خلاصة تنفيذية

تشهد محافظة ديالى العراقيّة تزايداً غير مسبوق من عمليات التهجير والقتل الطائفي منذ بدايات هذا العام 2016 في استمرار لعمليات متواصلة في المحافظة منذ الغزو الامريكي عام 2003. وتؤكد كل الدلائل والشهادات المستقاة من الوقائع الميدانية ان هذه الجريمة الدولية الكبرى هي مخطّط، منتظم، متكامل، مترابط النتائج تجري عمليّة تنفيذه على عدّة حلقات، بمشاركة الأجهزة المرتبطة بالسلطة القائمة في العراق ومن خلال اذرعها ووحداتها التي تأخذ تسمّيات وهياكل شتّى لكنها تلتقي في وحدة الهدف وفي الاتفاق على التنفيذ.

إن السلطات العراقيّة تحاول، وهو ما دأبت عليه في مثل هذه الحالات، التقليل من سعة وشموليّة ومنهجيّة هذه الاعمال بالقول انها من جهات خارجة على القانون، او استخدام اليافطة الجاهزة (الارهاب) اوانه سيجري محاسبتها من الأجهزة الامنيّة. هذه السلطات تعلم علم اليقين ان هذه الاعمال هي عمليات منظمة ومستمرة تنفذها أجهزتها المرتبطة بها، والمدعومة من قبلها، تحت اسم بــ (الحشد الشعبي) على القيام به في اماكن عدّة من العراق. كما تشترك بها ـ وتتآمر بوضوح لتنفيذها ـ القوات الحكوميّة على اختلاف تشكيلاتها والأجهزة الامنيّة.

وكما سيورد المركز لاحقاً، فأن لديه معلومات موثقّة، وقسم منها صادر من اطراف حكوميّة، تؤكد المشاركة الفعليّة لأجهزة السلطة في تنفيذ فصول هذه الجريمة النكراء التي تتم بسبب خلفيّة الضحايا المتلازمة عرقياً ومذهبياً، وبالتالي فان الجريمة موجّه قصداً ضد فئة (العرب السنّة) تحديداً، بالقتل والتهجير والاعتقالات التي طالت مئات الآلاف، وهدم البيوت بعد سرقتها، وتجريف الأراضي وحرق وتدنيس المساجد التابعة لهم، واذلال واهانة ائمتهم وخطباء مساجدهم ورؤساء عشائرهم والوجهاء ضمن سياسة تتعمدّ الحطّ من كرامتهم واضعاف شأنهم في المجتمع وامام اقرانهم.

ومن هنا فان مركز جنيف الدولي للعدالة يتهم حكومة حيدر العبادي، المسؤولة قانوناً عن السلطة في العراق حالياً، بانها ضالعة بصورة قاطعة، وعن عمدٍ بارتكاب جريمة  "التطهير العرقي" لأسباب عرقية ودينية في محافظة ديالى في جمهورية العراق. ومن هنا يحمّل المركز، المجتمع الدولي وفي المٌقدّمة منه: هيئات الأمم المتحدّة وبخاصةٍ منها مجلس الأمن الدولي، مجلس حقوق الإنسان، المحكمة الجنائية الدولية، فريق الأمم المتحدّة المعني بمنع وقوع جريمة الإبادة الجماعية، مكاتب الأمم المتحدّة في العراق، الدول الأعضاء في الأمم المتحدّة، المجموعات الأقليمية (الجامعة العربية، منظمة المؤتمر الإسلامي)، المسؤوليّة القانونية والأخلاقية التي تفرض عليها ان تتدخل فوراً، دون أي ابطاء، لوقف فصول هذه الجريمة طبقاً لمسؤولياتها الواضحة المنصوص عليها في مواثيقها وداستيرها وقواعد عملها. ويتوجب اتخاذ كل الإجراءات لكي يُحال، الى القضاء الدولي او المحلّي، كل المتورطين في هذه الجريمة ضد الإنسانيّة بما يمنع تفاقمها وزيادة عدد ضحاياها.

متهمون اساسيّون

يهيئ مركز جنيف الدولي للعدالة قائمة اوليّة بابرز المتهمّين بارتكاب جريمة التطهير العرقي والطائفي في محافظة ديالى ضمن مختلف فصولها، والقائمة ما تزال في طور استكمال كل الأسماء  والمستمسكات وتفاصيل اشتراكهم في التخطيط والتنفيذ للجريمة مدار البحث.

تضمّ قائمة المتهمّين الرئيسين الأوليّة كل من

نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي السابق. هادي العامري، قائدميليشيا بدر. قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني. أبو مهدي المهندس، قائد في ميليشيات الحشد الشعبي. قيس الخزعلي، قائد ميليشيا عصائب الحقّ. حيدر العبادي، رئيس وزراء العراق. سليم الجبوري، رئيس البرلمان العراقي. محمد غبّان، وزير الداخلية. محمد العبيدي، وزير الدفاع. الفريق الركن مزهر العزّاوي، قائد قوات عمليّات دجلة. الفريق الركن جميل الشمّري، قائد شرطة ديالى سابقا. العميد الركن جاسم السعدي، قائد شرطة ديالى. العميد احمد الزيدي، مسؤول مركز التنسيق المشترك. العقيد غالب العطيه، مدير الاعلام في القيادات حاكم الزاملي، رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، وهو قائد ميليشيا معروف.

كما تضمّ ضمن قائمة المتهمين الرئيسيين أسماء كثيرة منها: مثنى علي مهدي التميمي، محافظ ديالى. العميد خالص التميمي، مدير شرطة المقدّادية. اللواء علي فاضل عمران العبيدي قائد الفرقة الخامسة . صادق الحسيني، رئيس لجنة الامن في مجلس محافظة ديالى (من ميليشيا بدر). صباح مهدي زيني التميمي، ضابط استخبارات الحشد.  زياد التميمي، امر لواء الحشد. عمار محمود شمبة التميمي، ضابط امن ميليشيا الحشد الشعبي.

وليس في المقدادية وحدها، بل ان قائمة الأسماء تشمل مسؤولي وحدات عسكرية في مناطق أخرى من محافظة ديالى تتواصل حلقات عملها وتنسيقها لتنفيذ الجريمة على نطق واسع. ومنها مثلا: العقيد عبد الامير التميمي، قائد شرطة مندلي. حارث سعدون داود، مدير ناحية ابي صيدا، وهو قائد مليشياوي خطر. المقدم محمد طرماخ، قائد الفوج الثالث في مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى. العقيد هيثم التميمي، قائد الاحياء الداخلية في بعقوبه. العقيد علي اسود التميمي، المسؤول عن ناحية بهرز. المقدم سالم محمد، قائد ناحية ناحية كنعان. العقيد قاسم الشمري، اما امر فوج المقداديه. العقيد نهاد جبوري، قائد قضاء الخالص. العقيد غايب التميمي، قائد ناحية ابو صيدا. العقيد خير الله التميمي، قائد شرطة ناحية العضيم. العقيد صالح الخالدي، قائد ناحية جباره. العقيد (دمج) صمد سالار الزركوشي، قائد ناحية حمرين. العقيد نجاح التميمي، مدير شرطة قضاء بلدروز.


وتتضمن القائمة مجموعة من المساعدين الآخرين، فضلاً عن عدد من القتلة البارزين الضالعين في عمليات التصفية الجسدية على أسس طائفية، من أعضاء ميليشيا الحشد وبدر العصائب، ومنهم: عبد الهادي حاوي التميمي، حاتم حاوي التميمي، علي طبرة، حسين الشيباني، ايمن الأسمر التميمي، محمد عزيز ابو كاظم. يضاف اليهم قادة وأعضاء اللواء 24 من ميليشيا بدر. وعلي الوزير امر لواء في ميليشيا بدر.

كما تضمّ ميليشياويين ضالعين في الاجرام مثل: علي الحمد التميمي، المقداديه ـ الحي العسكري، وهو قائد في ميليشيا (عصائب اهل الحقّ) الإرهابية هناك. صلاح مهدي سلمان زيني التميمي، قائد ميليشيا، في ناحية الوجيهيه. كذلك عبد الهادي التميمي احد قادة عصائب اهل الحق.، وحامد عباس حسين التميمي، قائد مليشيات ايضاً.

ويوثق التقرير ان من المجموعات التي تفننت  وايغلت في تفجيرات المقدادية وقاموا بحرق المساجد وعمليات اغتيال على الهوية الطائفية على نطاق واسع، ومنهم: امير عمير التميمي، حيدر زهو التميمي، عماد البواطي التميمي، امير ادهم التميمي، حنش قوان التميمي، كرّار عمير التميمي، عقيل قزلجة، مصطفى البوطي،عقيل سبول التميمي...وغيرهم.

ويتحمل أعضاء القائمة البرلمانية من محافظة ديالى ومنهم: رعد الدهلكي، ناهدة الدايني، صلاح مزاحم، غيداء كمبش، منى العميري، فرات التميمي، مسؤولية كبيرة في سياق تداعيات هذه الجريمة.

كما يتحمل مسؤولو وأعضاء اللجان الرئيسة في البرلمان العراقي مسؤوليّة كبيرة سيساءلون عليها بخصوص هذه الجريمة الكبرى، وفي مقدّمتهم لجان حقوق الإنسان، الاجتماعية، الصحة، الطفل، المرأة، وغيرها من اللجان التي توجب عليها مسؤولياتها متابعة وملاحقة ما يجري من انتهاكات ضد شرائح واسعة من المواطنين وعدم السكوت عنها مطلقاً.

ان السكوت في جريمة دولية مثل (جريمة التطهير العرقي الطائفي) يعدّ اشتراكاً فعلياً فيها خاصة عندما يتعلق بالامتناع عن قيام بفعل يجب القيام به لمنع وقوعها.

وعلى نفس هذا القدر تتحمل: المفوضيّة العليا لحقوق الإنسان في العراق، بكامل أعضائها، المسؤولية المباشرة أيضا في هذه الجريمة الا اذا ثبت انها قدّمت كل ما يتوجب عليها تقديمه لمنع حصولها ولايقافها. ويتطلب عليها السعي الفوري من اجل وصول بعثة تحقيق دولية مستقلة وان لا تركن مطلقاً لاية تحقيقات يتم الوعود بها من داخل العراق، ومن اية جهة كانت: قضائية ام عسكرية، برلمانية ام حكومية.

ويلحظ التقرير تركز السلطات الادارية والعسكرية والأمنية بيد مجموعة متنفذة تجمعها صلات قرابة ومن عشائر بعينها. وهذا عامل مضاف لزيادة مسؤوليّة هؤلاء وزيادة مسؤوليّة مرؤوسيهم لما له من تداعيات خطيرة لا يمكن التحسب  لمدى تأثير نتائجها المدمّرة للسلم الاجتماعي.

ولا تغفل قائمة المتهمّين أسماء ضالعة في العمليات الاجرامية من قادة وآمري وافراد قوات البيشمركة، والاسايش الكردية في محافظة ديالى، ومسؤولين سياسيين اكراد في تلك المناطق. 

وسيواصل مركزجنيف الدولي للعدالة، طبقاً لمسؤولياته القانونية، متابعة الواجب اتخاذها من الجهات الدولية ذات العلاقة ضمن عمله الدؤوب لتحقيق العدالة.

مركز جنيف الدولي للعدالة
الأمم المتحدّة/ جنيف
في الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير 2016

جريمة التطهير العرقي

تؤكد الصكوك والاتفاقيّات القانونية الدوليّة ان (جريمة التطهير العرقي) هي عملية الطرد بالقوة لسكّان غير مرغوب فيهم من إقليم معين على خلفية تمييز ديني أو عرقي أو سياسي أو استراتيجي أو لاعتبارات ايدولوجية أو مزيج من من الخلفيات المذكورة. وهي محاولة خلق حيّز جغرافي متجانس عرقياً او دينياً، في المنطقة المقصودة، بإخلائه من مجموعة معينة. ويتم تنفيذ ذلك باستخدام القوة المسلحة،  والتخويف  او من خلال الاعتقالات، الإغتيالات، والأكثر وضوحاً هو عمليات الترحيل القسري، أو الاضطهاد، أو طمس الخصوصية الثقافية واللغوية والإثنية، عبر القضاء عليها نهائيا أو تذويبها في المحيط الإثني الذي يُراد له أن يسود. والهدف النهائي من ذلك هو السيطرة على مناطق تقطنها المجموعة التي يجري تهجيرها او تجعلها غير قابلة للسكن من قبلها مرّة اخرى. وقد تكون عمليات التطهير العرقي، وفي حالات عدّة، مترافقة مع مجازر تُرتكب ضد الجهة المستهدفة، مع تعدٍّ واضح على ممتلكاتها وخصوصياتها. وكل ما تقدّم، هو ما يحصل تحديدا، وبانتظام، في محافظة ديالى العراقيّة منذ سنوات.

وجريمة التطهير العرقي، هي جريمة ضد الإنسانية ومن الأفعال المحظورة والمحدّدة في نظام المحكمة الجنائيّة الدولية لعام 1998 (نظام روما) عندما تُرتكبت في إطار هجوم واسع النطاق، مُمنهج وموجّه ضد مجموعة (محدّدة) من السكان المدنيين بالاساليب والطرق المبينة في اعلاه. والجرائم ضد الإنسانية عرضة للعقاب في الحرب أو السلام ، اي بصرف النظر عن وقت ارتكابها، والمهمّ ايضاً انها تخضع للعقاب بغض النظر عن مكان إرتكابها. وتقع مهمّة العقاب عليها على كل الأجهزة المختصة في الدولة اعتباراً من اعلى السلطة الى الوحدات الموجودة في الميدان وبعكسه فأن كل هؤلاء يمكن ادانتهم في المحاكم الدولية المختصة او في محاكم الدول التي تُعاقب على ارتكاب هذه الجريمة بغض النظر عن جنسية مرتكبيها(وهو ما يقع ضمن مفهوم الولاية القضائية الدوليّة).

ولأهميّة الالتزام المفروض على المجتمع الدولي في التصدّى لمثل هذه الجرئم فان ديباجة النظام تنصّ على عبارات واضحة مثل: "وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب ألا تمرّ دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعّال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني وكذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي". وتضيف انها "وقد عقدت العزم على وضع حدّ لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم."

ثم تؤكدّ "بأن من واجب كل دولة أن تمارس ولايتها القضائية الجنائية على أولئك المسئولين عن ارتكاب جرائم دولية".

والامرهنا  لا يتعلق بان الدولة عضو في نظام روما تحديداً بل ان التصدّي لهذه الجريمة، وما بمستواها من جرائم، والمعاقبة عليها، أضحى التزاماً دوليا ثابتاً على كل الدول حيث تطبّق ذلك في محاكمها الوطنيّة ضمن مفهوم الولاية القضائية الدوليّة ( Universal Jurisdiction).

مرتكبو الجريمة

في هذه الجرائم الخطيرة والمعقدة، والمتداخلة المراحل، قد يكون من يرتكب هذا النوع من الجرائم أجهزة ترتبط فيما بينها برابط هيكلي، وقد تكون عمليات التنفذ تجري من خلال افراد محدّدين تابعين لها يتم اختيارهم بدقّة للتنصل من الفعل فيما بعد والقول انها عمل مجموعة اجرامية او عملٌ فردي. ولذلك غالبًا ما تُرتكب هذه الأفعال ضمن تعليماتٍ يُصدرها القائمون على مُجْرَيَات السلطة في الدولة أو الجماعة المسيطرة، ولكن ينفذُها الأفراد في محاولة لتنصل المسؤولين الرئيسيين منها والافلات من العقاب. والمهمّ هنا، هو هذا الشكل الممنهج الذي تُنفذ فيه وضمن خُطَّةٍ للاضطهاد والتمييز في المعاملة بقصد الإضرار المتعمَّد ضد الطرف الآخر. وقد تشترك عدّة اطراف، او مجاميع، ويتولى كلّ طرفٍ منها القيام بجانب معين من فصول الجريمة. قد يكون التخطيط، الرصد، جمع وتوريد وتوزيع الاسلحة، التدريب، الخطب الدينية والتجييش الطائفي، التهديد، الاعتقال، التنفيذ بالنقل القسري.....وهكذا تتشارك وتتشابك الحلقات والأفعال لاقتراف هذه الجرائم وقد تكون بطريقة غير مفهومة الملامح لغير المتابع التفصيلي لها فتختلط الرؤى والاسباب ويضيع هنا القصد الجنائي الواضح، وهو الخيط الذي يربط عمل كل المشتركين وينقل الجريمة الى مصافي الجرائم الدولية الخطيرة جدّاً.

هادي العامري، المسؤول مباشرةً عن ميليشيا بدر المدعومة ايرانياً والقائد الفعلي للعمليات العسكرية وعمليات ميليشيات الحشد الشعبي في محافظة ديالى

وفي كل هذه الحالات، يكون الجميع مذنبين، من مُصَدِّرِي التعليمات إلى المُحَرِّضين، إلى المقْتَرِفين بشكلٍ مباشر، إلى الساكتين عنها على الرغم من علمهم بخطورتها، وبأنها تمارَس بشكلٍ منهجيٍّ ضد أفراد من جماعة أخرى. وقد تطورت الملاحقة الدولية لهذه الجرائم، حسب ما جاء في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، بحيث أنه يصبح الفرد مذنبًا بجريمة ضد الإنسانية حتى لو اقترف اي اعتداءٍ قد يُعتبر من الجرائم التي تنطبق عليها مواصفات الجرائم ضد الإنسانية وان هذا الاعتداء مثل احدى الحلقات في فصول الجريمة. أو أنه كان ذا علاقة بمثل هذه الاعتداء ضد قلّة من المدنيين، ما دام ان ذلك يحصل كجزءٍ من نمطٍ متواصلٍ قائمٍ على سوء النيَّة يقترفه أشخاصٌ لهم علاقة بالمذنب.

ما الذي يجري في محافظة ديالى

يتلّقى المركز يومياً رسائل وشهادات موثّقة عن ما يتجلى بوضوح من انه سياسة ممنهجة لتهجير قسري في المحافظة على اسس طائفية تستهدف عمداً مكوّن له خصوصيّة عرقية وطائفية محدّدة هو (المكوّن العربي السنّي) وهو ما يقع تحت وصف (جريمة التطهير العرقي) حسب القانون الجنائي الدولي المشار اليها اعلاه. ويتبع المركز منهجية دقيقة جدّاً في التثبت من الحوادث من مصادرها والمقارنة بين معطيّات مختلف المصادر، وفي أحيان كثيرة إعادة مراجعتها قبل ان يبدأ بصياغة تحليله لها وتحديد ابعادها والاوصاف القانونية التي تنطبق عليهأ. وفي الوقت الذي فشل فيه كلٌ من رئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري من دخول المقدادية 16/1/2016، واكتفيا بزيارة مدن أخرى في محافظة ديالى، كان احد المتعاونين مع المركز يزودنا بأسماء بعض مرتكبي الانتهاكات ويصف لنا الأوضاع المأساوية على الأرض في المقدادية. وهكذا، فقد تواصل عمل المركز ليل نهار مع عدد من الناشطين وبعض المسؤولين المحليين في اكثر من مكان بالمحافظة، من اجل استكمال تقرير رصين يصف ما يحري بدقّة.

الميليشيات تعمل بمجموعات صغيرة احياناً

أساليب التنفيذ

يتم تنفيذ جرائم التطهير العرقي في العراق حالياً من خلال الميليشيات، فرادى او تحت مسمّى (الحشد الشعبي)، بتهديد المواطنين وترويعهم حتى لا يكون امامهم سوى مغادرة اماكن سكناهم تاركين وراءهم بيوتهم العامرة وما فيها من ممتلكات ومقتنيات. وبعد ذلك تأتي الميليشيات فتقوم بعمليات سرقة منظّمة لهذه المساكن وقد تحرقها او تهدّمها فتتحول الى أماكن غير قابلة للسكن ولا يصبح بمقدور أصحابها العودة اليها، او تتركها لمن تُخطط لاحقاً لإسكانه فيها حسب المعلومات التي تترشح من المنطقة والتي يتابعها المركز عن كثب.

القوات المسلحة ترفع رايات طائفية بدلا من راية العراق

وتؤكد الشهادات ان عناصر برلمانية وسياسيّة تتواطئ بشكل واضح، بمقابل صفقات سياسيىة وتجارية، في تنفيذ هذا المخطط الخطير الذي يستهدف في المحصلّة النهائيّة اجراء تغييرات ديموغرافيّة على طبيعة التركيبة السكّانية القائمة والمتآلفة منذ امد بعيد في هذه المحافظة، مما يهدّد الأمن والسلم المدنين ويفتت هذا النسيج الإجتماعي. في حين يلاحظ ان السلطة في المناكق المنكوبة قد تركزّت باي قلّة من الأشخاص تربط فيما بينهم روابط عائلية اذ قد يكونون من عائلة واحدة، او مرتبطين برابطة مصاهرة، وغالباً ما يكونون من نفس العشيرة، او فرع معين من عشيرة كبيرة.

ومن الواضح ان المنطقة المُستهدفة اكثر من غيرها (حالياً) هي قضاء المقدّادية (الذي يُعتبر احد اكبر المدن في  في محافظة ديالى).

فقد جرى في الأسبوع الثاني من شهر كانون الثاني الحالي (2016) قتل العشرات من الأبرياء فيه، ثم جرت حملة تفجير اكثر من اثنى عشر مسجداً وقتل عدد من المصلين فيها. في هذه الأثناء كانت الميليشيات تجوب الشوارع في مناطق القضاء مستخدمةً مكبّرات الصوت ومطلقة صيحات وشعارات طائفية محدّدة، تهدّد فيها (العرب السنة) او ما تسميهم بــ (النواصب) وتدفعهم للنزوح منها.

وياخذ التهديد في ديالى اشكالاً شتّى من ضمنها الاغتيال المنّظم او الإعدام الصوري خارج القضاء، وتشير شهادات اعضاء في البرلمان العراقي الى اعدامات بالجملة مبينةً ان معدل القتل قد بلغ في المقدادية لوحدها من سبع إلى عشر حالات يومياً، وانها تُرفع الى البرلمان والجهات المسؤولة لكن دون جدوى. كما تُعتبر عمليات الخطف، التي غالباً ما تستهدف شريحة الشباب، اسلوباً اعتادت عليه الميليشيات لترويع الأهالي.

لائحة بأسماء الميلشيات في العراق

وتوثق التقارير انه جرى في يوم واحد (وهو 11/1/2016) تفجير خمس مساجد، واعدام 30 شخصاً، وجرح اكثر من 60 في عمليات تصفية مروعة. وما لبث عدد المساجد التي فُجرّت ان وصل الى 13 مسجداً معروفاً في الايام القليلة التي تلت التأريخ المذكور. كما وتشير الأرقام الى تصاعد عدد الأغتيالات بالجملة لتصل إلى اكثر من تسعين شخصا خلال الفترة القلية المنصرمة منذ بداية عام 2016.

وتؤكدّ المصادر المطلّعة في المقدادية أن كلّ عمليات التصفية تقوم بها المليشيات على الهوية الطائفية. وتتبع نفس المنهج عندما تقوم بعمليات حرقٍ لمحالٍ تجارية وأسواق وممتلكات عائلات (عربيّة سنية).

الرابط الى قائمة المساجد التي هدمت او أحرقت او أغتصبت في محافظة ديالى منذ الغزو للعراق في عام 2003 الى اليوم

القرى و المناطق التي تعرضت للتغيير الديموغرافي في محافظة ديالى بعد الاحتلال

خلفيّة الاحداث

المعروف ان محافظة ديالى تسيطر عليها مليشيات بدر والعصائب وسرايا السلام وحزب الله منذ ان تركها تنظيم داعش العام الماضي (2015) بعد ان وقعت تحت سيطرته لفترة وجيزة عقب دخول (او ادخال) التنظيم الى العراق في حزيران 2014 وما احدثه من مآسٍ وويلات وانتهاكات بعد ذلك. فاستثمرت هذه الميليشيات الموقف المتأزم لتحكم قبضتها على كل المقدّرات فيها، ومنعت عدداً كبيراً من المواطنين الذين اضطروا في وقت سابق للنزوح، اثر هجمات داعش عليهم او الهجمات المضادة للتنظيم، من العودة الى ديارهم. ومعظم هؤلاء المواطنين الذين حُرموا من العودة هم من سكّان المقدادية وحوض (سنسل) بما فيه من اكثر من 33 قرية. وقد استباحت الميليشيات والاجهزة الامنيّة قراهم وبيوتهم فسرقت ما يمكن سرقته وحرقت ودمّرت الكثير من المتبقي وجرّفت الاراضي الزراعيّة. في الوقت نفسه، كانت عملية تدمير المساجد تتواصل ضمن بُعدٍ طائفي واضح على يد هذه الميليشيات ويصاحب ذلك في اغلب الحالات قتل الأئمة والمصلين فيها.

ورغم لجوء الأهالي المتكرّر الى الوحدات الأمنية وقوات الحكومة والمسؤولين المحلييّن الآّ ان احداً من هذه الأجهزة لم يتدخل بالطريقة الناجعة، بل بات واضحاً التعاون بين بعضها البعض على تنفيذ خطة التهجير المنظّمة هذه. ومن هنا ايتوجه الاتهام الى كل هذه الجهات بما تضمّه من قادة وآمرين ومنفذين. وكان مركز جنيف الدولي للعدالة، قدّ قدّم، وبالتعاون مع هيئات عراقية مختصة، للأمم المتحدّة تفاصيل هذه الحوادث بالتواريخ والاسماء حيث يجري توثيقها من اماكن حدوثها.

كما تواصلت عمليات الهدم المُنظّم للبنى التحتيه للمحافظه في كافة المجالات وتحويلها لمدينه يصعب العيش بها. ثم قامت الميليشيات بخطوة اخرى حيث تمتّ السيطرة الكامله على مجلس المحافظه في 2 نيسان/ابريل 2015، بعد ما وصف من انه إنقلابٌ على المحافظ (عامر المجمعي) الذي تم اختياره ضمن توافقات المحاصّصة الطائفية في وقت سابق ليكون من (العرب السنّة) وعينّت مكانه (مثنى التميمي) محافظاً لديالى وهو من قادة مليشيا بدر المعروفة بتأريخها الإجرامي وضلوعها اليومي في التهجير والاغتيالات.

ومن الاساليب الأخرى للتهجير، ان قامت الحكومه بتوزيع الاراضي المملوكة للدولة لعدد كبير من المليشيات التابعه لايران لخلق ما اسمّوه بتوازن والحقيقة فأن المقصود هنا هو اجراء تغيير ديموغرافي للمحافظه. كما تمّ استغلال حاجة البعض من اهالي المحافظه والضغط على البعض الآخر لارغامهم على بيع اراضيهم لصالح اعضاء في الميليشيات المدعومة بقوة من ايران.

 

لماذا محافظة ديالى ؟

تعدّ محافظة ديالى واحدة من أهم المحافظات العراقية من حيث موقعها الاستراتيجي القريب جداً من العاصمة بغداد، وتمتاز في نفس الوقت بحدودها المشتركة مع ايران لمسافة طويلة تمتد الى (240) كيلومتراً. ويضاف الى ذلك، أن المسافة بين ديالى وبغداد تشكل أقصر المسافات بين حدود إيران والعاصمة بغداد، اذ يُمكن قطع المسافة من اقرب مدينة ايرانية للحدود وهي (قصر شيرين) الى العاصمة بغداد بما لا يتجاوز الساعة الواحدة بالسيارة.

لكن التركيبة السكّانية في المحافظة ظلّت مقلقة للدوائر الإيرانية وتلك المتعاونة معها في بغداد. فغالبية السكّان هم عشائر عربية ذات جذور ضاربة في القدم وكان يصعب استمالتها على اساس طائفي لأجراء شرخ في نسيجها الإجتماعي كونها عشائر متداخلة فيما بينها منذ القدم. ومن هنا لجأت اجهزة السلطة، وخاصّة من خلال قادة الاحزاب الموالية لأيران والميليشيات، الى سياسة التهجير القسري للعرب السنّة مستثمرةً التوتر الطائفي الذي خلقته السلطة الحاكمة وقوات الإحتلال الامريكي في البلاد بعد عام 2006، فشهدت ديالى اكبر موجات للتهجير بين عامي 2006-2007.

لقد كان هذا التهجير القسري احد اهم أسباب التظاهرات والإحتجاجات التي اندلعت عام 2013 في ديالى، والتي جوبهت بسياسات قمعية من الحكومة واجهزتها وصلت ذروتها بعد مجزرة جامع سارية في ديالى يوم الجمعة 17 مايس 2013، ومجزرة الحويجة في محافظة التأميم التي سبقتها بشهر (23 نيسان/ابريل 2013 والتي وثّق مركز جنيف مراحلها مع اجهزة الامم المتحدّة المعنيّة)، وما هاتين المجزرتين المروعتين من زيادة مضّطردة في أعمال العنف، خاصة مع حدّة التصعيد الطائفي الذي استخدمته الشخصيّات القيادية العليا، الحكومية والدينيّة والعسكرية، والقيادات الميليشياوية بغرض التحشيد.

تفجير جامع سارية: جريمة مرّوعة
(ان مركز جنيف الدولي للعدالة يجد نفسه مضطراً لعرض هذه الفيديوهات المروعة مع احترامنا الكامل لمشاعير الاخرين فانها اهم الدلائل على سعّة و شموليّة و انتظام هذه الجرائم)

{youtube_plus}/nI74VV2avjU,?rel=0,650,400{/youtube_plus}

{youtube_plus}/rbO9qw06qXo,?rel=0,650,400{/youtube_plus}

تواصل التهجير

بعد تفجير جامع سارية، والتصويت على مجلس محافظة ديالى المنتخب في 22 يونيو/حزيران 2013 الذي اسفر عن انتخاب السيد عامر المجمعي (من العرب السنّة)، وهو ما زاد من اعتراضات اعضاء ميليشيا بدر وعصائب اهل الحقّ ومجموعات ميليشايوية متعاونة معها ولها نفوذ في مجلس المحافظة. وتزايدت، في نفس الوقت، عمليات تهجير ممنهجة في بعض المناطق راحت تتوسع لتستهدف مئات العوائل، واحياناً يجري افراغ قرى بكاملها.

في تلك الاثناء من عام 2013، وعندما كان يقترب العام من نهايته، تكاثرت عمليات تحشيد المليشيات وقصفٍ بقذائف الهاون ضدّ قرى الجفّ والشاخة والخيلانية وجميلات رافقها تهديداتٌ مباشرة بالقتل بغرض تهجير العوائل من تلك المناطق. وفي هذه الحالات ادّى الجيش دوراً سلبياً داعماً لعمليات التهجير من خلال قيامه بعمليات المداهمة والاعتقال دون سبب يُذكر لتلك المناطق وعامل الناس وكأنهم اعداء (والكلام هنا لسليم الجبوري رئيس البرلمان حالياً ورئيس لجنة حقوق الإنسان آنذاك).

ووقتها قال النائب عن القائمة العراقيّة عن محافظة ديالى رعد الدهلكي "أن الأهالي النازحين من المقدادية أبلغوا وفد اللجنة الوزارية المشكّلة لمتابعة موضوع التهجير القسري أن الأجهزة الأمنية وقوات الجيش الحكومي هي من تعمل على تنفيذ عمليات التهجير الطائفي هناك لأهل السنة"، وأكد أن عدد العوائل المهجرة من المقدادية وصل لأكثر من 400 عائلة من خمس قرى متجاورة.

فيما اكدّت النائبة عن محافظة ديالى، ناهدة الدايني، أكدّت على أن التهجير القسري شمل 60% من مناطق المحافظة، وأن عمليات التهجير هذه تستهدف مكون بعينه كونه الأكبر في ديالى.

بالمقابل فان نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي، صالح المطلك، اتهمّ علناً الأجهزة الأمنية في المحافظة بأنها تقف وراء عمليات التهجير، لكن ما الاجراء وهو في هذا المنصب في السلطة التنفيذية؟

وكلّ التصريحات اعلاه موثقة من مصادرها.

وعلى نفس المنوال، كان مصدر امني في محافظة ديالى قد كشف في 2/10/2013، ان قوات (سوات) قامت بتهجير اكثر من 320 عائلة (من المكوّن العربي السنّي) من المقدادية خلال 4 ايام فقط، وان العدد في تزايد. كما اكدّت مصادر مطلعة اخرى عن المشاركة والدعم مباشر من قوات الفوج الثاني المنتشر في المنطقة لعمليات التهجير هذه.

ثم تواصل التهجير بوتائر مختلفة في العامين اللاحقين 2014 و 2015 ضمن ذريعة ملاحقة تنظيم داعش الإرهابي فكان يجري استهداف شامل لكل القرى والبلدات التي يقطنها (العرب السنّة) بغض النظر عن دخول او عدم دخول التنظيم اليها. وفي كل مرّة يجري تهجير السكان بعد حملات قتلٍ واعتقالات عشوائية. ثم يصار الى تهجيرهم، وسرقة منازلهم، وتفجيرها او حرقها وتجريف وحرق مزارعهم. والهدف الأساس يظل بحرمان كل هؤلاء من التفكير بالعودة ثانيةً الى هذه المناطق مما يسهل عملية اجراء تغيير ديموغرافي عليها لصالح الجهة التي تقوم بعمليّة التهجير القسري.

وكل هذا يتطابق مع المفاهيم القانونية، ضمن القانون الجنائي الدولي، في توصيف جريمة التطهير العرقي والطائفي القسري والمسؤوليّة الدوليّة في المعاقبة عليها ومتابعة مرتكبيها أينما كانوا.

{youtube_plus}/RTelSPsy4y8,?rel=0,650,400{/youtube_plus}

مشاهد مصورة من الاعلام

طريقٍ عسكري خاص يربط ايران بسورّية واوامر من السيد خامنئي

واستكمالا للمخطّط جرى في عام 2014  فتح (طريقٍ خاص) يربط ايران بديالى ومن ثم الى صلاح الدين ليرتبط من هنالك بالطرق الريفيّة والصحراوية المتجهة نحو الحدود السورّية العراقية المفتوحة على مئات من الكيلومترات طولاً.  ولذلك تعبره الجهات الإيرانية وتلك المتحالفة والخادمة لها داخل العراق الممرّ البديل لأيران باتجاه سورّية!

بعد ذلك، ومنذ بدايات عام 2015، تزايدت عمليات التهجير المصحوبة بعمليات قتل واعتقالات وتهديد يومي للسكان بضرورة الخروج من المنطقة.



وتنقل مصادرٌ مطلعة في المحافظة ان ذلك تصاحب مع اجتماعات عقدها قيس الخزعلي (قائد ميليشيا عصائب اهل الحقّ) حيث اجتمع بوجهاء بعض العشائر الكبيرة في محافظة ديالى، وحدّثهم عن ضرورة المساهمة في خطّة تطهير المنطقة بالكامل وانه يريد مساعدتهم في اخراج (السنة) من محافظة ديالى كلّها. وهو ما اغاض وجهاء العشائر الذين ردّوا عليه برفض خطته هذه وبينوا له انهم يعيشون سوية في هذه القرى والارياف منذ مئات السنين ولديهم وشائج مصاهرة مع بعضهم البعض، كما ولديهم شراكة في الاعمال والبساتين وغير ذلك من امور الحياة اليومية التي لا يمكن فض عُراها بهذه البساطة وبالتالي فقد رفضوا الخطة.

لكن الخزعلي ردّ عليهم بالقول: انها اوامر السيد الخامنئي بجعل محافظة ديالى شيعية بحتة لتامين حدود ايران من جهة المحافظة مرورا بسامراء الى الرمادي وربط هذه الخريطة مع سوريا لفتح ممرات آمنة لايران في المنطقة وعلى الجميع ان يساعدنا من في ذلك.

في 26/1/2015، اعلن هادي العامري، المسؤول مباشرةً عن ميليشيا بدر المدعومة ايرانياً (والقائد الفعلي للعمليات العسكرية وعمليات ميليشيات الحشد الشعبي في محافظة ديالى) في تصريحات لوسائل الإعلام، ان القوات العراقية وميليشيات الحشد الشعبي المساندة لها قدّ حرّرت بالكامل قضاء المقدادية آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة ديالى، بحسب ما أفاد به مصدر أمني في بعقوبة ونقلت عنه قوله إن "محافظة ديالى أصبحت آمنة الآن" من مسلّحي التنظيم بعد تطهير المقدادية.

مجزرة بروانة، فصل مروّع آخر من فصول الجريمة

في مساء الأثنين 26/1/2015، اي يوم اعلان النصر على تنظيم داعش في المقدادية، طلب قيس الخزعلي من اتباعه جمع الأهالي في قرّية بروانة ليتجمعوا قرب المسجد والحضور للندوة التثقيفية حول كيفية التصرّف في حال تسلل افراد من داعش  للمنطقة وكيفية التعاون مع الميليشيات للقضاء على داعش فاستجاب الناس للدعوة فمنهم من كان فعلاً كارهاً لداعش ويسعى للمساعدة لضمان عدم عودتها. لكن ما لبث الأمر ان تطور الى شئ آخر بعيد عن الثقافةاذ يروي شهود عيانٍ، أن الرجال والصبّية الذين اقتيدوا عنوةً من منازلهم وضربوهم ووجّهوا لهم شتائم ذات طبيعة طائفية، ثم اقتادوهم على شكل مجموعاتٍ صغيرة الى حقلٍ مجاور حيث اجبروهم على البروك والنظر الى الارض فيما كان المسلّحون يختارون ضحاياهم ويأخذونهم خلف جدار طيني.

واضاف الشاهد "بعد ان اخذوهم خلف الجدار، وباقلّ من دقيقة سمعنا دوي اطلاق نار. لم نسمع سوى صوت الاطلاقات، ولم نتمكن من رؤية ما يجري."


ويؤكد الأهالي ان هذه القرية هي من القرى التي لم يصلها التنظيم، وانها كانت من الاماكن الآمنة التي لجأ اليها مواطنون من مناطق القتال الآخرى. كما يؤكدّون ان معظم من فيها كان متعواناً مع القوات الأمنيّة والميليشيات لتحقيق هذا الهدف. ويضيف الشهود أن رجال الميليشيات (الشيعية) قاموا بعد انتهاء القتال في المناطق الأخرى بمحاصرة قرية بروانة التي كان العديد من سكان القرى المجاورة قد لجأوا اليها. واوضح من بقي على قيد الحياة من السكّان إن 10 آليات من طراز (همفي) يستقلها عشرات المسلّحين دخلت القرية عصر ذلك اليوم. وإن الرجال كانوا يرتدون بدلات عسكرية سوداء او بنيّة، وهي الملابس المستخدمة للميليشيات والقوات الحكومية. في حين كانت مجموعة اخرى مساندة ترتدي الملابس المدنية.

ولم ينته امر هذه المجزرة المُحكمة الإعداد بالقتل فقط، بل واصل المسلّحون محاصرة القرّية مانعين سيارات الإسعاف من دخولها، حارمين الجرحى من تلقّي العلاج اللازم، وهو ما زاد من عدد القتلى وضاعف من مستوى الجريمة.

وفي حينها اكدّت الأرقام التي تحدّث بها الأهالي واعضاء في مجلس محافظة ديالى واعضاء برلمانيون، ان 72 رجلاً على الاقل قد قتلوا في المجزرة، وان 35 آخرين قد فقدوا وقد يكونوا رهن الاعتقال. وتطابق ذلك مع ما اعلمنا به ناشطون حقوقيّون تابعوا الأمر مع المركز في منطقة الحادث.

وكالعادة تصرّ الاجهزة الأمنيّة والميليشيات على محاولاتها بالتملّص رغم ان هذه الحوادث تجرى على الملأ وامام اعداد كبيرة من الناس، إلآّ ان ثقتها المطلقة بالافلات من العقاب هي التي توفّر هذه الحالة من الإنكار.

قتل الأئمة وخطباء المساجد

من فصول هذه الجريمة هو الاستمرار منذ عام 2003 وباستهداف ممنهج ومنظم لعلماء الدين وائمة المساجد من (العرب السنّة) في المحافظة. ويحتفظ المركز بسجل لأسماء هؤلاء، وهم بالعشرات، كما يحتفظ بتواريخ اغتيالهم. والمهم في الأمر ان هذا الفصل هو جزء اساسي من بقية فصول الجريمة يستهدف محاربة رموز المكوّن المعني بالتهجير، وتفتيت الأرتباط فيما بينهم، وحرمانهم من ممارسة طقوسهم الدينية في مساجدهم المعرّضة للدهم والتفجير والاغتيالات. فيصبح هذا الأمر عامل آخر مضاف لدفع المواطنين الى الهجرة القسرية بحثاً عن اماكن قد يتوفر فيها درجات معينة من الأمان.

الرابط الى القائمة لأسماء بعض العلماء والخطباء والدعاة الذين قتلوا او اغتيلوا في محافظة ديالى

{youtube_plus}/pg-BoOH7yrs,?rel=0,650,400{/youtube_plus}

يوضح هذا الفيديو طريقة تعامل اعضاء الميليشيلت مع المساجد في المدينة وطبيعة الالفاظ المستخدمة من قبلهم و التي اضطررنا الى حدفها

الاعتقالات العشوائية المستمرة

مثلت الاعتقالات فصل آخر من فصول تنفيذ جريمة التهجير القسري في ديالى. ويوجد في كل قضاء من أقضية المحافظة الخمس سجن مركزي، وكذلك هنالك سجن (او مُعتقل) في كل ناحيّة من نواحي المحافظة الـ(13). بالإضافة إلى المعتقلات المركزية في مقرّات الأجهزة الأمنية البوليسية القمعية. وهذا يعني أن هناك في ديالى، وفي اقل تقدير، أكثر من (30) مكاناً للاعتقال تعاني، بحسب توضح التقارير والمعلومات التي يستلمها المركز انها تعاني من الاكتظاظ، والإهمال، وانتشار الإمراض الجلدية وغيرها. ويتلقى المعتقلون في هذه الاماكن اسوء صور المعاملة المهينة والحاطّة بالكرامة الإنسانية. فغالباً ما يخضعون لحفلات من شتّى صنوف التعذيب الوحشي، ناهيك عن الممارسة اليومية من الاهانات المتمثلة بالسبب والشتم والتطاول على معتقداتهم وائئمتهم ورجال دينهم.

وحتى في العاصمة بغداد، فان المعلومات تشير الى ان المعتقلين من أهالي ديالى يشغلون نسبة 80 بالمائة من أعداد المعتقلين في سجن مكافحة الإرهاب المركزي. حيث اضحى مألوفاً قدوم قوات خاصة من بغداد تقوم بحملات اعتقال عشوائية في مناطق المحافظة، وتنقل ما تعتقله منهم إلى معتقلات العاصمة، من دون علم وتدخل الأجهزة الأمنية والإدارية في المحافظة.

افلات تام من العقاب

منذ الغزو والاحتلال الامريكي للعراق عام 2003، والبلاد تعاني من حالة غياب شبة تام لسيادة وحكم القانون في الوقت الذي تُرتكب فيه اشدّ الجرائم خطورة وفداحة من ناحية تأثرها على امن وسلامة المجتمع. لقد عاني العراق من حملات من الاغتيالات المنظّمة ألمتصاعدة حملات من الاعدامات الصورية، اعمال تعذيب ممنهج واسع ألنطاق، اعتقالات عشوائية طالت مئات الالاف من المعارضين للمنهج السياسي الئي وضعه الاحتلال الأمريكي للبلد وخاصّة لجهة كونه منهج اقيم على اسس ما يسمّى (المحاصصة الطالئفية). كما استخدم القضاء واحكام المحاكم للجم بعض الاصوات المتصاعدة ضد هذا النهج. وباتت احكام الاعدام تصدر بالجملة ضد اناس يظهر فيما بعد (بعد فوات الآوان)، انهم ابرياء وانهم لم يمنحوا ابسط مقومات حقوقهم في محاكمة تتوفر فيها اساسيّات المحاكمة العادلة. مع هذا الوضع القانوني المرتبك، سادت المشهد عصابات وميليشيات تحكم باسم الدين، وترتبط بالاحزاب المتنفذة في السلطة. ولم يعد هنالك حزب في السلطة دون ان يكون له ذراع عسكري قوي متمثل باحد هذه الميليشيات. كانت تقتل، تسرق، تروّع المواطنين. لكن عندما يغيب حكم القانون في البلد تضيع المسائلة، والمتابعة القضائّية. وهكذا لم يقدّم احد من هؤلاء للقضاء، وان جرى وقدّم فان الاتصالات ستتوالى من هذا المسؤول او ذاك لإطلاق سراحه مهما كان حجم جريمته وبشاعتها. سيدة حالة "الافلات من العقاب"، ادّت الى زيادة الفوضى.

بدأت الشكاوى تزداد يوما بعد آخر من داخل وخارج العراق. ولعبت الأمم المتحدّة ومنظمات المجتمع المدني، ومنها مركز جنيف الدولي للعدالة، دوراً كبيراً في تسليط الضوء على هذه الحالة. فما كان من السلطات العراقية إلاّ ان ابتدعت طرق شتّى للتملّص من المسؤوليات. اذ راحت تُنشأ اللجان التحقيقية وتعد باظهار الحقائق. وهكذا، بعد 13 سنة من اللجان، اين احدى نتائجها وهنالك حوادث كبرى جدّا قد تم التحقيق بها؟ النتيجة لا شئ. في الحقيقة لم تكن هذه اللجان سوى محطّة اخرى من محطّات التسويف والخداع التي انطلت بسرعة على بعض بعض اجهزة الأمم المتحدّة، فراحت تقيم الاجتماعات والندوات الدورات التدريبية، وانفقت مبالغ باهضة على ذلك. كما راحت تشيع اجواءٌ من التفاؤل بان الوضع على طريق الحل، لكنّ بالمقابل الإنتهاكات تزداد وتتعاظم وضح النهار.

وجاءت ذريعة (داعش) فكأن الأمم المتحدّة كانت تنتظر من يصرف لها الانظار عن انتهاكات السلطات العراقيّة وميليشياتها المنفلتة، اذ اظهرت تقاريرها فيما بعد تؤكدّ انها قد تناست تماماً من كان يحصل قبل داعش واثناء التصدّى لها، وبعد ما يسمّى (تحرير المدن). ولذلك، فان مركز جنيف الدولي للعدالة، يدعو الجميع بان نرفع اصواتنا، اعلى بكل قوة، من اجل انها حالة "الافلات في العقاب" السائدة في العراق، وان الجناة يجب ان يُقدّموا الى القضاء الدولي والمحلّي. ويجب على اجهزة الأمم المتحدّة المعنيّة ان تأخذ دوراً فاعلاً وريادياً في هذا الجانب وان لا تظلّ ضحيّة التسويف الحكومي العراقي.

إن الأمر يتعلق بمئات الالاف من البشر العراقيين الذين اُزهقت ارواحهم ومئات الالاف من الذين قدّ هُدّمت بيوتهم وجُرّفت بساتينهم في اكثر من منطقة من مناطق العراق، فضلاً عن المعتقلين والمهجّرين والنازحين ومن حُرموا من ابسط مقوّمات العيش. انهم الملايين من ابناء العراق. نحن واقفون معهم ومع محنتهم حتى تحقيق العدالة.

توصيات للمجتمع الدولي

لا يعوّل مركز جنيف الدولي للعدالة مطلقاً على اي مستوى من مستويات السلطات الثلاث في العراق لإتخاذ اجراءات فعّالة لوقف مسلسل جريمة التطهيرالقسري في ديالى، فقد اثبتت التجارب في كل الحالات السابقة، فهي اجهزة عاجزة عن القيام بذلك بسبب تواطؤها واشتراكها واستفادتها من ما يجري لذلك يتوجّه مباشرة الى المجتمع الدولي والأمم المتحدّة تحديداً بطلب عاجل لاتخاذ ما يلي:

  • ارسال بعثة تحقيق دولية مستقلّة على الفور ودون اي ابطاء للتحقيق في كل الانتهاكات المشاراليها في هذا التقرير وفي تقارير المنظمات غير الحكوميّة الاخرى.

  • ان يتخذ الأمين العام للأمم المتحدّة كل ما في وسعه من اجراءات لتحقيق ما تقدّم وكذلك لحث جهازه وممثليه في العراق على القيام بخطوات اكثر فاعليّة لتسهيل عمل البعثة، التي يجب ان تتكون من خبراء دوليين مستقلّين ليسوا في اي من اجهزة الامم المتحجدة العاملة في العراق،  وعدم الاكتفاء مطلقاً باي وعد بالتحقيق او اتخاذ اجراءات رادعة من السلطات العراقيّة التي ثبت كذبها ومغالطاتها في كلّ المرّات السابقة.

  • ان تتخذ الاجهزة المعنيّة بحقوق الإنسان (وفي المقدّمة منها المفوض السامي لحقوق الإنسان، واجهزة الأليات الخاصّة وفرق المعاهدات) ما في ولاياتها من اختصاصات لغرض ايقاف مسلسل هذه الجريمة المروّعة.

  • ان تتخذ الدول الاعضاء وكل الاجهزة المعنيّة في الأمم المتحدّة بكل ما لديها من سلطات لضمان محاكمة المسؤولين عن الانتهاكات اعلاه للقضاء باسرع وقت وضمان ان لا يقلت المجرمون من العقاب اللازم.

  • ان تتخذ الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان كل ما يلزم لعقد جلسة خاصة للمجلس عن الموضوع.

وسيواصل مركز جنيف الدولي للعدالة العمل مع طائفة واسعة من المنظمات غير الحكومية لمتابعة تحقيق ما تقدّم واقتراح اتخاذ خطوات اخرى طبقاً لتطورات الموقف.

ملاحظات ختامية

بغض النظر عن التفاصيل اليومية والاحداث الدامية، لا بدّ للمركز ومن خلال اتصالاته ولقاءاته بمختلف الشرائح والفعّاليات في العراق والناشطين في مجال حقوق الإنسان،  ان يبين الحقائق التالية التي ينبغي ان لا تغيب عن التخطيط لأي جهد دولي يتعلّق بالعراق:

  • ان عمليات الشد والجذب والتأجيج الطائفي هي سياسة المحتل الامريكي التي جاء بها الى العراق ضمن اجندة خبيثة تستهدف تمزيق وحدة النسيج الاجتماعي العراقي المتماسك منذ الاف السنين، وخلق كياناتٍ صغيرة متصارعة عرقياً ودينياً ومذهبياً، بل خلق صراعات ومنازعات داخل المذهب الواحد.

  • ان ابناء العراق، بصورة عامة، يقفون ضد هذه السياسات والممارسات، إلاّ انّ ما سهل لها وجعلها امراً واقعاً هو الدور الإيراني الكبير والخبيث الذي يستخدم اذرعه من الميليشيات المرتبطة بـ (ولاية الفقيه) وخاصّة ميليشيا بدر ، وعصائب اهل الحقّ، وحزب الله العراقي وغيرها. حيث تضغط هذه الميليشيات بقوّة على الاهالي، من خلال عمليات القتل والترويع والاعتقالات والتعذيب لاجبارهم على ترك مناطق سكناهم الاصلية والنزوح الى اماكن اخرى.

  • تواطؤ  تام لاجهزة الدولة الرسمية من قوات الشرطة والامن والجيش مع هذه العمليات وعدم اتخاذها اية اجراءات رادعة مع ان الأمر ليس بالجديد بل انه قائم منذ عام 2006 إلاّ انه يتصاعد باستمرار. ولذلك يجب عدم التعويل مطلقاً على هذه الأجهزة وعدم انتظار إجراءاتها.

  • سكوت مريب للقضاة والمدعون العامّون الذين يفترض بهم التصدّى لمثل هذه الجرائم العامة وعدم السكوت عنها خاصة عندما يتعلق الأمر بارتكاب جرائم دولية واسعة النطاق. وهنا مؤشر آخر على فساد الجهاز القضائي العراقي بعد ان التغييرات التي اجراها الإحتلال الأمريكي على بنيّة النظام القضائي في العراق، وعلى منهجيّة عمله والفلسفة القانونية التي يقوم عليها.

  • استفادة الاحزاب المشتركة بالعملية السياسية من هذه السياسة لتحقيق اغراض انتخابية رخيصة، وانتفاع اعضاء برلمانيون بصفقات ذات مردود مالي من خلال السكوت وعدم فضح السرقات للبيوت ومصادرة الاراضي والمناطق الزراعيّة...وغير ذلك من عمليات الاستيلاء بالقوة على ممتلكات من يجري تهجيرهم قسرياً.

الرابط لتحميل تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة (.pdf) باللغة العربية

الرابط لتحميل تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة (.pdf) باللغة االانكليزية



          مقاطع فيديو: بعض الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحشد الشعبي في العراق

          ان مركز جنيف الدولي للعدالة يجد نفسه مضطراً لعرض هذه الفيديوهات المروعة مع احترامنا الكامل لمشاعير الاخرين فانها اهم الدلائل على سعّة و شموليّة و انتظام هذه الجرائم

          {youtube_plus}/vkxGPuHqsCM,?rel=0,650,400{/youtube_plus}

          هذا المقطع الكامل من الفيديو المعروض اعلاه يثبت مسؤولية الميليشيات و قوات الامن في تفجير مسجد، و بامكان الاستماع الى هذا الاعتراف في الدقيدة 4:18 من المقطع

          {youtube_plus}/NNAkRCLlH2M,?rel=0,650,400{/youtube_plus}

          الاعدام القسري للمدنيين من قبل اعضاء الميليشيات

          {youtube_plus}/LXVQNG7lLjQ,?rel=0,650,400{/youtube_plus}

          شاب يُطعن و يُهان من قبل اعضاء الميليشيات ثم يُنقل الى مكان مجهول


          متهمون اساسيون في جريمة التطهير العرقي في ديالى

          بعد كل الحقائق التي جرى تثبيتها، والوقائع ذات الصلة بتنفيذ هذه الجريمة التي تعاظمت فصولها في السنوات الأخيرة (وخاصة بعد عام 2013)، حيث لعبت هنا عدة اطراف حكومية بارزة دوراً اساسيّاً في التخطيط والتنسيق والشروع بعمليات التنفيذ. وقد وقف في مقدمة هذه الاطراف نوري المالكي، رئيس وزراء العراق آنذاك، والذي يعدّ مهندس التأجيج الطائفي في البلاد، ثم ذراعه اليمين في التنفيذ هادي العامري، المسؤول عن ميليشيا بدر،  والذي اوكلت اليه تحت المالكي قيادة معظم العمليات في ديالى ثم واصلها اثناء حكومة العبادي. والشخص الرابع في التسلسل هو أبو مهدي المهندس، القائد البارز في ميليشيا الحشد الشعبي،  ثم الدور الكبير الذي يلعبه قيس الخزعلي، قائد ميليشيا عصائب اهل الحقّ، وهو اكثر القادة الميليشياويين اجراما ونفوذا في كل مناطق العراق.

          ويجب التوضيح هنا انه ون كان الظاهر ان فصائل ما يسمّى (الحشد الشعبي) هي المنفذ الأساس لهذه العمليات، إلاّ انه يجب ان نضع في الاعتبار ان هذه الفصائل هي، باوامر وتصريحات وتأكيدات رسميّة، مرتبطة مع الحكومة ممثلة بشخص رئيس الوزراء وهو مسؤول يساءل عن كل تصرفاتها. كما انها تعمل جنبا الى جنب مع القادة العسكريين والامنيين ولذلك فان وزيري الدفاع والداخلية والقادة التابعين لهما في الميدان مشاركون ومسؤولون في هذه الجرائم.

          كل هؤلاء كانوا يعملون، وما زالوا، تحت سلطة وتوجيهات قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ولذلك فاننا نضعه ضمن اهم المتهمين الأساسيين في ارتكاب هذه الجريمة، وبالتأكيد لا يكتفي الامر عند هؤلاء الاربعة لكن يمتد الى قادة سياسيين وميليشياوين آخرين.

          اما المجموعة الاخرى من المتهمين فيقف في مقدّمتهم رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، الذي لم يقم ـ في اقل تقدير ـ بواجباته المنصوص عليها في الدستور وما اقسم عليه عند تبوءه مهمته كرئيس للوزراء ـ وهو في اقل تقدير متواطئ في الجريمة. ثم ياتي وزيري الدفاع والداخلية ضمن مسؤولياتهما الدستورية وما يتطلب عليهما القيام به لتحقيق الأمن والحفاظ على ارواح المواطنيين وممتلكاتهم، انهم يتحملون مسؤولية اساسيّة في هذه الجريمة وهم بالتالي متهمّون اساسيون فيها.

          ياتي ايضاً في مقدّمة من يجب ملاحقته القادة العسكريون وقادة الشرطة الذين تثبت كل التفاصيل انهم مشاركون فعليّون، فهم على علمٍ تام بما جرى ويجري لكنّهم لم يتخذوا يوماً اي اجراء يتناسب وحجم الجريمة بل دعوها تمرّ وتتكامل فصولها. واخرين من رؤساء وحدات عسكرية او آمري الوية او قادة في الميليشيات فضلاً عن مجموعة من الضالعين في العمليّة والذين قاموا ويقومون بعمليات تصفية واعتقالات في  وضح النهار.

          ولا يمكن اغفال ان سليم الجبوري، رئيس البرلمان، والذي هو من محافظة ديالى يمكن اعتباره متهم اساس في هذه الجريمة، فهو لم يتخذ لحد الآن الاجراءات الصحيحة والواجبة الاتباع لوقف تداعياتها رغم تعدد فصولها واستمرارها فترات طويلة. ويقف معه اعضاء البرلمان من محافظة ديالى رغم تصريحاتهم وكشفهم لبعض الحقائق إلاّ ان ذلك لم يكن كافياً ولن يكون كافياً الآّ اذا تقدّموا ببلاغات وشكاوى للمحاكم نيابة عن الضحايا.

           

          ابرز الأسماء في قائمة المتهمّين الأساسيين

          قاسم سليماني، شريك اساس في الجرائم التي ترتكب في العراق. وقد زاد تواجده في البلاد منذ منتصف عام 2014 وتنسيقه المباشر يتم مع نوري المالكي وهادي العامري ومهدي المهندس، وهويشرف بنفسه على الكثير من العمليات العسكرية ويخطط لها. وغالبا ما ظهرت صور سليماني جنبا الى جنب مع قادة الميليشيات في العراق وخاصة العامري وابو مهدي المهندس.

          هادي العامري، يتحمل مسؤولية كبيرة في جرائم التطهير العرقي في ديالى وغيرها من المناطق، وهو معروف لإجرامه بين العراقيين منذ الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات حيث كان يقوم بعمليات تعذيب وقتل لأسرى الحرب من العراقيين. وبعد الغزو دخل العامري مع ميليشيا بدر العراق عام 2003 وواصل مسيرته الحافلة بالقتل والاجرام ضد المواطنين الابرياء. انهم مجرم اساس في كل الجرائم المرتكبة وخاصة في ديالى

          اعتمد نوري المالكي في عمله الحكومي، نهجاً طائفياً واضحاً للعيان.واستخدم لذلك كل الاساليب المثيرة للكراهية والحقد وتأليب ابناء المجتمع على بعضهم البعض. وهو من استخدم القوة العسكرية المفرطة ضد المتظاهرين واستخدم التعذيب على نطاق واسع في سجون العراق، وهو مساهم اساس في جريمة التطهير العرقي في ديالى وغيرها من الجرائم الكبرى

          ابو مهدي المهندس، المجرم الدولي المعروف، والقائد المتنفذ في اوساط الحشد الشعبي، ومن المشرفين على العمليات العسكرية وعمليات التطهير العرقي والقتل والاعتقالات في اكثر من مكان في العراق. وقد سبق ان اتهم بتفجيرات في اماكن خارج العراق منها الكويت واسمه مدرج على لائحو الارهاب الامريكي ولذلك لم يستطع مباشرة عمله عضواً في البرلمان فدخل المعترم من الباب الأوسع: القتل والاجرام الميليشياوي

          جاء رئيس الوزراء حيدر العبادي للسلطة محمّلا بالوعود لتحسين الاحوال ومحاسبة مرتكبي جرائم الاغتيالات والتهجير والتعذيب، وكذلك السرّاق والفاسدين، لكنّ الايام اثبتت عدم الوفاء بهذه الوعود وعدم اتخاذه اجراءات حقيقية لتنفيذها بل والتنصل من الكثير منها. لقد ترك رئيس الوزراء لقادة الميليشيات العبث بمقدّرات البلاد، ولم يضع تفاصيل محكمة لعمل القيادات العسكرية، بل كانت الميليشيات هي من يقزد قطعات الجيش وهي من يقرر الاجراءات

          رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، يتحمل مسؤولية احدى السلطات الثلاث في العراق، وفي جريمة كالتي تحدث في ديالى، وما حدث غيرها في مناطق اخرى من العراق، لا يعالج الامر بالتصريحات والزيارات التي حتى لا يستطيع الوصول بها الى مكان الجريمة. لم يتخذ الجبوري ولم يصرّ على اتخاذ اية اجراءات فعالة داخل البرلمان او خارجه وبالتشاور مع السلطات الاخرى ضد هذه الجرائم المروعة

          قائد شرطة محافظة ديالى (سابقاً)،  الفريق الركن جميل الشمري، على علم بتفاصيل ما جرى وكان بامكانه ممارسة كل صلاحياته لوقف استمرار الجرائم لكنّه فضل التواطؤ مع المنفذين وسكت عن اجرام الميليشيات وتفشي اعمالها ضد الموطنين، فلم يعتقل احداً منها في حين توجهت اجهزته باعتقال الابرياء وعوائل الضحايا وساقتهم العذاب وشتى صنوف التعذيب والاهانات

          وزير الداخلية محمد الغبّان، احد اهم المتهمين، فهو المسؤول عن كل الاجزة الرسمية من الامن والشرطة المعنية مباشرة بامن وسلامة المواطنين. لكن الغبّان استسلم لتوجيهات المرجعيات الطائفية وترك للميليشيات السلطة المطلقة وقيادة اجهزة وزارته الرسمية...وهو هنا شريك اساس في كل هذه الجرائم والانتهاكات ضد المواطنين في ديالى وغيرها من المناطق التي جرت فيها عمليات مشابهة وضح النهار وبانتظام خلال السنتين الماضيتين

          وزير الدفاع محمد العبيدي، لم يتخذ ما يتطلب اتخاذه منه من اجراءات عسكرية صارمة للحفاظ على حياة الالاف من المواطنيين الذي طالهم التهجير والاعتقال والاغتيالات. لقد ترك وحدات قواته تحت امرة قاسم سليماني وهادي العامري ومهدي المهندس تمارس ابشع صنوف القتل والارهاب لتنفيذ مسلسل التهجير القسري في ديالى وفي مناطق اخرى من العراق، فهو شريك اساس في هذه الجريمة


            تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة في الاعلام

            مركز حقوقي: حكومة العبادي شريكة في التطهير العرقي - الجزيرة 16/01/2016

            مركز جنيف للعدالة: ديالى تواجه التهجير والتطهير - العرب 20/01/2016

            تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة حول جرائم التطهير العرقي و الطائفي في ديالى - الغربية 18/01/2016

            العراق: مركز حقوقي يدعو لمحاكمة المسؤولين عن "التطهير" بديالى - العربي الجديد 17/01/2016

            مركز حقوقي يتهم العبادي والمالكي وآخرين بارتكاب جرائم تطهير عرقي في العراق - JBC الاخبارية 18/01/2016

            منظمة حقوقية تُحمِّل حكومة العبادي مسؤولية "جرائم قتل وتطهير طائفي" في محافظة ديالى العراقيّة وتتحدث عن مجازر وتهجير وقتل للأئمة واعتقالات عشوائية - قنطرة 17/01/2016

            ديالى.. جيش العراق عاجز عن السيطرة على مليشيات التطهير العرقي الشيعية - البشير 16/01/2016

            مركز جنيف: الحكومة العراقية شريكة بعمليات التطهير العرقي في ديالى - قناة نينوى الغد الفضائية 17/01/2016

            تقرير حقوقي: المالكي والعبادي وسليماني متورطون بجرائم ديالى - مفكرة الاسلام 18/01/2016

            إيران تبيد ديالى وخطة تشييع دموية وربما تضم لإيران لاحقا - الربيع العربي 20/01/2016

            مركز جنيف الدولي للعدالة .. استهداف السُنة في ديالى مخطط متكامل بمشاركة الميليشيات مع الاجهزة المرتبطة بالسلطة - هيئة علماء المسلمين في العراق 16/01/2016

            قائمة جنيف تفضح القتل الطائفي في العراق - الوطن أون لاين 18/01/2016

            تقرير حقوقي: المالكي والعبادي وسليماني متورطون بجرائم قتل ممنهج - 24 للدراسات الاعلامية 18/01/2016

            الميليشيات الشيعية ترتكب جرائم قتل وحرق في ديالى - بوابة الشروق 18/01/2016

            جنيف للعدالة: اتهام العبادي والمالكي بارتكاب جرائم تطهيرعرقي - المتحدة نيوز 16/01/2016

            جنيف للعدالة يتهم العبادي والمالكي بارتكاب جرائم تطهير عرقي - الخليج أون لاين 16/01/2016

            تناقضات العبادي.. سلاح المليشيات بمنأى عن “ملاحقة الإرهاب” - طــه 20/01/2016

            جريمة التطهير العرقي في ديالى .. مركز جنيف الدولي يتهم " حكومة العبادي " بارتكاب الجرائم فيها - وكالة انباء عراقيون 21/01/2016

            أهالي سامراء يتهمون المليشيات بالخطف - الجزيرة 23/01/2016

            ديالى تحت الانتداب المليشياوي وفق تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة - كتابات 25/01/2016

            ديالى تحت الانتداب المليشياوي وفق تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة - دنيا الوطن 25/01/2016

            {youtube_plus}/ykrQP1bkI-c,?rel=0,300,150{/youtube_plus}
            "مركز جنيف الدولي للعدالة" يتهم المليشيات بارتكاب تطهير عرقي وجرائم مذهبية مكتملة الأركان - قناة الجزيرة

            {youtube_plus}/ja_Jzd65yWY,?rel=0,300,150{/youtube_plus}
            تقرير جرافيك: تقرير مركز جنيف بشأن جرائم التطهير الطائفي الحكومي المتعمد في ديالى - قناة الرافدين

            {youtube_plus}/3hGe6eB_Y_c,?rel=0,300,150{/youtube_plus}
            المقدادية بلا إعلام: تقرير الجزيرة

            {youtube_plus}/ZTCsMKTkAzE,?rel=0,300,150{/youtube_plus}
            مركز جنيف الدولي للعدالة: جرائم التطهير العرقي و الطائفي في ديالى - قناة الرافدين

            {youtube_plus}sImXO80DrVA,?rel=0,300,150{/youtube_plus}
            قناة الرافدين - برنامج تحت الضوء - 18/01/2016


            مواقف و تصريحات مركز جنيف الدولي للعدالة حول حالة حقوق الانسان في العراق

             

            مركز جنيف الدولي للعدالة في نداء عاجل جدا الى الأمين العام للأمم المتحدّة والمفوض السامي لحقوق الإنسان: التخطيط لأعمال ابادة جماعية في محافظة الانبار - كانون الثاني / يناير 2016

            العراق: معارك الانبار، سياسة الأرض المحروقة والابادة الجماعيّة - ديسمبر / كانون 2015

            مركز جنيف الدولي للعدالة: في اليوم العالمي لحقوق الانسان، اين هي هذه الحقوق ؟ - ديسمبر / كانون 2015

            مركز جنيف الدولي للعدالة: التظاهرات العراقية ممارسة لحرّية التعبير ام دفاعٌ عن الحقّ في الحياة؟ - آب / أغسطس 2015

            مركز جنيف الدولي للعدالة يتهم وزارة حقوق الإنسان في العراق بأنها تبذل جهدا كبيرا للتغطية على الجرائم التي تستهدف طائفة يعينها وتصنيفها ضمن خطط الحرب على الإرهاب - تموز / يوليو 2015

            داعش ليس كل مشاكل العراق - أيار / مايو 2015

            تقرير مركز جنيف الدولي للعدالة عن حالة حقوق الانسان في العراق - تشرين الثاني / نوفمبر 2014

            معضلة العراق الكبرى : تقرير صحفي صادر عن مركز جنيف الدولي للعدالة بخصوص الوضع في العراق - آب / أغسطس 2014

            مركز جنيف الدولي للعدالة : المطلوب في العراق حلّ جذري لا عملية تجميلية - تموز / يوليو 2014

            متى سيتعلّم هذا العالم؟ على المجتمع الدولي احترام إرادة الشعب العراقي - حزيران / يونيو 2014

            بيان صحفي بمناسبة مرور 65 عاما على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : قليل من التقدم و الكثير من الاخفاقات - ديسمبر / كانون 2013

            حملة "ثأر الشهداء": السلطات العراقية ترتكب جرائم ضد الانسانية - أيلول / سبتمبر 2013

            مـؤتمر المساءلة لتحقيق العدالة للعراق: عشر سنوات على الغزو والاحتلال : لم يعد الصمت ممكناً - آذار / مارس 2013

            مركز جنيف الدولي للعدالة: العراق لم ينفذ توصيات الأمم المتحدّة لتحسين حالة حقوق الإنسان فيه وهو ليس في وضع يؤهله لتحقيق أي من الأهداف الإنمائية التي وضعتها الأمم المتحدّة - شباط / فبراير 2013

            السجون العراقية: تقرير من داخل أروقة الموت - كانون / ديسمبر 2012

            احدث النداءات

            اشترك في القائمة البريدية
            الرجاء اضافة البريد الإلكتروني الخاص بكم في الحقل أدناه للحصول على النشرة الإخبارية الخاصة بمركز جنيف الدولي للعدالة