مركز جنيف الدولي للعدالة يطالب بايفاد بعثة تحقيق دوليّة للتحقيق بانتهاكات الحشد الشعبي والقوات الحكوميّة
في 7 حزيران 2016، وجّه مركز جنيف الدولي للعدالة (GICJ) نداءً عاجلاً إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، والى عدد من المسؤولين في الأمم المتحدّة والدول الأعضاء كافة، يطلب فيه فتح تحقيقيٍ دولي بالمجازر التي حدثت في مدن الفلوجة، الصقلاوية والكرمة، وغيرها من المناطق التي ارتكبت فيها ميليشيات الحشد الشعبي المجرمة ابشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانيّة ضد المدنيين الفارّين من المعارك.
واوضح المركز ان احدث هذه الجرائم هو ما جرى يومي 2 و3 حزيران في ناحية الصقلاوية التابعة ادارياً الى قضاء الفلوجة في محافظة الأنبار، حيث اقتادت الميليشات عدداً كبيراً من الشباب والرجال الذين التجأوا اليها هرباً من المعارك واخضعت لأبشع صنوف التعذيب ومارست عليهم ساديتها وةحشيتها، ثم اعدمت بدم بارد الكثير منهم ذبحاً بالسكاكين حسب ما تؤكدّه شهادات موثّقة للأشخاص الذين حالفهم الحظ ونجوا من هذه المذبحة، الذين قدّروا عدد الضحايا بين 200 الى 300 شخص.
واكد المركز انه لا يمكن التعويل على أي اجراء تعدُ به السلطات العراقيّة فالتجارب أثثبتت انها مُشارك أساس بهذه الجرائم ممّا يتطلب ارسال بعثة تقصي حقائق دولية للتحقيق في كل انتهاكات ميليشيا الحشد الشعبي وفي كل الأماكن التي جرت فيها انتهاكات، وطالب المركز بالتوقف عن تقديم أي دعمٍ لهذه الفصائل المجرمة ومنعها من أي نشاط وصولاً الى حلّها وتقديم كل المسؤولين عنها الى العدالة.
التفاصيل
تعرّضت مدينة الفلوجة، الواقعة في محافظة الانبار العراقية، الى هجوم عسكري مدمر بدأ في 22 مايس/مايو 2016، سمّي بـ (تحرير الفلوجة) تحت الذريعة المعروفة "مكافحة الإرهاب" وفقاً للسلطات العراقية. واشترك في الهجوم وحدات من الجيش (يتألف معظمه من الميليشيات بعد حلّ الجيش العراقي عام 2003)، وفصائل من الميليشيات تحت الغطاء الجوي الأمريكي وبدعمٍ من المستشارين العسكريين الإيرانيين على الأرض، الذين يقدّمون الأسلحة و المعدّات الحربيّة إلى الميليشيات المنضوية تحت ما يسمّى (الحشد الشعبي).
وبعد بضعة أيام من بدء الحملة العسكرية، أرسل مركز جنيف الدولي للعدالة نداءً عاجلا إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان (24 مايس/مايو 2016)، وكذلك رسالة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (27 مايس/مايو 2016)، أوضح فيها خطورة ما يجري جرّاء الحملة العسكرية حيث يتزايد عدد الضحايا المدنيين نتجة القصف الجوّي الهائل.*
القصف العشوائي
يوضح مركز جنيف الدولي للعدالةان اعتماد هذه العمليات العسكرية على القصف العشوائي الذي يقوم به الطيران الأمريكي ضمن ما يسمّى (قوات التحالف) والطائرات العراقيّة، فضلاً عن ما تستخدمه وحدات الجيش والميليشيات من اسلحة مدّمرة باستخدام المدفعيّة الثقيلة وراجامات الصواريخ ضد المدينة لا يمكن ان ينجم عنه اي نصرٍ عسكري ضد (المجاميع الإرهابيّة) التي تتنقل من مكان لآخر بمجموعات صغيرة، بل ان التأثير الأكثر وضوحاً هو على المدنيين حيث يفقد العشرات منهم حياته يومياً، ويبقى الكثير من هؤلاء تحت ركام المباني لعدم وجودج فرق انقاذ تعمل بحرّية في المدينة، فضلاً عن اعداد كبيرة من الجرحى الذين لا تتسع ما تبّقى من ردهات مستشفى الفلوجة التعليمي لإستيعابهم حيث تعرّض هو الآخر للقصف (المتعمّد) اكثر من مرّة.
ومع انه لا يوجد تقدير دقيق لعدد السكان المتبقين في الفلوجة إلاّ ان مصادر موثوقة من داخلها تؤكدّ ان عدد من كان قد بقي في المدينة عند بدء الحملة العسكرية كان بحدود 200 الف نسمة، خرج منهم بعد بدء القصف ما يقرب من 4000 فيصبح عدد من هو في المدينة حالياً بحدود 196000 – وحتى العدد الذي تذكره السلطات العراقية والذي يتراوح بين 50.000 الى 90.000 من المدنيين، هو عددٌ كافٍ للقول ان عدد الأشخاص الذين همّ في خطر كبير على حياتهم عالٍ جداً مقارنة مع مجرد 500 الى 1000مقاتل من الدولة الإسلامية الذين يُعتقد بانهم في المدينة.
كما أنه من المسلم به علناً من قبل السلطات الأمريكية والعراقية، أن الهدف المعلن للهجوم ( ISIS)يتمتعون بديناميكية للغاية ويتحركون بسرعة، ولذا فأن شنّ حملة من القصف العشوائي واستخدام هذا النوع من الأسلحة لا يمكن أن يحقّق ان نتائج ايجابيّة بل بالعكس فان نتائجه العكسية باتت مدمّرة، إذا كان الغرض حقاً هو "مكافحة الإرهاب وحماية المدنيين"، كما تدّعي السلطات العراقية.
فمهما كان القصف دقيقاً باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، فأنه لن يكون مناسباً لمثل هذه الأهداف، لا سيما وأن القوات تستخدم أسلحة ومواد ذات قوة تدميرية كبيرة، مما يؤدّي في نهاية المطاف إلى تدميرٍ كاملٍ لمناطق واسعة من المدينة، ونتيجة لذلك، هنالك ارتفاع حادّ في عدد الضحايا والإصابات بين المدنيين، بما في ذلك من بقي منهم محاصراً تحت الأنقاض ولا يستطيع احد استخراجهم بسبب كثافة وشدّة القصف.
وبالإضافة إلى قصف الأحياء المدنيّة فان مستشفى الفلوجة تعرّض هو الآخر لقصفٍ متكرّر بصواريخ جوية منها ما جرى يوم الاربعاء 25 مايو 2016 والخميس 26 مايو 2016، مما تسبّب في العديد من الأضرار التي لحقت المبنى، فضلاً عن تدمير المعدّات الطبية الأساسية. وقد أدّى هذا إلى إضعاف إمكانية تلقي المدنيين الجرحى أو المرضى الرعاية الصحية.
والمعروف ان مثل هذه الأفعال هي إنتهاكاتٌ جسيمة مخالفة لاتفاقيات جنيف لعام 1949، وعلى وجه الخصوص، منها اتفاقية جنيف الرابعة المتعلّقة بحماية المدنيين وقت الحرب.
جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
يتلقى مركز جنيف الدولي للعدالة كمّ كبير من الشهادات، يومياً، من أحياء الفلوجة والمناطق المجاورة للأبلاغ عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها المليشيات المتورّطة في الصراع ضد أولئك الذين تمكنوا من الفرار من القتال ولجأوا اليها.
وخلال الأيام 2 الى 5 حزيران/ يونيو 2016، أثناء القتال في الصقلاوية (مدينة صغيرة على بعد 20 كيلومترا من مدينة الفلوجة غرب) لجأ أكثر من 1000 مدني إلى أقرب وحدة عسكرية، ومن سوء حظّهم ظهر انها تنتمي إلى ميليشيا الحشد الشعبي.
وبدلاً من تقديم الدعم والمساعدة إلى هؤلاء المدنيين الناجين من الصراع، فقد تم احتجازهم في اماكن لا يتوفر فيها لا الغذاء ولا الماء مدّعيةً انهم ينتمون الى (داعش)، وتعرّضوا الى ابشع صنوف التعذيب وغيره من ضروب المعاملة المهينة والمعاملة اللاإنسانية، والتي أسفرت عن اعدام 200 شخصاً بالسكاكين وتم احراق بعض الجثث والقاء جثث اخرى في نهر الفرات، في حين قال بعض الناجين انهم رأوا الميليشيات تدفن اعداد أخرى من النازحين وهم احياء.
{youtube_plus}/SSlEbviRSRE,?rel=0,650,400{/youtube_plus}
وبدت على اجساد أولئك الذين حالفهم الحظ واطلق سراحهم، وهم بحدود 650 شخصاً، آثار وعلامات التعذيب، واكدّوا إن الميليشيات مارست جميع أنواع سوء المعاملة، بما في ذلك الذبح بالسكاكين وغيرها من الأسلحة، الاعتداء عليهم بالضرب، وكذلك الإساءات اللفظية والنفسية ذات الدلالات الطائفية. ومن بين هؤلاء هنالك 150شخصاً يعانون من كسور في الساقين والذراعين ، وهنالك ما يقرب من 100 شخص تظهر عليهم علامات حروقٍ شديدة على ظهورهم وصدورهم. وأفاد عدد من النساء أنه جرى فصلهن عن أسرهم دون إعلامهم متى سيكونون قادرين على رؤية أحبائهم مرّة اخرى. واكدّن تعرّضهنّ الى مضايقاتٍ من قبل الميليشيات.
ووفقا لشهادات الناجين، فأن هنالك عدد كبير من الأشخاص الذين ما زالوا في عدّاد المفقودين، وبالتالي، فإن الأرقام الدقيقة عن الذين ما زالوا في عهدة الميليشيات غير معروفة وهنالك خشية من عمليات اعدام اوسع نطاقاً.
وهذه الجريمة ليست الأولى في منطقة العمليات العسكرية ضمن ما يسمّى عملية "تحرير الفلوجة"، فمنذ وقت ليس ببعيد، في 72 مايس/مايو 2016، تلقى مركز جنيف الدولي للعدالة دليلاً موثّقاً يؤكدّ أن ميليشيا تسمى (رساليون)، يقودها عضو البرلمان العراقي عدنان الشحماني، ذبحت 17 مدنياً في مدينة الكرمة. وهؤلاء هم جزء من مجموعة تتألف من 73 شخصاً اختطفوا بعد هروبهم من (داعش) ثم اعتقلوا واقتيدوا إلى منطقة الرشاد الواقعة شمال شرق الكرمة. وحتى اللحظة ما يزال مصير هؤلاء الأشخاص مجهولاً.
إن الإنتهاكات المُبينة اعلاه، التي ارتكبتها الميليشيات وبعض وحدات الجيش، هي جزء من سياسة ممنهجة، واسعة النطاق، تقوم على عقيدة من الانتقام على أسس طائفيّة وتستهدف عمداً السكان في المناطق التي تطبّق بها. ومن هذا المنطلق، قصفت ميليشيات الحشد الشعبي عدداً من المساجد في المنطقة وفجّرت عدداً آخر. هذه الإنتهاكات لا تقل في الأحوال الإعتياديّة عن جرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية، ولكنّ عندما يكون البعد الطائفي هو الباعث الدافع لها، فأنهى ترقى الى جرائم إبادة تستهدف المكوّن العربي السنّي، وهو ما يتطلب اجراءات فعّالة وصارمة على كل المستويات.
{youtube_plus}/YgeSDxbZZf0,?rel=0,650,400{/youtube_plus}
{youtube_plus}/Y_vZUPQBhXI,?rel=0,650,400{/youtube_plus}
الوضع الإنساني
وقد تدهور الوضع الإنساني، الهشّ اصلاً، بسرعة في أعقاب الهجمات على الفلوجة. فقد واجه معظم النازحين الذين تمكنّوا من الهرب من المدينة العديد من التحديات ومنها الإنتهاكات التي يلقونها من الميليشيات الحاقدة. وفي ظل غياب الاجراءات الحكوميّة الحقيقيّة لحماية المدنيين الهاربين من المعارك، فقد لقي ما لا يقلّ عن 18 شخصاً حتفهم إثر غرقهم في نهر الفرات زهم يحاولون عبوره. كثيرون آخرون يعيشون في ظروف انسانية مهينة. معظمهم يقضّون اياماً في العراء، ويفتقرون إلى ابسط المستلزمات للبقاء على قيد الحياة. ويمثّل الأطفال والنساء وكبار السن، العدد الأكبر من النازحين الذين تتعرض حياتهم، يوماً بعد آخر، لخطرٍ متزايد. ويكمن السبب في ذلك الى تعمدّ الحكومة في تهئةالمساعدات والسكن والاحتياجات اللازمة للنازحين قبل بدء الحملة العسكريّة. وعلى الرغم من تمكن بعض المنظمات الإنسانية لتقديم بعض المواد الغذائية والخيام، لكن ذلك لم يكن من الكفاية بحيث يوفي بمتطلبات الآلاف من المشردين الهاربين الفلوجة.
اجراءات حكومية
تحاول السلطات العراقية إقناع الرأي العام الدولي بأنها ضد انتهاكات الميليشيات المذكورة أعلاه، وادعى رئيس الوزراء وغيره من المسؤولين، في عدة مناسبات أن هذه هي حالات معزولة من الإنتهاكات، وأن السلطات ستعمل على التحقيق فيها وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة. وذلك لا يعدو ان يكون اكاذيب لصرف الأنظار عن الدعوات لعمل دولي بهذا الخصوص، إن القول انها حالات معزولة تدحضه كل الوقائع والشهادات الصادرة من مرتكبي هذه الانتهاكات الذين يتغنون بما يفعلون لأنهم واثقين من عدم وجود من يحاسبهم على افعالهم. لقد وجد مركز جنيف الدولي للعدالة من خلال استقصاءاته، أن التحقيقات الحكوميّة ما هي إلاّ اكذوبة أخرى فلا نتائج لأيّ تحقيق اجرته الحكومة في الانتهاكات التي ترتكبها قواتها او الميليشيات منذ عام 2003، ولم يتم محاسبة أيّ من المسؤولين عن تلك الانتهاكات. وهكذا، فأن الجناة ليس فقط يفلتون من العقاب، ولكن أيضا يتمتعون بالدعم الكامل للحكومة على ما يقومون به، فكل هذه الأطراف تشترك في سياسة طائفية ممنهجة تطبق على نطاق واسع، موجّهة، كما أسلفنا، ضدّ المكوّن السني في المجتمع العراقي.
إن الفظائع التي ارتكبت ضد المدنيين تجري امام أعين الجميع، واضحت اليوم أكثر وضوحاً واكثر بشاعةً واكثر استهتاراً بكل القيم. وقد اكدّ ذلك عدد غير قليل من المسؤولين في السلطة وعدد من الشخصيّات البرلمانيّة.
وحتى تلك القبائل الذين يشاركون الحكومة في القتال ضد (داعش) دعوا صراحةً السلطات العراقيّة لمنع الميليشيات من المشاركة في المعارك، لأن السلوك الطائفي الذي تنتهجه يضرُّ المدنيين. وعلى وجه الخصوص، قال رئيس مجلس عشائر الانبار، السيد رافع عبد الكريم الفهداوي، في بيان بتأريخ 5/6/2016، أن الكثير من المدنيين تعرضّوا لأنواع مختلفة من الانتهاكات، بما في ذلك القتل والمعاملة المهينة على أيدي الميليشيات.
كما دعا السيد راجح بركات العيساوي عضو لجنة الامن في محافظة الانبار، إلى إجراء تحقيق دولي في جميع الانتهاكات التي وقعت في مدن الفلوجة والكرمة والصقلاوية منذ بداية العمليات العسكرية ضد (داعش) حيث ان هذه الانتهاكات تؤثّر على عدد كبير من المدنيين الذين تم تسجيلهم مع اللجنة، وكذلك العديد من الأشخاص الآخرين الذين لم يعرف بعد مصيرهم.
{youtube_plus}rG_1Hn_qkNQ,?rel=0,650,400{/youtube_plus}
من جانبه أكدّ رئيس بلدية الفلوجة، السيد سعدون الشعلان أن النازحين من الفلوجة والمناطق المحيطة بها، تعرّضوا لانتهاكاتٍ شديدة من قبل ميليشيات الحشد الشعبي، بما في ذلك الاعدامات الصورية.
واكدّ البيان الصادر عن الاجتماع الذي عُقد في 4 يونيو 2016 من قبل رئيس تحالف (متحدّون) في البرلمان العراقي، نائب الرئيس السابق أسامة النجيفي، مع رئيس وأعضاء مجلس محافظة الأنبار، وأعضاء البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار، مسؤولية رئيس مجلس الوزراء العبادي عن الانتهاكات وقتل أهالي الفلوجة، وأنه يجب اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع ذلك وتقديم الجناة إلى العدالة. كما دعوه، باعتباره القائد العام للقوات المسلّحة، الى السيطرة الفعّالة على جميع وحدات الجيش والأمن وكذلك وحدات أخرى بما في ذلك ميليشيا الحشد الشعبي، من أجل منع المزيد من الانتهاكات.
الخلاصة والتوصيات
في ظل الوضع المأساوي داخل الفلوجة والمناطق المحيطة بها، حيث الناس الأبرياء يقتلون جراء القصف العشوائي على يد الجيش العراقي والميليشيات التابعة للسلطة، وبغطاءٍ جوّي وسياسي من ما يسمّى "التحالف الدولي"، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية،يكرّر مركز جنيف الدولي للعدالة دعواته السابقة دعواتها إلى المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص الى كل الهيئات المعنيّة في الأمم المتحدة ذات الصلة بأن يتمّ،على وجه السرعة، اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل الضغط على السلطات العراقية، فضلا عن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، إلى التوقف فوراً عن القصف العشوائي على المنطقة، حيث أن هذا لا يساعد في الحد من الإرهاب ولكن يهدد فقط حياة الآلاف من السكان المدنيين.
إن مركز جنيف الدولي للعدالة اذ يؤكدّ، مرة أخرى، معارضته وادانته الشديدة للإرهاب، لكن المطلوب، وكما اوضح فيه بياناته السابقة، اعتماد سياسات شاملة في هذا الخصوص، ليس فقط في العراق ولكن في جميع أنحاء العالم، لغرض تجنّب الهجمات المدمّرة على المدنيين ومدنهم التي لم تؤدِ سوى إلى زيادة الأنشطة الإرهابية.
و نظرا للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يتعرّض لها المدنيين، الذين تمكنوا من الفرار من المعرك في الفلوجة، من قبل الميليشيات المختلفة، ندعو بإلحاح هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة إلى القيام بكل ما هو في وسعهم للضغط على السلطات العراقية لكي توقف فوراً دعم والتعاون مع الميليشيات، وان تتخذ الإجراءات اللازمة لنزع اسلحتها من أجل حظر هذه المنظمات الإجرامية بصورة تامّة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على جميع تلك البلدان التي لديها تمثيل في العراق القيام بكل ما في وسعها لنزع الشرعية عن هذه المجموعات، ويتوجب عليها الامتناع عن المشاركة معها في نشاط، بما في ذلك استقبال وعقد لقاءات مع قادتها.
وعلى على الرغم من أن المركز يقدّر عالياً النداء الذي وجّهه المفوض السامي لحقوق الإنسان بتأريخ 7 حزيران/ يونيو 2016 والذي طالب فيه الحكومة العراقية اتخاذ تدابير فورية لضمان حصول جميع الناس الذين يفرّون من الفلوجة ان يعاملوا بما يتفق تماماً مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ويعتبر ذلك خطوة هامة في الاتجاه الصحيح، فإنه مقتنع أيضاً أن المطلوب هو المزيد من الضغط لضمان ان تتخذ السلطات العراقية اجراءات لحماية المواطنين الُمحاصرين في المدينة بالتوقف عن القصف العشوائي.
وبالإضافة إلى ذلك، يرى المركز ان من واجب السلطات ان توفّر كل الأحتياجات اللازمة، بما في ذلك المياه والغذاء والمأوى، للنازحين، ويجب أن تساهم بذلك هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة لضمان تلبيّة جميع الاحتياجات الأساسية للمشردين.
وأخيرا، نقدّر دعوة المفوض السامي لحقوق الإنسان، في النداء المذكور ، للحكومة العراقية بأن تثبت التزامها بحماية المدنيين من خلال إجراء تحقيقٍ كامل في هذه الانتهاكات. ومع ذلك، فأنه مقتنع تماماً أن السلطات العراقيّة لا يمكن الاعتماد عليها في إجراء هذه المهمّة فهي متواطئة ومشتركة في الانتهاكات وأثبتت في كثير من الأحيان أنها لن تغيّر هذا السلوك. لذا ندعو المفوض السامي وكل هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة، العمل على إيفاد بعثة دوليّة مستقلة للتحقيق في جميع الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات وقوات الامن التي تتعاون معها، ولا سيما ما يتعلق بجرائم الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري.
إن مركز جنيف الدولي للعدالة سوف لن يتوقف أبداً عن تذكير المجتمع الدولي بأن الانتهاكات التي تُرتكب ضد المدنيين الأبرياء والعزّل في الفلوجة، وكذلك في أماكن أخرى كثيرة من العراق، من خلال الجهات المذكورة اعلاه، تشكلّ جرائم حرب خطيرة وجرائم مروعة ضد الإنسانية، بل أن البعض منها يشكلّ جريمة ابادة، وكلّ ذلك مُخالف للقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبالتالي فإن المجتمع الدولي ككل يجب أن يفعل كل ما في وسعه لمنع تكرارها وتقديم كل المسؤولين عنها الى العدالة.
* مركز جنيف الدولي للعدالة: حرب إبادة ضد الفلوجة بغطاءٍ امريكي ودعمٍ إيراني - أيار / مايو 2016
مواقف و تصريحات مركز جنيف الدولي للعدالة حول حالة حقوق الانسان في العراق
مركز جنيف الدولي للعدالة: جرائم التطهير العرقي و الطائفي في ديالى - كانون الثاني / يناير 2016
العراق: معارك الانبار، سياسة الأرض المحروقة والابادة الجماعيّة - ديسمبر / كانون 2015
مركز جنيف الدولي للعدالة: في اليوم العالمي لحقوق الانسان، اين هي هذه الحقوق ؟ - ديسمبر / كانون 2015
داعش ليس كل مشاكل العراق - أيار / مايو 2015
تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة عن حالة حقوق الانسان في العراق - تشرين الثاني / نوفمبر 2014
مركز جنيف الدولي للعدالة : المطلوب في العراق حلّ جذري لا عملية تجميلية - تموز / يوليو 2014
متى سيتعلّم هذا العالم؟ على المجتمع الدولي احترام إرادة الشعب العراقي - حزيران / يونيو 2014
حملة "ثأر الشهداء": السلطات العراقية ترتكب جرائم ضد الانسانية - أيلول / سبتمبر 2013
السجون العراقية: تقرير من داخل أروقة الموت - كانون / ديسمبر 2012