39% ويلي ذلك الاعتداء بالرصاص الحي المباشر بواقع 430 حالة بما نسبته 38% ويشمل هذا الاعتداء القنص الذي تعرض لها المئات من القتلى والجرحى.

وتلى كلمة السيد القعطبي عرض لفيلم قصير يبيّن حالة حقوق الإنسان في اليمن ويرصد الانتهاكات التي رصدها تقرير منظمة صحفيات بلا قيود.

حورية مشهور: الاعتقال والاخفاء القسري من أشد الانتهاكات التي تعرض لها شباب الثورة في اليمن

ثم رحب مدير الندوة السيد باولو كاساكا، بكلمة السيدة حورية مشهور، وهي وزير حقوق الإنسان السابق، والتي تعرضت إلى حالات الاعتقالات والاختفاء القسري في البلاد، حيث أكدت على أن هناك ما يزيد على 500 شخص معتقل أو مخفي قسرياً في مراكز الحرس الجمهوري والأمن القومي والمركزي والسياسي. ولفتت إلى تكبيل حرية الصحافة والتعبير الرأي في البلاد والتي طالت ملاحقة المغرديّن على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل اعتقالهم أو التنكيل بهم.

وأضافت مشهور أن الاعتقال والاخفاء القسري يعد من أشد الانتهاكات التي تعرض لها شباب الثورة في اليمن. وحملت مشهور معها رسالة أمهات هؤلاء المعتقلين والمخفيّن قسرياً والتي يناشدون فيها المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان من أجل إطلاق سراح أبنائهم.

وأكدت مشهور على أن الانقلاب قد قضى على كل الانجازات النسبية التي حققتها حكومة التوافق.

آسوان شاهر محمد: الحديث عن الحقوق والحريات في اليمن أصبح ضرباً من الماضي

قالت السيدة اسوان اننا ونحن نجتمع هنا فان اسوء ذكرى في تاريخ اليمن تمرّ علينا، وهي الذكرى الثانية للانقلاب ضد الشرعية والتي ارتكبت أفظع الانتهاكات، وخاصة ضد الفضاء الإعلامي، وقصفت التلفزيون الرسمي، ثم توالت الانتهاكات ضد المؤسسات الإعلامية في اليمن مروراً بوزارة الاعلام واقتحام مكاتبها خاصة مكتب وزيرة الاعلام ومكتب وكيل وزارة الاعلام، ثم وكالة سبأ اليمنية، وصولاً للمؤسسات الرسمية والأهلية، ووصلت الانتهاكات والتضييق على كل الإعلاميين ومواقع التواصل الاجتماعي،

وأكدت أن لا شئ آمن في اليمن، وأن الحديث عن الحقوق والحريات في اليمن أصبح ضرباً من الماضي حيث التضييق التام على الصحافة، فحرية الصحافة قد انقرضت حالياً ولا صوت إلا صوت الانقلابين.

وذكرّت السيدة اسوان كيف كانت اليمن من بين أفضل الدول في المنطقة في مجال حرية الصحافة، إلا أن انتكاسات كبيرة طالت هذه الحرية الآن والتي وصفت أنها في أسوأ حالاتها منذ قرن.

وقالت ان مؤتمر الحوار الوطني قد اقر حرية الصحافة وحرية الفكر والراي وانه لا يجوز حبس أي شخص بناء على راي ولا يجوز اغلاق أي وسيلة إعلامية وهذا مستوى متقدم لحرية الصحافة لكن انقلاب الحوثي ضرب بكل ذلك عرض الحائط فانتكس العمل الصحفي ايما انتكاسة وتلاشت تلك الحرية.

الختام:

وشهدت الندوة تفاعلاً كبيراً من قبل الحاضرين، حيث وجهّوا العديد من الأسئلة إلى المحاضرين وشكروا الجهود الحثيثة التي قامت به منظمة صحفيات بلا قيود في اصدار التقرير الذي يوثق حالة حقوق الإنسان والانتهاكات في اليمن، كما شكروا المنظمين لهذه الندوة والتي سلطّت الضوء على ما يجري في اليمن من انتهاكات على مختلف الصعد، وتمنّوا ان تكون التغطية اشمل لكل المناطق في اليمن. وأجاب المحاضرون على الأسئلة الموجهة لهم موضحين الخطوات التي اتبعت في اعداد التقرير الخاص بالانتهاكات، والظروف التي أحاطت بالعمل وقدموا اضاءات إضافية بشأن الانتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن.

***

التسجيل الكامل:



مشاركة مركز جنيف الدولي للعدالة في مجلس حقوق الانسان

ندوات نظمها المركز بالتعاون مع منظمات اخرى

الدورة 34 لمجلس حقوق الانسان

ندوة - المستوطنات الإسرائيلية والعنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل

الدورة 33 لمجلس حقوق الانسان

ندوة - الوجه الآخر للإرهاب

ندوة - تصدير الإرهاب والعنصرية الطائفية

ندوة - لا شيء آمن

ندوة - اليمن:كارثة إنسانية

الدورة 31 لمجلس حقوق الانسان

ندوة عن حالة حقوق الانسان في العراق

تطورّات الأوضاع في اليمن - المركز يستضيف توكل كرمان

ندوة عن الارهاب و الدور الايراني

الدورة 28 لمجلس حقوق الانسان

ندوة عن حالة حقوق الإنسان في العراق بمناسبة صدور تقرير المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان

الدورة 26 لمجلس حقوق الانسان

ندوة حول الاوضاع في العراق: مطالبة المجتمع الدولي بالوقوف الى جانب الشعب العراقي في سعيه لتقرير مصيره بيده

ندوة عن حالة حقوق الانسان في فلسطين: التطلّع الى العدالة وحقوق الإنسان الأساسية

الدورة 24 لمجلس حقوق الانسان

ندوة عن حالة حقوق الانسان في فلسطين : اللاجئــون الفلسطينيــون في الشتات وحقّهم في العودة: إلى أين تتجه قضيتهم؟

الدورة 23 لمجلس حقوق الانسان

ندوة عن حالة حقوق الانسان في فلسطين - مركز جنيف الدولي للعدالة يضيّف مقرّر الأمم المتحدة الخاص عن فلسطين د. ريتشار فولك وناشطين في مجال حقوق الانسان في فلسطين

الدورة 22 لمجلس حقوق الانسان

مـؤتمر المساءلة لتحقيق العدالة للعراق




اشترك في القائمة البريدية
الرجاء اضافة البريد الإلكتروني الخاص بكم في الحقل أدناه للحصول على النشرة الإخبارية الخاصة بمركز جنيف الدولي للعدالة