المطالبة بفريق تحقيق دولي للكشف عن حالات الإختفاء القسري في العراق
وجّه مركز جنيف الدولي للعدالة نداءً عاجلا إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان لحثهما على اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة ووضع حد فوري للعنف المتواصل والهجمات العنيفة التي تجري في العراق ضد الأكاديميين والمؤسسات الأكاديمية. وجاءت الدعوة بعد اكتشاف مقبرة جماعية في بغداد في تشرين الأول عام 2012، يعتقد أنها تحوي جثامين موظفي دائرة البعثات في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الذين اختفوا في عام 2006. وفي ندائه العاجل المؤرخ في 30 تشرين الثاني 2012، طلب مركز جنيف من الفريق العامل ومكتب المفوض السامي باتخاذ جميع الاجراءات وبذل كل المحاولات من أجل القيام بتحقيق دولي مستقل بالموضوع. بالإضافة إلى ذلك، لا بد من القيام بزيارة عاجلة إلى العراق وتقديم تقرير رسمي لمجلس حقوق الإنسان بشأن هذا الوضع الخطير.
خلفية الاحداث
في 14 نوفمبر 2006، اقتحم مسلحون يرتدون زي الشرطة الوطنية العراقية مبنى تابع لوزارة التعليم العالي في حي الكرادة في بغداد. وتم خلال عملية الإقتحام اعتقال ما يقرب من 100 من العاملين من اثنين من الإدارات ونحو 50 من الزوار.
ووقعت الغارة في وضح النهار، في منطقة قريبة من ما يسمّى بـ (المنطقة الخضراء)، وهي المنطقة التي تضم المباني الحكومية وألأجهزة الحساسة، والتي تعتبر منطقة محمية جيدا مع وجود كثيف للقوات العراقية وعدة نقاط تفتيش. إن القوة المهاجمة التي تقدر ما بين 50 و 100 شخص قد وصلت الى المكان في أسطول من المركبات مكون من 20-30 سيارة بيك اب مموهة من النوعية المستخدمة من قبل وزارة الداخلية. وقامت على الفور بتطويق المنطقة، وذكرت أنها من وحدة مكافحة الفساد وشرعت القيام باعتقالات للموجودين في المبنى. وقامت القوة المهاجمة بالقاء القبض على الاشخاص وفقا لقوائم تحملها، وبعد التأكد من هويات الحاضرين. وجرى تكبيل المعتقلين وعصب اعينهم ثم وضعوا في المركبات واقتيدوا الى جهة مجهولة.
واستطاعت القوة المهاجمة من المرور في شوارع المنطقة دون إعتراض من أحد رغم حركة المرور الكثيفة، على الرغم من وجود دوريات الشرطة. وفي حينها أعلنت الحكومة العراقية على الفور أن عدد المعتقلين هو أقل بكثير من (18 حارس، و 16 عضوا من الموظفين و5 من الزوار) وادعىت في اليوم التالي 15 نوفمبر أنه تم الإفراج عن جميع المعتقلين بعد سلسلة من مداهمات قامت بها الشرطة.
في الأيام التالية ظهر ان البيانات الحكومية كانت غير صحيحة، وفُسرّها كثيرون على أنها محاولة لإمتصاص النقمة الشعبية وللتغطية على الجريمة. ثم توالت التصريحات من قبل شخصيات بارزة في الحكومة العراقية بما فيها من رئيس الوزراء مقدّمين اوصاف مختلفة لما حدث.
بعد يومين من الحادث (16 نوفمبر 2006) ذكر وزير التعليم والبحث العلمي أنه تم الإفراج عن نحو 70 من بين الـ150 على اسس طائفية، وذكر بعض المُفرج عنهم أنهم تعرضّوا للتعذيب بما في ذلك كسر بعض الأرجل والأيدي، وكانت هنالك ادعاءات بأنه قد تم قتل الآخرين.
في 17 نوفمبر 2006 ادلى موفق الربيعي، مستشار الأمن القومي في العراق، بتصريح ذكر فيه أنه قد تم الإفراج عن جميع المعتقلين، لكن تأكد فيما بعد أن لا صحّة لذاك.
أن هذه التصريحات تشير الى علاقة حكومية مباشرة بالحدث. وأن السلطات على علم بخيوط الجريمة.
وقال أحد المعتقلين المُفرج عنهم، أن ذراعه قد كسر أثناء احتجازه. كما أكدّ انه رأى ثلاثة من حرّاس الأمن في الوزارة من بين المعتقلين وانهم خنقوا حتى الموت. وسمع عدد من كبار الأكاديميين وقد تم وضعهم في منطقة منفصلة وهم يصرخون ثم تنقطع صيحاتهم فجأة. الشاهد قال أيضا إن الخاطفين وزّعوا المختطفين على مواقع مختلفة في العاصمة بغداد.
وبعد إطلاق سراح عدد من المخطوفين قال المتحدث باسم وزارة الداخلية أنه تم الإفراج عن جميع المعتقلين وانه تم إغلاق هذه المسألة. في حين أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي اكدّ في 18 تشرين الثاني ان ما لا يقلّ عن 66 شخصا مازالوا مفقودين.
في 19 تشرين الثاني أطلق سراح أربعة معتقلين أخرين، واكدّوا انهم شاهدوا الخاطفين وهم يقتلون احد موظفي وزارة التعليم العالي المختطفين (حميد الجوعاني).
ويبين الوصف أعلاه للأحداث الذي تم استقاؤه من مصادر موثوقة على الارض والبيانات الحكومية وكذلك شهادات شهود العيان أنه قد تم تنفيذ الغارة على وزارة التعليم العالي على نحو عملية عسكرية معقدة تتطلب إعداداً دقيقاً، وتدريباً واسع النطاق وعمليات استخبارية تفصيلية.
ومن الصعب جدا أن نعتقد أن أي قوة أخرى غير تلك التابعة للاجهزة الرسمية كان يمكن أن تقوم بمثل هذه الاعتداءات الجريئة في وضح النهار في واحدة من اكثر مناطق بغداد تحصينا. فمن غير المرجح أيضا أن أي قوات باستثناء تلك التابعة لوزارة الداخلية كانت قادرة على الحصول على، واستخدام أسطول المركبات التابع لوزارة الداخلية وسيارات التمويه.
من هنا فقد طالب مركز جنيف الدولي للعدالة اجهزة الامم المتحدة المعنية بالعمل على ارسال بعثة تقصّي حقائق دولية لكشف ملابسات العملية والسعي للكشف عن كل حالات الاختفاء القسري في العراق التي اصبحت ظاهرة واسعة النطاق وذات ابعاد خطيرة تقوّض ابسط مقومات حقوق الإنسان وخاصة الحقّ في الحياة والعيش بأمان.
***
الروابط للتقارير التي قدمت من قبل مركز جنيف الدولي للعدالة في الدورة 19 من مجلس حقوق الانسان بخصوص حالة الاكاديميين و نظام التعليم:
الاجراءات الخاصة للامم المتحدة - نداءات عاجلة
مركز جنيف الدولي للعدالة يدين بشدة عمليات الإعدام في العراق
مركز جنيف الدولي للعدالة يوجّه نداءات عاجلة بخصوص مذبحة المتظاهرين في الحويجة
مركز جنيف الدولي للعدالة: يناشد الأمم المتحدّة التدخل لحماية المتظاهرين في العراق