اكدّ مركز جنيف الدولي للعدالة انه لا يمكن معالجة ما يجري في العراق بحلول ترقيعية بل لا بدّ من حلّ جذري يتناول اساس المشكلة. واوضح، ان اساس ما يجري في العراق يعود الى ما نجم عن الغزو الانكلواميركي عام 2003 وما تبعه من احتلال ارتكب ابشع الجرائم والأنتهاكات وعرّض شعب بكامله لأقسى الظروف من خلال الحملات العسكرية ضد المدن، والاعتقالات الواسعة النطاق، والتعذيب الوحشي الذي مارسه في ابو غريب وكل اماكن الاعتقال الأخرى، والاعتداءات على حرمة المواطنين ودور العبادة والاعيان الثقافية وتفاقم الوضع من خلال عملية المحاصصة الطائفية التي انشأها الاحتلال وفق دستور فرضه على العراقيين
وشدّد المركز انه في هذا السياق يجب اولاً تحميل دول الاحتلال كامل المسؤولية القانونية والاخلاقية عن افعالها المنافية للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان. ومن هنا يتوجب محاكمة قادتها وكل المخطّطين والمشاركين في الانتهاكات. كما يتوجب ان تتحمل كامل النفقات عن ما احدثته من دمار وتخريب بما في ذلك الإضرار البيئي، فضلاً عن ما الحقته من اضرار بالمواطنين بما في ذلك الاضرار الصحيّة
وقد ثبت المركز كل ذلك بعشرات الوثائق لدى الأمم المتحدّة والتي صدرت عن الجمعية العامة/مجلس حقوق الانسان، وآخرها الوثائق: A/HRC/26/NGO/105 و A/HRC/26/NGO/108 و A/HRC/26/NGO/109 المرّخة في 6/حزيران/2014، والتي صدرت ضمن وثائق الدورة 26 لمجلس الأمم المتحدّة لحقوق الانسان التي اختتمت اعمالها في جنيف بتأريخ 27/6/2014. وتضاف هذه الوثائق للوثائق الاخرى التي صدرت هذا العام والتي توثّق جرائم وانتهاكات الاحتلال والسلطات التي اعقبته بما فيها كرائم وانتهاكات المالكي المستمرّ لغاية صدور هذا البيان
وطالبت الوثائق اعلاه بوجوب التحقيق دولياً في كل ما حصل بعد الاحتلال من جرائم وانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها
ويواصل المركز متابعته وتوثيقه للجرائم والانتهاكات التي ترتكبها السلطات التي اصبح جلياً انها تنفذ اجندة الاحتلال لابقاء العراق كياناً هزيلاً ضعيفاً قابلاً للتجزئة. كما اصبح جلياً انها تنفذ الاجندة الايرانية التوسعية على حساب مصالح الشعب العراقي
وقد وجّه المركز خلال الايام القليلة الماضية من شهر تموز/يوليو 2014 رسائل الى الأمم المتحدة، والدول الاعضاء كافة، والبرلمانات، والاحزاب، والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الصحفية في مختلف دول العالم، يشرح فيها تطورات الاوضاع في العراق والجرائم التي ارتكبتها السلطات من خلال العمليات العسكرية ضد المناطق المنتفضة ضد الظلم والارهاب والفساد. وشرحت تلك الرسائل ان سلطات المالكي دفعت بما بسياساتها الطائفية واستخدامها للقوة ابناء المناطق المنتفضة لحمل السلاح دفاعاً عن انفسهم
وتناولت الرسائل حجم الدمار الذي الحقته العمليات العسكرية والقصف الجوي بمختلف المناطق المنتفضة وما اوقعته من خسائر بشرية جسيمة فضلاً عن خلق كارثة انسانية كبرى تمثّلت بحالات النزوح الجماعي لمئات الالاف من المواطنين الذين اضطّروا لترك منازلهم وممتلكاتهم بحثاً عن مكان آمن. لقد اجبرت العمليات العسكرية للمالكي والميليشيات المتحالفة معه الالاف من العوائل على المبيت في العراء بعد تنصل اجهزة الدولة عن تقديم ابسط مستلزمات العون والمساعدة لها. ان ذلك في حد ذاته يعدّ جريمة اضافية تضاف الى جرائم المالكي وسلطته
ووثق المركز قيام وحدات جيش المالكي و سوات باعدام المعتقلين عند هروبها في المعارك الاخيرة امام الفصائل المقاتلة. وطالب الأمم المتحدة باجراء تحقيق فوري بذلك. وقد سبق ان عرض ذلك الموضوع في بيان مشترك مع عدد من المنظمات غير الحكومية امام مجلس حقوق الانسان بتأريخ 25/6/2014.وطالب فيه المجتمع الدولي ان يعي اكذوبة أن السلطات تخوض حربا ضد الإرهاب، بل انه استهداف لمكون معين، وأن ما يجري هو نتيجة مباشرة للظلم المدقع الذي لحق بالشعب العراقي، وما تعرّض له من أشكال متطرفة من انتهاكات حقوق الإنسان منذ عام 2003 والتي ما تزال ترتكب دون تقديم ايّ من المسؤولين عنها للعقاب
وقال المركز أن المجتمع الدولي اعطى أذناً صمّاء لنداءات يائسة للملايين من الشعب العراقي، عندما خرجوا الى الشوارع منذ عام 2011 مطالبين بوضع حدّ لانتهاكات حقوق الإنسان التي تُرتكب ضدّهم. كما أنه لم يقم بواجبه عندما جوبهت هذه الاحتجاجات باستخدام القوة بواسطة الدبابات والمروحيات والصواريخ، أو عندما شنّت القوات الحكومية حملات عسكرية شرسة ضد العديد من المدن في أنحاء العراق. واكدّ المركز ان الإعدامات بإجراءات موجزة من قبل القوات القوات الحكومية خلال الأسابيع الماضية (يغطّي ذلك ما جرى في شهر حزيران 2014) لا تعكس الاّ جزءاً بسيطاً من هذه الفظائع
واكدّ البيان ان العراقيين يؤكدّون أنهم لا يريدون لبلدهم أن يكون مقسماً ويتوجب على الدول الاعضاء ان تعمل ما بوسعها لاجل ذلك
نص البيان
وفي رسائله الى الأمم المتحدّة ومكتب المفوّض السامي لحقوق الانسان ادان مركز جنيف الدولي للعدالة بصورة خاصّة الاعدامات التي تقوم بها وحدات الجيش والميليشيات للمعتقلين والموقوفون على ذمة التحقيق ومن يجري ايقافهم في نقاط التفتيش. وحمّل السلطات المسؤولية الكاملة عن ذلك مطالباً بمحاكمة رئيس الوزراء وقادة الجيش بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية جرّاء ذلك،
ومن الاعدامات التي ابلغ عنها المركز ما جرى في الموصل بتأريخ 9/6 عندما جرى اعدام اعداد من المعتقلين في مديرية مكافحة الارهاب عند هروب عناصرها اثر تقدّم المقاتلين. وكذلك حالات الاعدام التي وقعت بتأريخ 15/6 عندما اعدمت وحدات الجيش التابع لنوري المالكي اكثر من 50 معتقلاً من الذين كانوا رهن الاعتقال في قسم مديرية مكافحة الارهاب في سجن القلعة في قضاء تلعفر. كما ابلغ المركز جريمة بشعة اخرى تتمثل في اعدام 69 معتقلاً عندما كانوا ينقلون من سجن العقرب الى سجن القائم في محافظة بابل جنوب مدينة الحلّة بتأريخ 21/6/2014 الذي جرى اعدامهم من قبل وحدات الجيش وسوات والعصابات المسمّاة (عصائب اهل الحقّ) المرتبطة بمكتب نوري المالكي. وتؤكد المعلومات ان كل المغدورين هم من طائفة واحدة ومن مناطق تتبع محافظة بابل ادارياً مثل المحمودية، جرف الصخر، والاسكندرية وكانوا قد اعتقلوا قبل ايام من الجريمة هذه
ثم اضافت قوات المالكي الى سجلّها جريمة اخرى ثمثّلت في اعدام 53 مدنياً عُثر على جثثهم بتأريخ 9/7 ملقية في البساتين في منطقة تسمّى (الخميسية) تابعة لمحافظة بابل. وطبقا لشهود عيان فأن الجثث تعود لمدنيين قيدّت ايديهم الى الخلف واطلقتى عليهم عيارات نارية في الرأس والصدر من مكان قريب مما يؤكد حالة اعدام صوري بشعة ترتكبها سلطات المالكي وبدافع طائفي ايضا
كما ابلغ المركز عن جريمة اخرى تمثّلت باعدام مواطن تم ايقافه على احدى نقاط التفتيش التي تقيمها وحدات حكومية مع الميليشيات المرتبطة بها، حيث اتضح ان المواطن وهو سائق سيارة حمل كبيرة (لوري) قد سار في طريق يمرّ خلف نقطة التفتيش اعتبرته نقطة التفتيش مخالفو فجرى اعدامه بدم بارد في جريمة بشعة تدل على سادية ووحشية من يقوم بها ومن يصدر اليه الاوامر
{youtube_plus}xiLYHRngBbY,?rel=0,520,320{/youtube_plus}
ومن الجرائم البشعة التي ادانها المركز بقوة وابلغها للأمم المتحدّة وسيظل يتابعها ما تعرّض له اتباع المرجع الديني (الشيعي) السيد محمود الحسني الصرخي من اعتداء آثم وجريمة كبرى مطلع الشهر الحالي (تموز 2014) تمثلت في قتل عدد من اتباعه وحرقهم وسحل قسم منهم في الشوارع في مدينة كربلاء كما يوضحّ شريط الفيديو ادناه. ولم يفرق مرتكبو هذه الجريمة بين شيخ كبير او طفل صغير. لقد سبق للمركز ان ادان هذه الجريمة الكبرى التي توضّح ما بلغ اليه المالكي والوحدات والميليشيات التابعة له من ممارسة لابشع الانتهاكات وبصورة غير مسبوقة ونادرة جدا. والمركز يتابع تفاصيل هذه الجريمة مع الجهات المعنية ومع مكتب السيد الصرخي بغية تقديم الجناة الى العدالة
وطالب المركز كل دول العالم التوقف عن ارسال السلاح للمالكي لأنه يُستخدم ضد شعب العراق ولن يسهم الا في زيادة المآسي الإنسانية الكبيرة
ومن المتابعة التفصيلية للأوضاع في العراق فقد اكدّ مركز جنيف الدولي للعدالة ان الحل الأمثل للانتهاكات والعنف الدامي في العراق يجب ان يكون حلّاً شاملا ومستداماً. ان هذه الحل لا يمكن تحقيقيه من خلال عمليات تجميل لعملية المحاصصة الطائفية التي انشأها الاحتلال بتبديل بعض الوجوه والاتيان بأخرى، بل يجب ان يُترك لأبناء الشعب العراقي الحرية لتقرير مصيرهم بيدهم واقامة نظام جديد بعيد عن الطائفية يقوم على دستور يكتبه ابناء العراق بحرّية تامة يلغي الدستور الذي فرضته سلطات الاحتلال والذي تضمن الكثير من البنود التي تهدد وحدة العراق. ونبّه المركز الدول الأعضاء في الأمم المتحدّة الى مسؤوليتها التشاركية في المحافظة على وحدة العراق واستقلاله وسلامته الاقليمية طبقا لميثاق الأمم المتحدّة ولقرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة بشان العراق خلال العقدين الماضيين