تتكثف المعركة لاستعادة السيطرة على الموصل من ISIS في تشرين الثاني عام 2016، ويتفشى العنف ضد المدنيين على يد الميليشيات المشاركة في الحملة العسكرية.
تسبب فيديو مروع ظهر يوم الجمعة 11 نوفمبر لصبي صغير سحق من قبل دبابات بعد أوامر من مجموعة من الرجال يرتدون زيا عسكريا في فزع وغضب في العالم بأن تم اطلاقه على وسائل الاعلام الاجتماعية. تم اقتياد الطفل العراقي الذي عرف باسم محمد علي الحديدي إلى الدبابة وأطلقوا عليه النار سبع مرات قبل أن يتم سحقه من قبل سيارة عسكرية. وكان قتله غير إنساني لأنه متهم بالانتماء الى .ISIS
هذا الحدث ليس الوحيد الذي يخزي بما فيه الكفاية ، ولكن كما ذكر إلى حد كبير من قبل مركز جنيف الدولي للعدالة ويشكل واحدا من انتهاكات لا حصر لها والانتهاكات التي ارتكبت على أيدي قوات الأمن العراقية والحكومة التابعة للميليشيات ضد المدنيين خلال ما يسمى ب "معارك التحرير".
وبنفس الطريقة تظهر لقطات أخيرة جندي يتم تعذيبه من قبل مجموعة من أكثر من عشر أشخاص يرتدون زي الجيش العراقي وزي الشرطة الاتحادية. تتعرض الضحية للضرب المبرح والركل من قبل المعتدين الذين غير مبالين تماما لصرخاته اليائسة. وأوضحت مصادرنا على الارض ان الجندي ينتمي إلى الطائفة السنية ويعتقدون بشدة أن هذا هو السبب وراء مقتله.
على الرغم من كل المحاولات التي قامت بها الحكومة العراقية لاتهام ISIS لهذه الحوادث، هناك القليل من الشك في أن الذين نفذوا تلك الجرائم المروعة ينتمون إلى القوات العسكرية العراقية. يستطيع مركز جنيف الدولي للعدالة تأكيد هذا أستناداَ بشكل لا لبس فيه على اللغة واللهجة المستخدمة من قبل المعتدين، والزي الذي يرتدونه.
وعلاوة على ذلك، كانت أشرطة الفيديو على هذا النحو وفيرة على شبكة الإنترنت لفترة طويلة جدا، ومعركة الموصل كما هو متوقع غير مستثناة. ومعظم اللقطات المروعة التي تم تحميلها بكل فخر من قبل نفس المعتدين تظهر شباب سنة وحتى أطفال مذعورين تم تعذيبهم أو سوء معاملنهم بأكثر الطرق المروعة، بما في ذلك الركل على الرأس، التعرض للضرب والحرق أحياء، اطلاق النار، الخ ...، مع اطلاق الشتائم والاتهامات من قبل المعتدين المولولون بصلة هؤلاء الناس ب ISIS. تم تقريبا قتل جميع الضحايا بعد الانتهاء من التسجيل.
يعرب مركز جنيف الدولي للعدالة عن الغضب والرعب من أعمال العنف هذه ويلوم بشدة تقاعس الحكومة فيما يتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب على الاراضي العراقية من قبل الوحدات التي تتعاون معها.
وردا على أدلة سوء المعاملة، كما ذكرنا أعلاه، فإن الحكومة العراقية عادة ما تتبنى موقف الإنكار لتحويل مسؤوليتها. في اشارة الى الصبي الصغير الذي سحقته الدبابة، نفى متحدث باسم وزارة الداخلية كانت هناك وجود أي انتهاكات من قبل القوات العراقية، وانها تحترم حقوق الإنسان والقانون الدوليفي أكثر الأوقات حيث يتم استدعاء الحكومة للتحدث علنا ضد هذه الادعاءات والتحقيق فيها، فانها في الواقع قدمت دائما نفس الردود: إما أن "الحوادث" هي حالات معزولة بسبب سوء السلوك من قبل عدد قليل من الأفراد، أو ان هؤلاء المعتدين الذين يرتدون زي الشرطة الاتحادية أو زي الجيش، هم في الواقع مقاتلون ISIS منكرون في زي قوات الأمن الرسمية.
يمكن للمرء ان يصدق هذه الأقوال إذا لم تكن انتهاكات قوات الأمن واسعة الانتشار. يستلم مركز جنيف الدولي للعدالة أشرطة فيديو، وشهادات وأشكال أخرى من الأدلة مما لا شك فيه أن هذه الجرائم ليست حوادث معزولة، بل تشكل الفعل الصحيح من الانتقام الطائفي التي تأسس على أسس تمييزية نقية ضد الفئة السنية. تشير الدلائل في الواقع على أن الحكومة لديها اشتراك مباشر مع هذه الجرائم لأنها شرعت تدريجيا هذا السلوك الإجرامي في صفوف قوات الأمن عن طريق ضم ميليشيات وحشية لهم كتشكيلات مستقلة والسماح لهم بالتمتع بمستويات غير مسبوقة من الحصانة.
ومن الحقائق المعروفة أن أفراد الميليشيات، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى منظمة الحشد الشعبي، قد تسللوا قوات الأمن مما يجعل من المستحيل تقريبا التمييز بين الكيانين. لم يتخذ أي إجراء من أي نوع للسيطرة على سلوكهم والحد من سلطتهم. على العكس من ذلك، فإن الحكومة العراقية تحاول باستمرار تضليل الرأي العام مؤكدة أن هذه الجماعات هي مدخراَ أساسياَ في الحرب ضد ISIS وأنها تعمل وفقا للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان.
تتناقض هذه الادعاءات مع الحقائق على الأرض لدرجة أن رئيس الوزراء حيدر العبادي، وقبل بداية الهجوم في الموصل، أضطر أن يوعد بأن الحشد الشعبي سوف لن يشارك في القتال ضد ISIS لكن أن تكون له فقط وظيفة "الدعم" للجيش العراقي خارج المدينة. ومن الواضح أن هذه الوعود هي مجرد كلمات حيث نفذت المجموعة عدة هجمات حول أحياء الموصل. وبالفعل تم الإبلاغ عن انتهاكات على أيدي الميليشيات في مدينة تلعفر وكذلك ضد هؤلاء المدنيين الهاربين من النزاع الرئيسي. أصدر أحمد الأسدي المتحدث باسم الحشد الشعبي بيانا يوم 14 نوفمبر تشرين الثاني 2016 خلال مؤتمر صحفي عقد في بغداد، مؤكدا أن تنظيم الميليشيا مسؤولة عن منطقة تزيد مساحتها على أكثر من 14000 كيلومترا مربعا. ان مركز جنيف الدولي للعدالة قلق بشدة عن مصير سكان هذه المنطقة الكبيرة، وخاصة بالنسبة للسكان السنة، الذين سيواجهون بالتأكيد انتهاكات فظيعة.
لم تفعل الأمم المتحدة لحد الآن شيئاً يذكر للإدانة بجرائم قوات الأمن العراقية والميليشيات التابعة لها. على العكس من ذلك، في مؤتمرمجلس الأمن في 9 نوفمبر تشرين الثاني عام 2016، قال يان كوبيس، الممثل الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (يونامي) ان "استنادا إلى الدروس المستفادة من الماضي، فان الحكومة العراقية و قيادة قوات الأمن العراقية والحشد الشعبي اعطت الأولوية في حماية المدنيين بشكل غير مسبق في تخطيط وتنفيذ العملية العسكرية الحالية ".
ومن المؤسف أن أصدر ممثل الأمم المتحدة بيان يعطي الشرعية على الانتهاكات المذكورة أعلاه ويشجع الحكومة العراقية على الاستمرار على هذا النحو. تتواجد الأدلة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية على أيدي هذه الجهات غلى جميع شبكات الإنترنت، والتي يمكن التحقق منها على أرض الواقع من خلال مئات الشهود. كثيرة هي المنظمات الدولية التي أوردت نفس الانتهاكات، بضمنها منظمة العفو الدولية، التي أصدرت تقريرا مفصلا جدا في 10 نوفمبر تشرين الثاني. لا يمكن اليوم إنكار الحقائق ولايمكن لمكافحة الإرهاب أن يبرر مثل هذا العنف. في هذا الاطار يود مركز جنيف الدولي للعدالة أن يكرر مرة أخرى معارضته القوية والصريحة ضد ISIS وإدانة الجرائم التي ترتكبها هذه المجموعة كل يوم في العراق وأجزاء أخرى من العالم والحاجة الماسة للقضاء على هذا الشر.
ومع ذلك، يجب أن يكون المنهج واحد وبلا تحفظ لمواجهة الإرهاب ويحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان وليس قانون الحكومة العراقية وحلفائها.
في هذا الاطار، يدعو مركز جنيف الدولي للعدالة فوراَ الأمم المتحدة لممارسة دور أقوى بكثير في إدانة الجرائم التي تحدث في العراق على يد الميليشيات الموالية للحكومة وقوات الأمن، وذلك تماشيا مع ولايتها ومبادئها وقيمها.علاوة على ذلك، فإننا نكرر موقفنا أن دون إحالة الوضع في العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية، فان العدل في البلد لن يكون ممكنا. على العكس، فإن الإفلات من العقاب سوف يؤدي إلى واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في جميع الأوقات.