الجزء الرفيع المستوى لمجلس حقوق الإنسان
في هذا الجزء قدّم مركز جنيف الدولي للعدالة والمنظمة الدولية للقضاء على كافة اشكال التمييز العنصري، وبدعم من عدد من منظمات المجتمع المدني، الدكتورة فاطمة العاني، مستشارة المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، لتتحدث باسم منظمات المجتمع المدني عن النتائج العكسيّة لما يسمّى الحرب على الإرهاب.
نص البيان:
شكرا سيدي الرئيس.
أود أن أسترعي انتباه هذه الهيئة الموقرة، الى قلق المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم بشأن الآثار السلبّية المترتبة على ما يعرف بـ "الحرب على الإرهاب".
منذ عام 2001 والمعاناة الإنسانية في سياق "الحرب على الإرهاب" تتزايد، فقد أدّت الى مقتل الآلاف من المدنيين، وتدمير البنى التحتية في الكثير من الدول. ورغم ذلك لم يتم القضاء على الإرهاب أو الجماعات المسلحة، بل على العكس من ذلك، فقد ظهرت مجموعات إرهابية جديدة مثل داعش والميليشيات المسلّحة.
من جهة أخرى أسفرت الحملات العسكرية المضادة عن اضطرابات سياسية وقتل الآلاف من المدنيين في البلدان المستهدفة. وعلى الرغم من الارتباط الواضح للحرب العالمية على الإرهاب بتصاعد موجة التطرف العنيف، لم يفلح زعماء العالم في تغيير استراتيجياتهم. وما تدمير العديد من المدن في العراق وسوريا الا أحدث مثال على فشل نهج مكافحة الإرهاب وعدم فعاليته.
السيد الرئيس – أصحاب السعادة،
يتمثل اليوم، الواقع المرعب للحرب الحديثة على الإرهاب بعدم التمييّز بين المدنيين والإرهابيين، وباستخدام الحصارٍ ومنع وصول المساعدات الإنسانية، ليبقى مئات الآلاف من المدنيين دون طعام وإمدادات أساسية، بالإضافة الى الحرمان من الرعاية الطبية الأساسية، والتعليم، والإسكان.
وقد أظهرت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء صورا مفزعة لأطفال ونساء في هذه المدن، محاصرين تحت بقايا منازلهم. وفشل العالم مرة أخرى في وقف استهداف التحالفات الدولية والحكومية للمناطق المدنية المأهولة، واحترام حقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني.
ومن المظاهر الأخرى ان المدنيين الذين يهربون من القصف غالباً ما يتعرّضون للقتل من المجموعات الإرهابية او من القوات الحكوميّة والميليشيات المتحالفة معها، اما من يبقى احياء فاتهم يتعرّضون لأبشع صور التعذيب.
السيد الرئيس
الأعضاء المحترمون
إن الإرهاب يشكل تحدّيا عالمياً، لكن مواجهته لا يمكن ان تتم من خلال الحلول العسكرّية وانتهاك حقوق الانسان، بل يجب ان تقوم على تنفيذ استراتيجيات شاملة موحدة، وأنها تبدأ بمعالجة الجذور العميقة للمشاكل الدوليّة، وبتفعيل خطط التنمية والقضاء على الفساد الذي يحرم الشعوب من حقوقها الأساسيّة.
لن يتم القضاء على الإرهاب بإشاعة الكراهيّة المبنيّة على التمييز العرقي او الديني او الطائفي، لن يتم القضاء عليه من خلال استدعاء إشاعة الفوضى وتشكيل الميليشيات التي لا تلتزم بقانون.
يجب علينا ان نفهم جيدا أنه إذا كان يحق للدول اتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب، فهي ملزمة على قدم المساواة بحماية حقوق الإنسان وتحمل مسؤولية كل الانتهاكات الناجمة عن أفعالها وافعال ما يتبعها من مجموعات مقاتلة.