المطالبة بارسال بعثة تحقيق دولية مستقلة إلى العراق
في أعقاب الهجوم الذي شنته قوات المالكي فجر يوم الثلاثاء المصادف 23/4/2013 ضد المتظاهرين السلميين في قضاء الحويجة والذي ادّى الى قتل وجرح المئات منهم ، وجّه مركز جنيف الدولي للعدالة نداءات عاجلة إلى اجهزة الأمم المتحدّة وبخاصّة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، والمقرّر الخاص المعني الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفية، والمقرّر الخاص المعني بحرية التجمّع السلمي طالباً باتخاذ إجراءات فورية فيما يتعلق بهذه الموجه الجديدة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها حكومة نوري المالكي.
واوضح المركز انه في الايام الأربعة الماضية، قامت قوات الجيش التابعة لنوري المالكي بمحاصرة ما يقرب من 4000 من المتظاهرين السلميين في قضاء الحويجة، مانعةً اي وسيلة للحصول على الغذاء والماء والمساعدات الطبية. كما منعت وسائل الإعلام كافة من التقرّب من ساحة الاعتصام، وصادرت معدّات النقل التلفزيوني.
وقد أبلغ مركز جنيف الدولي المسؤولين في الامم المتحدة انه بعد سلسلة من التهديدات فان وحدات من الجيش والميليشيات قد اقتحمت، في حوالي الساعة 5 صباحا بتوقيت بغداد، من صباح يوم الثلاثاء، 23 نيسان/أبريل،2013، ساحة التظاهر في الحويجة وهاجمت على المتظاهرين الذين كانوا يطالبون باحترام حقوقهم الأساسية. واوضح المركز ان الهجوم كان هجوما مباشراً ومبيتاً حيث اقتحمت القوات الساحة وبدأت بإطلاق النار بكثافة وبشكل عشوائي مستخدمة الذخيرة الحية والدبابات وطائرات الهليكوبتر وخراطيم المياه الحار جداً. ووفقا لما ذكره مصدر مباشر للمركز من الحويجة، فقد لقي بحدود 50 متظاهرا حتفه(ارتفع العدد فيما بعد الى 60)، وجرح 150 آخرين، وتم اعتقال أكثر من 400 متظاهراً. وذكر المركز ان القوات المهاجمة قامت باضرام النيران في الخيم والسيارات العائدة للمدنيين.
واوضح مركز جنيف كذلك أن المسؤولين العراقيين اعترفوا علنا بانهم قتلوا اكثر من 20 متظاهرا، وهو بحد ذاته جريمة لا تغتفر رغم ان واقع الأمر يؤكد العدد الكبير للضحايا، وكذلك وجود عدد كبير من الجرحى بحيث ان المستشفى المحلي في الحويجة لم يكن كافياً لإستيعاب المصابين مما تطلب نقل بقية المصابين الى مركز محافظة كركوك لتلقي الرعاية الطبية. ويؤكد المركز ـ وفقا لمصادر في مكان الحادث ـ انه وبعد تولّي القوات العسكرية السيطرة على المنطقة التي كان يتجمع المتظاهرون، قامت بوضع معدّات واسلحة في مخيم التظاهر من أجل أن تكون قادرة على اتهام المتظاهرين بأنهم مسلحين. وقد نفى هذا الادعاء نفياً قاطعا من منظمي التظاهرة الذين اكدوا عدم وجود مسلحين بينهم وانه لم يقم احد من المتظاهرين بالتهديد أو التحريض على العنف، مؤكدين على الطابع السلمي للتظاهرات.
واكدّ المركز ان قائد القوات البرّية في العراق الفريق علي غيدان قد ظهر مرارا امام شاشات التلفزة خلال ألايام الماضية واكدّ ان لديه الصلاحيات والتصميم على مهاجمة ساحة التظاهرات في الحويجة وكل الساحات الأخرى مما يضعه امام جريمة قتل جماعي مع سبق الاصرار والترصدّ.
ويبين المركز ان الاحباط والانتهاك المستمر للحقوق، هو الذي دفع شعب العراق للخروج الى الشوارع للمطالبة باحترام حقوقه الإنسانية الأساسية. وان التظاهرات التي بدأت منذ 25 ديسمبر عام 2012 في محافظة الانبار قد حافظت على طابعها السلمي الحضاري. ومنذ ذلك الحين، توسعت التظاهرات جغرافيا، وشملت مدن عدّة في جميع أنحاء البلاد، كما ازدادت عدداً مع انضمام مئات الآلاف من المشاركين في كل ساحة. ولعل من المهم الأشارة الى ان مطالب المحتجين كانت اول الأمر المطالبة بإطلاق سراح المعتقلات اللواتي يتعرضن لمعاملة لا إنسانية، ولكنها وبسبب عدم الاستجابة فقد اوسعت لتشمل الآن مجموعة من المطالب بما في ذلك الإفراج الفوري عن زملاء المتظاهرين، وإلغاء قوانين مكافحة الإرهاب، ووقف الغارات على المناطق السكّانية دون مسوغ قانوني ووضع نهاية للفساد المالي والإداري وفساد الأجهزة القضائية.
واوضح المركز ان ردّ السلطات بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي على هذه المظاهرات السلمية تمثّل باستخدام التهديدات والعنف في العديد من المناسبات. يعتبر هذا السلوك انتهاك مباشر للقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الانسان وبخاصة المادّة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تكفل الحقّ في حرية الرأي والتعبير، كما ان قرار مجلس حقوق الإنسان 15/21، يؤكد من جديد هذا الحق ويعترف بمزيد من الحقوق ذات الصلة.
ويشدّد مركز جنيف الدولي للعدالة: ان الهجوم الاجرامي تسبب بمجزرة ندينها باشدّ العبارات فقد ادّى الى وقتل وجرح واعتقال المئات، وانتهاك الحقّ في الحياة والحقّ في الحماية من الاعتقال التعسفي. ليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرّض فيها المتظاهرين للتهديدات والاعتداءات والعنف من قبل القوات العراقية. فقد حدث هذا منذ بداية المظاهرات في كانون الاول 2012 . فعلى سبيل المثال، فتحت قوات الجيش العراقي النار واستخدمت الهراوات ضد المتظاهرين في الموصل في محاولة لتفريقهم. وفي 25 كانون الثاني 2013، قتلت قوات المالكي 7 متظاهرين وإصابت 60 آخرين في الفلوجة. كما قامت قوات المالكي الأسبوع الماضي بحظر حركة المركبات في شوارع سامراء وأطلقت النار على أي مركبة تتحرك. وفي مكان آخر، اغلقت الطرق من مدينة الكرمة إلى الفلوجة، ومنعت مرور المواطنين واعتقلت عددا منهم. وفي يوم الجمعة، 19 نيسان، اغلقت تلك القوات كل الطرق المؤدية إلى ساحة الاحتجاج في الحويجة وأطلقت النار على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل واحد وإصابة أربعة من المتظاهرين الابرياء. كما تم حجب العلاج الطبي عن المصابين.
ولذلك فان ما جرى في الحويجة هو نتيجة سياسة اجرامية تصاعدت خلال الفترة الاخيرة، ويبدو انها لن تنته بالمجزرة المذكورة أعلاه. ان الوضع يبعث على القلق لا سيما ان القوات العسكرية بصدد توسيع عملياتها وهجماتها على المتظاهرين إلى المدن العراقية الأخرى، وهو ما يعرّض ارواح مئات الآلاف من الأبرياء للخطر. ان ذلك يتطلب العمل الجاد واتخاذ الاجراءات اللازمة للردع وايقاف هذه الانتهاكات الخطيرة.
واكد مركز جنيف الدولي للعدالة ان ما حدث في الحويجة هو انتهاك خطير جدا للقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وطالب الأمم المتحدّة وخاصة اجهزة حقوق الانسان باتخاذ جميع الإجراءات المناسبة والعاجلة جدا للتأكد من أن السلطات العراقية وقواتها ستوقف جميع الهجمات والتهديدات والتخويف ضد المتظاهرين المسالمين وتقديم أولئك المسؤولين عن هذه الانتهاكات إلى العدالة.
وطلب المركز ان يتم، وعلى وجه السرعة ارسال بعثة دولية مستقلة الى العراق لكي تقوم، وعلى الفور، بإجراء تحقيق شامل في الهجوم الحالي ضد المتظاهرين في الحويجة وجميع الهجمات السابقة وان يتم تعيين مقرّر خاص معني بحالة حقوق الإنسان في العراق.
مواضيع ذات صلة:
إعدام المتظاهرين الجرحى في الحويجة من قبل القوات الحكومية العراقية
مركز جنيف الدولي للعدالة: يناشد الأمم المتحدّة التدخل لحماية المتظاهرين في العراق
ردود فعل عراقية غاضبة على تصريحات المالكي ضد التظاهرات
تصريحات رئيس الوزراء العراقي حول التظاهرات الجارية في العراق
العمليات العسكرية ضد الانبار: السلطات العراقية ترتكب جرائم ضد الانسانية
حالة حقوق الانسان في العراق: حملة "ثأر الشهداء": السلطات العراقية ترتكب جرائم ضد الانسانية
مؤتمر المساءلة لتحقيق العدالة للعراق: عشر سنوات على غزو واحتلال العراق: لم يعد الصمت ممكناً
للمزيد عن مشاركة مركز جنيف الدولي للعدالة في مجلس حقوق الانسان و مؤتمرات دولية:
الدورة 28 من مجلس حقوق الانسان
الدورة 26 من مجلس حقوق الانسان
الدورة 25 من مجلس حقوق الانسان
الدورة 24 من مجلس حقوق الانسان
الدورة 23 من مجلس حقوق الانسان
الدورة 22 من مجلس حقوق الانسان