الدورة 51 لمجلس حقـــــوق الإنســان
12 سبتمبر – 07 أكتوبر 2022
حلقة نقاش حول مستقبل الحقّ في العمل فيما يتعلق بإجراءات تغير المناخ والاستجابات والآثار في سياق الاقتصادات المستدامة والشاملة
البند 4: حاالت حقول اإلضسا التي تتطلب اهتمام المجلس بها.
27 سبتمبر 2022
إسلام المدهون / مركز جنيف الدولي للعدالة
ملخص تنفيذي
بناء على قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 11/49 المعتمد بتاريخ 31 مارس 2022، والمتعلق بالحقّ في العمل، وتقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان رقم A/HRC/46/47 حول العلاقة بين إعمال الحقّ في العمل وتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع حقوق الإنسان، وفي إطار تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان، المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، بما في ذلك الحقّ في التنمية، عقد مجلس حقوق الإنسان على هامش دورته 51 صباح يوم 27 سبتمبر 2022 حلقة نقاش حول مستقبل الحقّ في العمل فيما يتعلق بإجراءات تغير المناخ والاستجابات والآثار في سياق الاقتصادات المستدامة والشاملة.
حيث افتتحت ندى الناشف -القائم بأعمال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان المداخلات في حلقة النقاش بقولها إن جائحة كوفيد -19 كان لها تأثير عميق على صحة الناس وحياتهم والتمتع بحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الحقّ في العمل اللائق. وأكدت أنه من شأن التدابير التي تتخذها الدول لحماية البيئة والمناخ أن تخلق وظائف جديدة في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مع القضاء على غيرها. وأضافت أنه من الضروري أن تقدم البلدان المتقدمة ومجتمع المانحين الدولي، مسترشدين بمبدأ التعاون الدولي، الدعم المالي والتقني للإجراءات التي تتخذها البلدان المنخفضة الدخل من أجل اقتصادات خضراء ومستدامة وشاملة.
وتحدّث كل من السيد أحمد إيهاب عبد الحد جمال الدين – السفير والممثل الدائم لمصر لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في تحدّث-، والسيد فيك فان فورين -نائب المدير العام لشؤون السياسات بالنيابة عن منظمة العمل الدولية-، والسيد ايان فرايا -المقرر الخاص بشأن تعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ-، والسيد محمود محي الدين -المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل خطة التنمية المستدامة لعام 2030-، والسيدة شاران بورو -الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال-، حيث أجمعو أن التغيّر المناخي يمثل تهديداً وجودياً، وقد تفاقم في سياق البلدان الضعيفة. فقد نصّت أهداف التنمية المستدامة على ضرورة تهيئة الظروف للسماح للناس بالحصول على وظائف جيدة دون الإضرار بالبيئة. وقال المتحدّثون إن الحقّ في العمل وتغير المناخ مترابطان بشكل لا ينفصم، والحقّ في العمل حق أساسي من حقوق الإنسان، وحذروا من أن الاحترار العالمي سيؤدي إلى تفاقم الفقر وزيادة انعدام الأمن الوظيفي، وأن مكافحة تغير المناخ والتدهور البيئي قد ساهمت في ضمان عالم أكثر صحة حيث يمكن للجميع العمل بأمان وكرامة.
الخلفية
على مدى العامين الماضيين، كان لوباء COVID-19 تأثير عميق على صحة الناس وحياتهم والتمتع بحقوق الإنسان، بما في ذلك الحقّ في العمل، مع عواقب وخيمة بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر تهميشًا وضعفاً. كشفت الأزمة الصحية وما نتج عنها من أزمات اجتماعية واقتصادية عن التفاوتات القائمة وفاقمتها داخل البلدان وفيما بينها، وسلطت الضوء على العواقب الهيكلية لعقود من نقص التمويل أو تفكك الخدمات والسياسات العامة.
وفي الوقت نفسه، فإن تغير المناخ يمثل تهديدًا وجوديًا للجميع، كما أن له تأثير سلبي على التمتع الكامل والفعال بحقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحقّ في العمل. يمثل الانتعاش من COVID-19 فرصة حاسمة لتصميم سياسات وتدابير قائمة على حقوق الإنسان تضمن أن العمال والمجتمعات المتأثرة بإجراءات تغير المناخ والاستجابات والآثار في سياق الاقتصادات المستدامة والشاملة، والحصول على الحماية الاجتماعية الكافية، والعمل اللائق، وفرص التعليم والتدريب والمساعدة في البحث عن عمل لائق بهدف ضمان انتقال عادل على النحو الذي أعيد تأكيده في اتفاق باريس.
الحوار التفاعلي
قالت ندى الناشف، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بالإنابة، إن جائحة كوفيد -19 كان له تأثير عميق على صحة الناس وحياتهم والتمتع بحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الحقّ في العمل اللائق. وبسبب الوباء فقد أكثر من 350 مليون وظيفة، وارتفع الجوع في العالم مرة أخرى، حيث يعاني حوالي 820 مليون شخص من الجوع، ويعاني 2 مليار شخص من انعدام الأمن الغذائي. وقد تعرض الوصول إلى الرعاية الصحية والعمل والتعليم والإسكان وغيرها من الخدمات الأساسية التي كانت غير كافية بالفعل قبل انتشار الوباء لخطر شديد. دعت أزمة المناخ المستمرة التي تشكل تهديدًا وجوديًا للجميع والتي تفاقمت بسبب الركود غير المسبوق الناجم عن الوباء إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للانتقال نحو اقتصادات خضراء ومستدامة وشاملة من شأنها أن تحول عالم العمل.
وأكدت أنه من شأن التدابير التي تتخذها الدول لحماية البيئة والمناخ أن تخلق وظائف جديدة في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مع القضاء على غيرها مثل تلك الموجودة في صناعات الفحم والغاز والنفط. لعبت النساء دورًا حاسمًا في الاقتصاد، وغالبا ما لم يتم الاعتراف بمساهماتهم أو تجاهلها، حيث تقدر الفجوة العالمية في الأجور بين الجنسين بنحو 23 في المئة. ولذلك فإن ضمان حقوق المرأة وضمان مشاركتها الهادفة هو مفتاح التحولات المستدامة ومستقبل العمل العادل. كما يجب على الدول استخدام التعافي من COVID-19 كفرصة لإعادة البناء بشكل أفضل، ومكافحة تغير المناخ، وحماية العمال والمجتمعات من خلال السياسات والتدابير الراسخة في حقوق الإنسان.
وأضافت أنه مما يثير القلق أن أزمة الطاقة الحالية قد أدت بعدد من البلدان إلى تكثيف استغلال الوقود الأحفوري، بدلاً من التعجيل بتنفيذ الطاقات المتجددة، إلى جانب الإصرار على زيادة كفاءة الطاقة عبر الاقتصادات والمجتمعات. وأنه من الضروري أن تقدم البلدان المتقدمة والجهات المانحة الدولية -مسترشدة بمبدأ التعاون الدولي- الدعم المالي والتقني للإجراءات التي تتخذها البلدان المنخفضة الدخل من أجل اقتصادات خضراء ومستدامة وشاملة، وينبغي للدول أن تتبادل التحديات والخبرات والممارسات الواعدة في تعزيز حماية الحقّ في العمل في الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.
قال أحمد إيهاب عبد الله جمال الدين -الممثل الدائم لمصر لدى مكتب الأمم المتحدة في تحدّث- إن الحقّ في العمل ليس ضروريًا فقط لحقوق الإنسان، ولكنه أيضًا جزء لا يتجزأ من الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وأساسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لخطة عام 2030 بأبعادها الثلاثة المترابطة والمتساوية الأهمية ويجب معالجتها معًا في نفس الوقت. في غضون ذلك، شكل تغير المناخ تهديدًا وجوديًا للجميع وكان تحدي العصر، ودُعي المجتمع الدولي إلى مواجهة هذا التحدي بشكل جماعي وفعال وسريع. وشدد أنه في خضم هذه الأزمة العالمية، ينبغي تغطية العمال والمجتمعات المتأثرة بتغير المناخ بالحماية الاجتماعية من خلال استثمارات أوسع تهدف إلى خلق فرص اقتصادية تضمن الانتقال العادل تعظيم الفرص الاجتماعية والاقتصادية للعمل المناخي، مع تقليل أي تحديات وإدارتها بعناية. كما أكد أنه يجب أن تعطي البلدان والشركات في جميع أنحاء العالم الأولوية للانتقال العادل. وبين أهمية مؤتمر الأمم المتحدة لمواجهة التغيّرات المناخية (COP27) الذي سينعقد في مصر في شهر نوفمبر 2022، الذي يجب أن يضمن تحقيق التقدم المطلوب في الحفاظ على البيئة والمناخ بشكل حاسم، وأكد على أهمية انتقال العالم من التعهدات والتأكد من أن جميع التعهدات تشق طريقها على أرض الواقع في البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها، من خلال إظهار الإرادة السياسية اللازمة لتعزيز بناء القدرة على الصمود، وإجراءات التكيف وبرامج الحماية الاجتماعية ومساعدة الناس في الحالات الأكثر ضعفاً ومجتمعات الخطوط الأمامية.
قال فيك فان فورين -القائم بأعمال نائب المدير العام للسياسات ومدير إدارة الشركات بمنظمة العمل الدولية- إن هذه المناقشة كانت تجري في وقت كانت تداعيات أزمة المناخ محسوسة بشدة في جميع أنحاء العالم، بدءًا من الفيضانات الكارثية إلى موجات الحر والجفاف التي حطمت الرقم القياسي، حيث كانت لأزمة المناخ بالفعل آثار مدمرة للغاية على الناس وسبل عيشهم، وأن هذه الأزمة تعرض للخطر التمتع بمجموعة من الحقّوق مع ما يترتب على ذلك من آثار شديدة على الحقّ في العمل. وأكد على أن الحقّ في العمل هو حق من حقوق الإنسان وهو أساسي لوجود كل فرد بشري وكذلك لتماسك المجتمعات وعمل الاقتصادات، فقد كان لتغير المناخ مجموعة واسعة من التأثيرات على عالم العمل والحقّ في العمل نفسه وظهر كواحد من أكبر التهديدات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ومع ذلك، فقد تجاوزت خسائر الوظائف الناجمة عن تأثيرات تغير المناخ بكثير تلك المرتبطة بسياسات التحول البيئي، وفي الواقع، جاءت سياسات التحول هذه مع فرص هائلة لخلق فرص العمل.
وأضاف أن عدم اتخاذ أي إجراء بشأن المناخ من شأنه أن يدمر الوظائف وسبل العيش على نطاق واسع. ومع ذلك، لا ينبغي التقليل من حجم وصعوبة التحولات الهيكلية المطلوبة. علاوة على ذلك، فإن الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر لا يؤدي تلقائيًا إلى نتائج شاملة ومنصفة، بل قد يؤدي في بعض الأحيان إلى تفاقم أوجه عدم المساواة القائمة لا سيما بالنسبة للنساء، والأشخاص ذوي الإعاقة، والشعوب الأصلية والقبلية، أو العمال المهاجرين. وشدد على تتطلب حماية الحقّ في العمل فيما يتعلق بتغير المناخ معالجة أبعاد العمالة والأبعاد الاجتماعية لتغير المناخ والإجراءات ذات الصلة. وبين أن أزمة المناخ أظهرت للجميع مرة أخرى أن استجابة المجتمع الدولي مثل البلدان، أو الأعمال التجارية، أو النقابات، أو المجتمع المدني ستفشل بدون مستويات كافية من التعاون والتضامن وبناء التوافق. وكما أكد الأمين العام للأمم المتحدة، فإن المطلوب بشكل عاجل هو تجديد العقد الاجتماعي، الذي يجب أن يرتكز على حقوق الإنسان ويعزز العدالة الاجتماعية.
قال إيان فاراي -المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ- إن مسألة الحقّ في العمل فيما يتعلق بتغير المناخ معقدة بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين أجبرتهم تأثيرات تغير المناخ على ترك عملهم الحالي. وأجبرت حالات الجفاف والفيضانات والعواصف الشديدة المرتبطة بتغير المناخ الناس على ترك أراضيهم وممارسات عملهم التقليدية. على الرغم من هذه التحديات الهائلة، كانت بعض منظمات المجتمع المدني تحاول مساعدة المجتمعات المتضررة من تغير المناخ على إعادة بناء حياتهم وإيجاد فرص عمل بديلة ضرورية تجعلهم أقل عرضة للخطر. ووضح أنه بالنسبة للبلدان النامية، لم يول سوى القليل من الاهتمام لإيجاد سياسات انتقالية عادلة وفعالة، فقد واجهت البلدان النامية تحديًا مزدوجًا يتمثل في توفير العدالة في مجال الطاقة لسكانها وفي الوقت نفسه إيجاد الاكتفاء الذاتي وخيارات الطاقة المتجددة للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق باريس، حيث تفتقر العديد من البلدان النامية ولا سيما أقل البلدان نموا إلى التكنولوجيا اللازمة للانتقال إلى اقتصاد الطاقة المتجددة وتوفير شبكات الأمان اللازمة للعمال الذين قد يضطرون إلى الخروج من صناعة الوقود الأحفوري.
وأضاف أنه كان لتغير المناخ تأثير هائل على اقتصادات العديد من البلدان النامية، مما يؤثر بدوره على الفرص المتاحة لملايين الأشخاص للحصول على الحقّ في العمل. لم تكن تأثيرات تغير المناخ على هؤلاء العمال من صنعهم، فقد كانت الدول الرئيسية المنتجة لغازات الاحتباس الحراري هي المسؤولة عن ذلك. وشدد على أنه قد حان الوقت لأن يدفع الملوثون ثمن الخسائر والأضرار التي تسببوا فيها للبلدان النامية، خاصة بسبب وضع الكثير من الناس في أوضاع معوزة وحُرموا من حقوقهم الإنسانية الأساسية بسبب تأثيرات تغير المناخ، فلم يتم تزويدهم بشبكات الأمان اللازمة لدعم مستقبلهم. وأكد على أنه يجب على المجتمع الدولي ولا سيما الاقتصادات الرئيسية المسببة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أن يدرك مسؤوليته ويدعم أولئك الأقل قدرة على إيجاد فرص عمل بديلة بسبب تأثيرات الملوثين الرئيسيين.
قال محمود محي الدين -المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، والبطل رفيع المستوى لتغير المناخ في COP27- إنه ليس من الواقعي أن يكون هناك عمل مناخي دون النظر في أهداف التنمية المستدامة، خاصة التدخُّل التدريجي في التقنيات منخفضة الانبعاثات والتخلص التدريجي من التقنيات عالية الانبعاثات اللازمة لتلبية حقوق واحتياجات جميع المتأثرين بهذا الانتقال، بما في ذلك حقهم في العمل. وشدد أنه يجب أن تكون وظائف الناس ورفاههم في قلب العملية الانتقالية، مما يضمن أن تجد جميع القوى العاملة مسارًا آمنًا في عملية إعادة الانتشار هذه. وذكر أن رئاسة COP27 أطلقت سلسلة من خمس منتديات إقليمية حول "المبادرات المناخية لتمويل العمل المناخي وأهداف التنمية المستدامة"، بهدف زيادة الاستثمار والتمويل لتحقيق طموح المناخ وأهداف التنمية، وقد عُقدت بالفعل أربع منتديات في مقر الأمم المتحدة في بانكوك وسانتياغو وبيروت وأديس أبابا، مع أكثر من 70 مشروعًا جاهزًا للتمويل، حيث ستكون مشاريع المناخ هذه دليلاً على أن الانتقال إلى اقتصادات منخفضة الكربون يمكن أن يخلق المزيد من فرص العمل.
وأشار محيي الدين إلى أنه سيتم أيضاً تنفيذ مشاريع مناخية على المستوى المحلي لمواجهة تحديات الفقر والبطالة، فقد أطلقت الحكومة المصرية مبادرة وطنية تهدف إلى وضع خريطة على مستوى المحافظات للمشاريع الخضراء والذكية التي تقدم حلولاً مناخية مبتكرة على المستوى المحلي، بالإضافة إلى إقامة هذه المسابقة كل عام لزيادة الوعي. ووضح أنه من المهم لمؤتمر الأطراف في مصر بناء الثقة، والتأكد من وجود مجالات مناسبة تتعلق بالعمل المناخي والتنمية المستدامة. أشارت كل من المبادرات الإقليمية والمحلية إلى وجود آفاق واعدة بأن التكيف مع تغير المناخ يوفر فرصًا لخلق وظائف جديدة.
قال شاران بور -الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال- إن العالم يواجه أزمات متقاربة، فقد كانت هناك أزمة عدم مساواة تتزايد باطراد كل يوم، حيث شهدت العقود الأربعة الماضية صعود العولمة المفرطة التي جعلت العالم مكانًا أكثر ثراءً، ولكن بالنسبة للعمال انخفضت حصة دخل العمل منذ الثمانينيات، بينما ارتفعت الأرباح والإنتاجية خاصة بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات الثرية. وأكد على أن حالة الطوارئ المناخية تتطلب التمويل للبلدان النامية التي لم تخلق حالة الطوارئ ولكنها تعاني من آثارها، فالعمال يعانون في كل مكان وهناك حاجة إلى إصلاحات كبيرة في الاقتصاد، كما أن هناك حاجة أيضًا إلى إجراء إصلاح كبير للطريقة التي يفكر بها المجتمع حول بناء مستقبل مستدام.
وأشار أن الوباء كشف عن خطوط التصدع، فقد كان العمال الأساسيون الذين ساعدوا العالم في عزل السلامة يتقاضون رواتب منخفضة مع القليل من حماية الصحة والسلامة، بينما خرج تسعة من أصحاب المليارات الصيدلانيين من الأزمة بسبب تطوير اللقاحات. ووضح أن هناك تأثير للارتفاع التضخمي في الغذاء والطاقة، حيث لا يستطيع العاملون تحمل ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى العوامل الناشئة عن غزو روسيا لأوكرانيا، فقد كان هناك 68 صراعًا حول العالم وكان الصراع يتصاعد في مواجهة هذه الأزمات، وتسائل عن إمكانية جعل أماكن العمل دليلًا على التوظيف ودليلًا على المناخ على المستويين الوطني والدولي؟ وأشار إلى أنه من الضروري توجيه الاستثمار إلى المجالات التي يمكن فيها خلق فرص العمل في الطاقة المتجددة، فإذا لم يستثمر العالم في الوظائف أو لم يتم وضع مستقبل حقوق الإنسان وحقوق العمل والمعايير البيئية كأساس للتنمية كأولوية فلن يتم التعامل مع هذه الأزمات وسيظل الوجود البشري مهددًا في العالم.
مناقشة
تحدّث في المناقشة التفاعلية ترينيداد وتوباغو نيابة عن الدول الأعضاء في الجماعة الكاريبية الممثلة في تحدّث، والاتحاد الأوروبي، وليتوانيا نيابة عن بلدان الشمال الأوروبي ودول البلطيق، والمملكة العربية السعودية نيابة عن مجلس التعاون الخليجي، وفيتنام نيابة عن رابطة أمم جنوب شرق آسيا، وتيمور وليشتي نيابة عن مجموعة من الدول الجزرية الصغيرة النامية، العراق، ساموا، السنغال، الملديف، كوستاريكا، البرتغال نيابة عن البلدان الناطقة باللغة البرتغالية، ليبيا، نيبال، الإمارات العربية المتحدة، النيجر وبولندا وجزر مارشال ومنظمة التعاون الإسلامي وبوتان وموريتانيا وسيراليون وفرنسا. وتحدّث أيضاً عن المبادرة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمجلس الاتحادي لنقابة المحامين البرازيليين، ومنظمة وسط أوروبا والعالم الثالث، وشبكة المعلومات والعمل بشأن أولوية الغذاء الدولية، ومنظمة عدالة الأرض، وجمعية اجعلوا الأمهات أمرا هاما.
حيث رحب بعض المتحدّثين بالمناقشة التي كانت ذات صلة في سياق أزمة المناخ والصراع وأزمة تكلفة المعيشة، وأشاروا إلى تشكيل تغير المناخ تهديداً وجودياً قد تفاقم في سياق البلدان الضعيفة، فقد نصّت أهداف التنمية المستدامة على ضرورة تهيئة الظروف للسماح للناس بالحصول على وظائف جيدة دون الإضرار بالبيئة. وقال المتحدّثون إن الحقّ في العمل وتغير المناخ مترابطان بشكل لا ينفصم، والحقّ في العمل حق أساسي من حقوق الإنسان، حيث سيؤدي الاحترار العالمي إلى تفاقم الفقر وزيادة انعدام الأمن الوظيفي.
كما أكدوا على مساهمة مكافحة تغير المناخ والتدهور البيئي في ضمان عالم أكثر صحة، حيث يمكن للجميع العمل بأمان وكرامة، ويلزم التركيز بشكل خاص على تعزيز العمل اللائق لمن هم أكثر تضررا من تغير المناخ. وقال بعض المتحدّثين إنه من الضروري النظر أكثر من أي وقت مضى في طرق جديدة ومبتكرة للحد من فقدان الوظائف المرتبط بالعمل المناخي، فقد كانت حالة الطوارئ المناخية تدعو إلى اتخاذ إجراءات من أجل الوظائف، حيث سلط اتفاق باريس الضوء على الانتقال العادل والعمل اللائق كعناصر أساسية لمكافحة تغير المناخ. بالتأكيد على أهمية العمل اللائق للمرأة وذلك لضمان عدم استبعادها من النموذج الاقتصادي، فإذا لم يتم التعامل مع عدم المساواة بين الجنسين بشكل مناسب فإن النساء والفتيات سيتعرضن لخطر تفاقم ظروف العمل.
أشار بعض المتحدّثين إلى أن هناك قيمة يمكن استخلاصها من تبادل الخبرات، ومن الدعم الذي سهل التحول نحو الأنشطة الاقتصادية المنتجة وخلق فرص العمل التي تتماشى بشكل أوثق مع التنمية المستدامة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، فمن الضروري تعميم تغير المناخ في جميع مجالات حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالتنمية وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ. ويجب أن تتخذ البلدان تدابير لمعالجة الأثر غير المتكافئ للوباء على القطاعات المحرومة في المجتمع، بما في ذلك تعميم المساواة بين الجنسين والاستدامة البيئية والانتقال إلى الطاقة المتجددة والكفاءة في استخدام الطاقة. وقال بعض المتحدّثين إن المجتمع الدولي بحاجة إلى تقديم المساعدة التقنية للدول الصغيرة، التي لا تملك الوسائل اللازمة لتنفيذ خطط لتحقيق اتفاق باريس، وبينوا حدوث بعض التطورات الإيجابية بما في ذلك استخدام التكنولوجيات المتقدمة لتيسير الزراعة المقاومة للمناخ، والتي تنطوي على إمكانية خلق فرص العمل.
ناشد المتحدّثون جميع البلدان للتحرك نحو الاقتصاد الأخضر، مشيرين إلى أن الصناعات الخضراء ستكون أكثر أهمية في الحد من الانبعاثات وتعزيز الاقتصادات المستدامة، كما أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتطوير التشريعات حول تغير المناخ، بالإضافة إلى أنه يمكن لآلية الاستعراض الدوري الشامل أن تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الحقّ في العمل في سياق تغير المناخ، كما أنه من الضروري التأكد من أن الكلمات تقابل بالأفعال، مشيرة إلى أن الصناعات الخضراء ستكون أكثر أهمية في تقليل الانبعاثات وتعزيز الاقتصادات المستدامة، كما شددوا إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتطوير التشريعات حول تغير المناخ.
ملاحظات ختامية
أشار فيك فان فورين -نائب المدير العام بالوكالة للسياسة ومدير إدارة الشركات بمنظمة العمل الدولية- إلى أن هناك فجوة آخذة في الاتساع بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، وهناك حاجة إلى أطر تنظيمية مناسبة لمعالجة هذه المسألة بطريقة متكاملة. كما أكد على أن سياسات التعليم أدت إلى إنتاج شباب عاطلين عن العمل، لذلك فهناك حاجة إلى إيجاد المهارات المناسبة لاحتياجات السوق المستقبلية، من خلال تعديل السياسات التعليمية وفقًا لذلك. وشدد أنه يجب أن يكون هناك طريق إلى الشمولية، مما يسمح للجميع بإيجاد الحلول، فالمستقبل يكمن في التوظيف في الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي يجب إعطائها أولوية خاصة في الصناعات الخضراء وخلق فرص عمل لائقة للجميع.
موقف مركز جنيف الدولي للعدالة
يؤكد مركز جنيف الدولي للعدالة على أهمية تعزيز الحقّ في العمل كونه من أهم حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية، ويرى أن التغيّر المناخي في السنوات الأخيرة ومع جائحة كوفيد-19 كان لها أثر سلبي على حقوق الإنسان بشكل عام وعلى الحقّ في العمل بشكل أساسي خاصة في البلدان النامية. فقد الكثير من الأشخاص مواطن شغلهم إثر الحجر الصحي جراء جائحة كوفيد-19 وانجر عن ذلك تأثر الحقّ في الغذاء وعدة حقوق أخرى كلها مرتبطة بالحقّ في العمل، وبذلك فإن الحقّ في العمل مرتبط ارتباطا مباشرا بالتغيّر المناخي والبيئي، فقد نصّت أهداف التنمية المستدامة على ضرورة تهيئة الظروف للسماح للناس بالحصول على وظائف جيدة دون الإضرار بالبيئة. يرى مركز جنيف الدولي للعدالة أن التطور التكنولوجي والانتعاش الذي شهده العالم بعد كوفيد-19 فرصة جيدة لتصميم سياسات وتدابير قائمة على حقوق الإنسان تضمن حقوق العمال والمجتمعات المتأثرة بإجراءات تغير المناخ في سياق الاقتصاديات المستدامة والشاملة، كما يشدّد على أهمية تقديم البلدان المتقدمة الدعم للبلدان النامية من أجل تكريس وتنفيذ هذه السياسات من خلال تنفيذ برامج الصناعات الخضراء وتقليل الأثار السلبية على البيئة وتوفير فرص عمل لائقة.