العراق: نائب الرئيس الجديد لمجلس حقوق الإنسان بسجل مروع لحقوق الإنسان
أعلنت الدورة التنظيمية الـ 11 لدورة مجلس حقوق الإنسان في 05 ديسمبر 2016، أن العراق عين نائبا من بين النواب الأربعة لرئيس المجلس اعتبارا من أول يناير 2017. وهو المنصب الذي ستحتفظ به لمدة سنة كاملة أي الى غاية (31 ديسمبر 2017)، وتم تعيين العراق لتمثيل المنطقة الجغرافية آسيا والمحيط الهادئ. أما الثلاثة الآخرين فهم على التوالي مصر لأفريقيا، سويسرا بالنسبة لأوروبا الغربية وجورجيا في أوروبا الشرقية.
وعلى الرغم من أن دور المكتب في الغالب يقتصر على تسيير المناقشات المختلفة بين الدول، والجهات الفاعلة الرئيسية للمجلس وأن مسؤولياتها تقتصر على المسائل الإجرائية والتنظيمية، لكن أن يحدث هذا داخل منظومة الأمم المتحدة فهذا ما لا يستهان به، فالبلدان المعينة يُفترض ان تشكل واجهة مجلس حقوق الانسان بكل ما يجسده من مبادئ وقيم أساسية.
وفي هذا السياق، فان مركز جنيف الدولي للعدالة يرى أن العراق، البلد الذي يملك سجل حافل في انتهاكات حقوق الإنسان، لا يستحقّ هذا المنصب في الظروف الحالية. كما ان المركز غير مقتنع بانتخابه اصلا كعضومن بين الدول الأعضاء الــ 47 لمجلس حقوق الإنسان في شهر أكتوبر عام 2016، كما يشك المركز في أن هذا الدور سوف يكون إيجابيا على حالة حقوق الإنسان في البلاد.
السلطات العراقية لديها، في الواقع، تاريخ طويل من الانكار لسجلها المخزي في مجال حقوق الإنسان. فمنذ عام 2003، تدهورت الأوضاع في البلاد بشكل لا يمكن تصوره، من حالة الصراع وما بعد الصراع الى حالة من الفوضى الدائمة. ففي ظل إدارة هذه السلطات تصدّر العراق قائمة الدول الاكثر تنفيذا للاعدامات في العالم، وفي استخدام التعذيب على نطاق واسع ضد المواطنين، وحرمانهم من حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وحتى في الحياة الكريمة من دون خوف وعنف.
لقد شهدت السنوات القليلة الماضية زيادة مخيفة في العنف الطائفي، وخاصة منذ بداية الحرب ضد تنظيم داعش، الذي يرتكب الكثير من الجرائم الفظيعة. كما تم انشاء المئات من الميليشيات التي تمولها ايران، وبدعم من الحكومة، حيث قامت بمهاجمة السكان المدنيين وارتكاب انتهاكات مروعة ضدهم. كالاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون، وتدمير الممتلكات والاعتداء الجسدي واللفظي هي في الواقع ما يعيشه يوميا العراقيون، خاصة بالنسبة للمكون السني في المجتمع.
وشرد أكثر من 3.1 مليون شخص في البلاد داخليا بسبب الصراعات المختلفة على الأرض، بالاضافة الى أكثر من 10 مليون شخص هم في حاجة إلى مساعدات إنسانية. ومن الإنصاف أن نقول أن معظم الناس في العراق يفتقرون إلى الوسائل الأساسية للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك المياه والغذاء والرعاية الطبية. فالتمتع بالحقوق الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية هو اليوم سوى ذكرى مريرة من أفضل أيام الماضي.
في الوقت نفسه، فان الحكومة لا تتجاهل فقط الوضع، ولكن تساهم فعليا في جعل الأمر أكثر سوءا من خلال شن حروب مدمرة ضد مدنها ومواطنيها تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. وبامتلاكه واحد من النظم القضائية الأكثر فسادا والأكثر اختلال في العالم، فان العراق يعتقل الافارد و يمارس عليهم التعذيب على دفعات لأسباب سياسية وعرقية بصورة خاصة.
وعلى الرغم من عدم رغبة العراق وعدم قدرته على الحفاظ حتى على أبسط حقوق شعبه، فقد تبوأ الآن مقعداً داخل المجلس، وتصور السلطات سجلها البائس في مجال حقوق الإنسان على انه مبعث فخرٍ! ولذا، يشعر مركز جنيف الدولي للعدالة بالقلق من ان يؤدي اختيار العراق كأحد نواب رئيس مجلس حقوق الإنسان إلى تقويض مصداقية هذه الهيئة، وتوفير ذريعة أخرى للسلطات الحاكمة فيها لتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث على أراضيها.
في الواقع، نحن نفهم أن الرئاسة و منصب نائب الرئيس يتم بالتناوب بين المناطق الإقليمية المختلفة في كل عام من أجل جعل المجلس جهازا أكثر شمولا واوسع تمثيلا. ومع ذلك، يعتقد مركز جنيف أن هذا المنصب ينبغي أن يمنح ضمن مواصفات معينة. ربما هذا من شأنه أن يشجع دولا مثل العراق لإظهار مزيد من الالتزام تجاه حقوق الإنسان، كما من شانه في نهاية المطاف ردع القليل من النفاق العام من طرف بعض الدول الأعضاء في هذا الشأن.
ومع ذلك يودّ المركز ان يختم بخلاصة أكثر تفاؤلا، وهي الأمل في أن الحكومة العراقية ستتخذ من هذه الولاية الهامة كمناسبة لمراجعة سجلها في مجال حقوق الإنسان وتنفيذ السياسات التي هي أكثر انسجاما مع قيم ومبادئ المجلس.
كما سيواصل المركز لفت انتباه مجلس حقوق الانسان للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في العراق، على ضوء المنصب الجديد الذي تبواته. ليس فقط بوصفها دولة عضو، ولكن نائب رئيس مجلس حقوق الإنسان، يجب أن نذكر العراق بالتزاماته الدولية تجاه احترام وحماية حقوق الإنسان، فضلا عن الحاجة إلى المساءلة و تحقيق العدالة لمواطنيها.