تشهد محافظة ديالى العراقيّة تزايداً غير مسبوق من عمليات التهجير والقتل الطائفي منذ بدايات هذا العام 2016 في استمرار لعمليات متواصلة في المحافظة منذ الغزو الامريكي عام 2003. وتؤكد كل الدلائل والشهادات المستقاة من الوقائع الميدانية ان هذه الجريمة الدولية الكبرى هي مخطّط، منتظم، متكامل، مترابط النتائج تجري عمليّة تنفيذه على عدّة حلقات، بمشاركة الأجهزة المرتبطة بالسلطة القائمة في العراق ومن خلال اذرعها ووحداتها التي تأخذ تسمّيات وهياكل شتّى لكنها تلتقي في وحدة الهدف وفي الاتفاق على التنفيذ.
إن السلطات العراقيّة تحاول، وهو ما دأبت عليه في مثل هذه الحالات، التقليل من سعة وشموليّة ومنهجيّة هذه الاعمال بالقول انها من جهات خارجة على القانون، او استخدام اليافطة الجاهزة (الارهاب) اوانه سيجري محاسبتها من الأجهزة الامنيّة. هذه السلطات تعلم علم اليقين ان هذه الاعمال هي عمليات منظمة ومستمرة تنفذها أجهزتها المرتبطة بها، والمدعومة من قبلها، تحت اسم بــ (الحشد الشعبي) على القيام به في اماكن عدّة من العراق. كما تشترك بها ـ وتتآمر بوضوح لتنفيذها ـ القوات الحكوميّة على اختلاف تشكيلاتها والأجهزة الامنيّة.
وكما سيورد المركز لاحقاً، فأن لديه معلومات موثقّة، وقسم منها صادر من اطراف حكوميّة، تؤكد المشاركة الفعليّة لأجهزة السلطة في تنفيذ فصول هذه الجريمة النكراء التي تتم بسبب خلفيّة الضحايا المتلازمة عرقياً ومذهبياً، وبالتالي فان الجريمة موجّه قصداً ضد فئة (العرب السنّة) تحديداً، بالقتل والتهجير والاعتقالات التي طالت مئات الآلاف، وهدم البيوت بعد سرقتها، وتجريف الأراضي وحرق وتدنيس المساجد التابعة لهم، واذلال واهانة ائمتهم وخطباء مساجدهم ورؤساء عشائرهم والوجهاء ضمن سياسة تتعمدّ الحطّ من كرامتهم واضعاف شأنهم في المجتمع وامام اقرانهم.
ومن هنا فان مركز جنيف الدولي للعدالة يتهم حكومة حيدر العبادي، المسؤولة قانوناً عن السلطة في العراق حالياً، بانها ضالعة بصورة قاطعة، وعن عمدٍ بارتكاب جريمة "التطهير العرقي" لأسباب عرقية ودينية في محافظة ديالى في جمهورية العراق. ومن هنا يحمّل المركز، المجتمع الدولي وفي المٌقدّمة منه: هيئات الأمم المتحدّة وبخاصةٍ منها مجلس الأمن الدولي، مجلس حقوق الإنسان، المحكمة الجنائية الدولية، فريق الأمم المتحدّة المعني بمنع وقوع جريمة الإبادة الجماعية، مكاتب الأمم المتحدّة في العراق، الدول الأعضاء في الأمم المتحدّة، المجموعات الأقليمية (الجامعة العربية، منظمة المؤتمر الإسلامي)، المسؤوليّة القانونية والأخلاقية التي تفرض عليها ان تتدخل فوراً، دون أي ابطاء، لوقف فصول هذه الجريمة طبقاً لمسؤولياتها الواضحة المنصوص عليها في مواثيقها وداستيرها وقواعد عملها. ويتوجب اتخاذ كل الإجراءات لكي يُحال، الى القضاء الدولي او المحلّي، كل المتورطين في هذه الجريمة ضد الإنسانيّة بما يمنع تفاقمها وزيادة عدد ضحاياها.
https://www.gicj.org/index.php?option=...