22.08.2018
الدورة 38 لمجلس حقوق الإنسان – ندوة:
قصر الأمم - 03 تموز/يوليو،2018
نظّم مركز جنيف الدولي للعدالة بالتعاون مع المنظمة الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ومنظمة المحامون الدوليون والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الانسان ندوة ضمن الدورة 38 لمجلس حقوق الإنسان. عُقدت الندوة من الساعة 12:00 إلى 13:30 في 3 تموز/ يوليو، 2018 في القاعة 23 في قصر الأمم في جنيف.
المذكرة المفاهيمية للحدث الجانبي
يشمل احتلال إسرائيل المطّول للأراضي الفلسطينية انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العقاب الجماعي، والاستخدام الروتيني للقوة المفرطة المميتة، والاحتجاز الإداري المطول بدون اي تهمة أو محاكمة للمئات من الفلسطينيين. ويقوم الاحتلال أيضا ببناء ومساندة المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة، ويصادر الأراضي الفلسطينية ويفرض أعباءً على الفلسطينيين ولكن ليس على المستوطنين، مما يحدّ من تمتّع الفلسطينيين بالخدمات الأساسية ويكاد يكون من المستحيل بالنسبة لهم البناء في جزء كبير من الضفة الغربية دون المخاطرة بالهدم. لقد أدى حصار إسرائيل لغزة على مدى عقد من الزمن الى جعل حياة 1.9 مليون فلسطيني غير مطاقة. لذلك توصف غزة كأكبر سجن مفتوح على مستوى العالم. يهدف هذا الحدث الجانبي إلى تسليط الضوء على فظائع الاحتلال، التي تميّزت بانتهاكات حقوق الإنسان المروعة واللامتناهية والتي أدّت إلى معاناة مستمرة للشعب الفلسطيني. |
ضيف شرف:
السيد مايكل لينك: المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. (عبر سكايب)
المتحدثون:
-السيدة عروب صبح: مقدمة برامج تلفزيونية، المتحدث الرسمي للإعلام في الائتلاف الأردني، و"جنسيتي هي حق لعائلتي"، ومستشارة في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
السيدة دانييلا دونجيز: ناشطة سلام مدني من أجل فلسطين، عضو سابق في مركز جنيف الدولي للعدالة، تتابع ميدانيا الحالة في فلسطين.
السيدة ايمان زعيتر: باحثة في حقوق الإنسان تعمل مع مركز جنيف الدولي للعدالة منذ عام 2016 وكذلك مع المرصد الأورومتوسطي منذ عام 2015
مدير الندوة:
السيد موتوا كوبيا
باحث اقدم لحقوق الإنسان في مركز جنيف الدولي للعدالة، وهو أيضاً ممثل إضافي عن المنظمة الدولية للقضاء على كافة اشكال التمييز العنصري في الأمم المتحدة
حلقة نقاش
السيدة عروب صبح: "حصار غزة كشكل من أشكال الفصل العنصري"
بدأت السيدة صبح النقاش بوصف الفصل العنصري على انه فصل إقليمي كما أنه عبارة عن "مصفوفة تحكّم" مفروضة على مجموعة من الأشخاص بسبب هويتهم.
وأوضحت أنه منذ بدء الاحتلال في عام 1967، عاش الشعب الفلسطيني فيما يسمى "المجالات" الأربعة:
- القانون المدني مع قيود خاصة، يحكم الفلسطينيين الذين يعيشون كمواطنين في إسرائيل،
- قانون الإقامة الدائم الذي يحكم الفلسطينيين المقيمين في مدينة القدس،
- القانون العسكري الذي يحكم الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل ظروف الاحتلال الحربي في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 1967، بما في ذلك في مخيمات اللاجئين،
- سياسة لمنع عودة الفلسطينيين، سواء كانوا لاجئين أو منفيين، يعيشون خارج الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيل.
بعد ذلك، وصفت السيدة صبح محاصرة غزة بأنها أزمة إنسانية، مؤكدة أن القيود التي تفرضها دولة إسرائيل على دخول المباني تمنع إصلاح محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة وكذلك المنازل التي دمرت أثناء الهجمات الإسرائيلية في المنطقة. كما تواصل إسرائيل السيطرة على الدخول والخروج من غزة عن طريق البر والبحر والجو، وتعرض الفلسطينيين لحد من الحصار الخانق الذي يشكل شكلاً غير مسبوق من العقاب الجماعي في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي.
وفي سياق حديثها عن الانهيار الاقتصادي، ذكرت أن اقتصاد غزة كان في حالة ركود فعلية منذ بداية الحصار، حيث تلقى القطاع الخاص أكبر نسبة من الخسائر بسبب القيود التي فرضتها السلطات الإسرائيلية على حركة رجال الأعمال والتجار، وكذلك العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة التي تشكل المصدر الوحيد للدخل لجزء كبير من سكان غزة
قبل تقديم بعض التوصيات النهائية، تطرقت السيدة صبح إلى أزمة الكهرباء وتشعباتها، حيث أن المياه والمرافق الصحية والصرف الصحي، والرعاية الصحية، والتعليم قد تأثرت سلبًا وبشدة. بالنسبة للمستشفيات في غزة، أدى عدم الاستقرار المستمر في إمدادات الطاقة إلى تدهور جودة خدمات الرعاية الصحية المتوفرة بالإضافة الي التكلفة العالية لتشغيل المولدات مما يجبر الشركات الصغيرة، وخاصة الشركات الناشئة، على الإغلاق في غضون فترة زمنية قصيرة.
في ختام تقييمها الشامل لحصار قطاع غزة، اقترحت التوصيات التالية:
أولاً: على إسرائيل، إنهاء جميع أشكال ممارسات الفصل العنصري ضد السكان المدنيين الفلسطينيين ووضع حد غير مشروط للحصار على قطاع غزة، فضلاً عن تعويض جميع المتضررين
ثانيا: على الحكومة الإسرائيلية، العمل بشكل جدي لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية على المدى الطويل كما هو منصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
وأخيراً: على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط فعالة على إسرائيل لوضع حد فوري لحصارها على قطاع غزة واحتلالها المستمر للأراضي الفلسطينية، كما هو الحال في جميع أنحاء العالم، وهو ما يزيد من تأجيج الصراع ويؤدي إلى عنف وتصعيد غير ضروريين للتوترات في المنطقة.
السيدة دانييلا دونغيز: “ملاحظات حول وضع حقوق الانسان على ارض الواقع، والقوانين التي تكرس الاحتلال"
كانت السيدة دانييلا دونجيز المتحدثة الثانية التي بدأت عرضها بقولها إنه منذ عام 1946، تلاحظ أن فلسطين تخسر ببطء أراضيها بشكل غير قانوني. أصبحت فلسطين تختفي أكثر فأكثر من على الخارطة، بسبب الاحتلال غير القانوني والوحشي والعنيف والمخجل لإسرائيل في المنطقة.
وان إسرائيل تنشأ مستوطنات في فلسطين للسيطرة الكاملة على المنطقة. على سبيل المثال، شيدت إسرائيل جداراً به نقطة تفتيش عسكرية في الولجة لعزل القرية. مما اضطّر السكان أن يصبحوا لاجئين. ويعتبر هذا انتهاكا للقانون الدولي.
وفي خان الأحمر وهي قرية في محافظة القدس بالضفة الغربية حيث يعيش سكانها في الخيام والأكواخ وأغلبهم من البدو والأطفال. بسبب وقوع القرية بين كفر أدوميم ومستوطنات معاليه أدوميم الإسرائيلية. نتجت صعوبة كبيرة في الوصول إلى المدرسة التي بنتها وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، لكن الإدارة المدنية الإسرائيلية أمرت بهدمها. كما قامت بهدم العديد من المباني الاخرى سنة 2010 بحجة عدم قانونيتها. ولذلك ففي سبتمبر 2012 اعدت إسرائيل خطة لتهجير السكان إلى وادي الأردن، لكن هؤلاء السكان رفضوا قطعيا هذا المخطط.
علاوة على ذلك، هناك قوانين ترّسخ الاحتلال:
- أوامر الهدم المتعلقة يالمباني غير المصرّح بها 1539-20031
- قانون تنظيم المستوطنات 5777-2017 2
- الامر الخاص بازالة المباني المستحدثة 1797-2018 3
- قانون محاكم الشؤون الإدارية 5768-20184
اللوائح المتعلقة بنقل الممتلكات:
- خلال الجلسة مناقشة المنعقدة بتاريخ 27 يونيو2017 في الكنيست، أكد مدير وحدة الإشراف على الإدارة المدنية إن هناك 500 مبنى متنقل في مخازن الإدارة التي صودرت من الفلسطينيين وذكر أن كل ما يتطلبه الأمر من تفكيك ومصادرة هيكل متحرك هو بيان رسمي من أحد موظفي وحدة الإشراف ولا يتطلب ذلك أي إجراءات إدارية أو قانونية أخرى.
- قانون تنظيم الاستيطان في يهودا والسامرة، 5777-2017: 6 فبراير 2017، أقر الكنيست قانونًا لبناء المستوطنات الإسرائيلية يعطي هذا القانون الفرصة للمستوطنين للبقاء في منازلهم.
- أمر بشأن إزالة الهياكل الجديدة: 9 مايو 2018: نشر الجيش الإسرائيلي الأمر العسكري 1797 الذي يعطي "الإدارة المدنية" الاذن باستهداف و ازالة الهياكل الفلسطينية في المنطقة "ج" خلال 96 ساعة، مهما كانت الوضعية القانونية للعقار.
هذا الأمر الجديد يستهدف منع المساعدات الدولية التي لا تتجانس مع القانون الإسرائيلي مما أثبت فاعليته في منع أو تأخير عمليات الهدم غير القانونية في الماضي. كما يهدف النظام الجديد إلى منع المساعدات الدولية من أي إجراءات قانونية ضد الأوامر الإسرائيلية المستقبلية، والتي أثبتت نجاحها في منع أو تأخير عمليات الهدم غير القانونية في الماضي.
-الشؤون الادارية 5768 - 2018 قانون المحاكم.
وبالتالي يجب على منظمات حقوق الانسان ان تُغرق نظام المحاكم الاسرائيلية بالكثير من الشكاوى والعرائض ضد هدم المباني.
يُحظر على الفلسطينيين في الضفة الغربية حضور أو تنظيم موكب أو تجمع لعشرة أشخاص أو أكثر لأي غرض سياسى.
أي شخص يخرق هذا الأمر يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات و / أو غرامة كبيرة. الى جانب استهداف إسرائيل النشطاء الفلسطينيين بالتهديد والترهيب.
كما أنهم يجبرون المنظمات غير الحكومية بموجب قانون جديد على الكشف عن التمويل الأجنبي المقدّم لها.
ويسجن أي شخص من الضفة الغربية محاولاً معارضة أعمال إسرائيل بما فى ذلك إنشاء الجدار.
السيدة إيمان زعيتر: "الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين"
كانت السيدة إيمان المتحدثة الثالثة التي بدأت عرضها بذكر المسيرة العظيمة للاحتجاجات المدنية السلمية في 30 مارس والتي استمرت كل يوم جمعة، والتى انتظمت للمطالبة بإنهاء 12 سنة من الحصار وتطبيق القرار 194 (حق العودة). فاستخدمت
إسرائيل الذخيرة الحيّة، والطلقات المتفجرة والغازات السامة ضد هؤلاء المتظاهرين.
-اﺳﺗﮭدﻓت إﺳراﺋﯾل اﻟطاقم اﻟطﺑّﻲ المتواجد ﻋﻟﯽ الخطّ الفاصل ﻓﻲ ﻏزة على سبيل المثال، استهدفوا (رزان النجار) التي كانت تعمل مسعفةً. وقد قُتلت وهي في ربيع عمرها (21) عامًا برصاصةٍ في الصدر، بينما كانت تساعد الأشخاص المصابين.
- كما قام الجنود الإسرائيليون باستهداف الصحافة، مخالفين بذلك القانون الدولي، مستشهدين بشريط فيديو يوثّق هذه الوقائع. خاصةً مشهد استشهاد الشاب (ياسر مرتجى) البالغ من العمر ثلاثين عاما والذي قتل برصاصة في البطن
-استهداف الأطفال هو العمل الأكثر رعباً وخزياً من جملة الأعمال التي قامت بها إسرائيل. وقصّة الطفل محمد أيوب الذي كان في الصف السابع تمثل صدمة حقيقية، اذ قُتل برصاصةٍ في الرأس بينما كان في الجدار الحدودي الشرقي لبلدة جباليا في شمال غزة، و لا يحمل أي سلاح، ولا حتى سكين.
واستشهدت المتحدّثة بمادتين أساسيتين من اتفاقية جنيف:
-المادة 32، اتفاقية جنيف الرابعة: التي تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير الترهيب أو الإرهاب.
-المادة 147، اتفاقية جنيف الرابعة: الانتهاكات الجسيمة التي تتعلق بها المادة السابقة، هي تلك التي تنطوي على أي من الأفعال التالية، إذا اُرتكبت ضدّ أشخاص أو ممتلكات تحميها هذه الاتفاقية: القتل العمد أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب البيولوجية التي تسبب عمداً معاناة شديدة أو أذى خطير للجسم أو الصحة، أو الترحيل أو النقل غير القانوني أو الحجز غير المشروع لشخص محمي، أو إلزام شخص مشمول بالحماية للعمل في قوات دولة معادية، أو تجريد أي شخص محمي من حقوقه والمحاكمة العادية المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، أخذ الرهائن وتدمير الممتلكات والاستيلاء عليها على نطاق واسع، لا تبرّره الضرورة العسكرية وتنفيذها بشكل غير قانوني وبطريقة عبثية.
السيد مايكل لينك: "هل يمكن لسلطة الاحتلال أن تصبح شاغلاً غير شرعي إذا ما انتهكت المبادئ الأساسية التي تتضمنها القوانين الحديثة المتعلقة بالاحتلال؟"
وكان السيد مايكل لينك، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، هو المتحدث الأخير الذي بدأ بالإعلان أن عرضه سيعالج مسألة "هل يمكن لسلطة الاحتلال أن تصبح غير شرعية إذا ما انتهكت المبادئ الأساسية التي تتضمنها القوانين الحديثة المتعلقة بالاحتلال؟" استنتاجه هو أنه يمكن أن يصبح غير قانوني وعرضه سيظهر هذه القضية بموجب القانون الدولي.
في البداية، شدّد على مفهوم الاحتلال المطوّل، الذي استخدم في حالات عديدة لوصف الاحتلال غير القانوني. ومع ذلك، أشار إلى أن هذا المفهوم قد يصبح مظهراً قانونياً يُخفي ممارسة استعمارية فعلية أو ضمّ أو غزو أو أي شكل آخر من أشكال الحكم الدائم.
وعلى ضوء ذلك، استمر في وصف دولة إسرائيل كقوة احتلال بموجب القانون الدولي داعياً اياها لاتباع المبادئ الأساسية في اتفاقيات جنيف، وفي إشارة إلى تقريره الصادر في أكتوبر / تشرين الأول 2017 بصفته مقررًا خاصًّا للجمعية العامة للأمم المتحدة، قال إنه يمكن إجراء اختبار مكون من أربعة أجزاء لتحديد ما إذا كان وضع قوة الاحتلال غير قانوني. وأن الكيان الذي يسعى إلى تحويل الاحتلال إلى مطالبة بالسيادة ينتهك التزاماته بموجب القانون الإنساني الدولي، وبالتالي يصبح هنا احتلالاً غير شرعي.
أما العناصر الأربعة للاختبار الذي اقترحه المقرّر الخاص فهي كما يلي:
- أولاً: لا يجوز لدولة الاحتلال ضمّ أي من الأراضي المحتلة
لاحظ رجال القانون الدولي مبدأ "عدم الضم " على أنه مبدأ مُلزم قانونًا وبموجب قرار مجلس الأمن رقم 242 (نوفمبر / تشرين الثاني 1967)، أيد مجلس الأمن مبدأ "عدم جواز الاستيلاء على الأراضي" في عدة مناسبات سواء عن طريق الحرب أو القوة.
وهكذا، فإن ضم إسرائيل "الشرعي" للقدس الشرقية في عام 1967 (بقرار من مجلس الوزراء) و 1980 (بتصويت الكنيست) هو بحكم الأمر الواقع، وهو خرق جسيم لقوانين الاحتلال، والتي قام مجلس الأمن في شهر أغسطس عام 1980 بتوجيه اللوم إليها في أقوى العباراتوأكدت أن هذه الأفعال تنتهك القانون الدولي وأن ضم القدس "لاغ وباطل" و "يجب إلغاؤه على الفور ومع ذلك، ظلت إسرائيل غير ملتزمة بجميع قرارات الأمم المتحدة بشأن ضمّ القدس.
وعلاوة على ذلك، حذّرت محكمة العدل الدولية في فتواها الصادرة عام 2004 من أن الجدار ونظام التسوية يشكلان ضمًا بحكم الأمر الواقع. أما في الضفة الغربية، فتخضع المنطقة "ج" لسيطرة إسرائيل الكاملة، ويعيش المستوطنون بموجب القانون الإسرائيلي في المستوطنات اليهودية القابلة للتوسع. هذا الاحتلال المستمر جزيئا أو كلّياً للأراضي الفلسطينية لا يمكن تفسيره إلاّ على أنه طموح استعماري بامتياز.
ثانيا: الاحتلال مؤقت بطبيعته، ويجب على سلطة الاحتلال أن تسعى إلى إنهائه في أقرب وقت ممكن
وبحكم التعريف، فالاحتلال هو وضع مؤقت واستثنائي حيث تتولى السلطة القائمة بالاحتلال دور الحاكم الفعلي للإقليم إلى أن تسمح الظروف بعودة الإقليم إلى سيادة أصحابه. اعتماداً على قانون حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، يُمنع على سلطة الاحتلال الحكم بصفة دائمة أو غير محدّدة.
إن الاحتلال الإسرائيلي (للضفة الغربية وقطاع غزة) البالغ من العمر 51 عاماً لم يسبق له مثيل الى حد اليوم، حيث لم تتجاوز حالات الاحتلال الحديث الـ 10 سنوات والتي التزمت بمبادئ صارمة كالطابع المؤقت، وعدم الضمّ، والوصاية، وحسن النية. ولا يمكن لإسرائيل نفسها أن تقدّم سبباً مقنعا لهذا الطول الاستثنائي للاحتلال بما يتماشى مع التزامها بإنهاء حكمها في أقرب وقت ممكن، وهذا يحجب عمداً أي ممارسة ذات معنى لتقرير المصير من جانب الفلسطينيين.
ثالثا. خلال الاحتلال، تتصرف دولة الاحتلال في خدمة مصالح الشعب المحتل
وأشار السيد لينك إلى المبدأ الذي ينص عليه القانون الدولي بأن قوة الاحتلال مطالبة، خلال مدة احتلالها، للحكم والتصرف لصالح الأشخاص الذين يعيشون تحت حكمها. يلاحظ هذا المبدأ في لوائح لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي توفر المزيد من الأحكام التي تحمي الأرواح والممتلكات والموارد الطبيعية والمؤسسات والحياة المدنية وحقوق الإنسان الأساسية والسيادة الكامنة للشعب تحت احتلال.
ومع ذلك، فقد أدّت الحواجز والقيود إلى تصاعد الفقر، ووفقاً للبنك الدولي والأمم المتحدة، يعاني الفلسطينيون في الضفة الغربية من ظروف مدنية وقانونية واجتماعية أدنى مقارنة بالمستوطنين الإسرائيليين كما يعانون قيوداً كبيرة على حريتهم في التنقل والوصول للمياه والموارد الطبيعية وبقية الحريات الأساسية الأخرى. هذه القيود تؤثر سلبًا على الحياة اليومية في غزة حيث يعتمد أكثر من 60٪ من سكانها على المساعدات الإنسانية وأكثر من 40٪ غير قادرين على تأمين الطاقة الكهربائية. وأدّى الجدار الفاصل والاحتلال في القدس الشرقية إلى ضعف العلاقات التقليدية الوطنية والاقتصادية والثقافية والأسرية مع الضفة الغربية زيادة الي تدهور الاقتصاد.
وتؤدي هذه الحالات إلى الاستنتاج بأن إسرائيل تحكم الأرض الفلسطينية كمستعمرة داخلية، وهي متمادية باستغلال أراضيها ومواردها، متجاهلا مصالح الأشخاص المحميين تحت حكمها، وهو ما يتعارض مع التزاماتها.
رابعا. يجب على دولة الاحتلال أن تتصرف بحسن نية
وهذا المبدأ هو "القاعدة الأساسية لتفسير المعاهدات" في النظام القانوني الدولي وهو جزء لا يتجزأ من جميع العلاقات الشرعية في القانون الدولي الحديث. فإنه يتطلب من الدول تنفيذ واجباتها والتزاماتها بطريقة صادقة ومخلصة ومعقولة وجادة وعادلة بهدف تحقيق أغراض المسؤولية القانونية، بما في ذلك اتفاقية أو معاهدة. وعلى العكس من ذلك، يحظر مبدأ حسن النية على الدول المشاركة في أي أعمال من شأنها أن تتعارض مع هذا المبدأ.
ان سلطة الاحتلال مطالبة أن تحكم الإقليم بحسن نية ويمكن قياس ذلك من خلال امتثالها لالتزامين:
-1 امتثالها للمبادئ المحدّدة في القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان المُنطبقة على الاحتلال ؛
-2 توافقه مع أي توجيهات محدّدة صادرة عن الأمم المتحدة أو غيرها من الهيئات الرسمية المتعلقة بالاحتلال.
ولوحظ أن إسرائيل قد خرقت العديد من المبادئ الرائدة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان طوال فترة الاحتلال. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستخدام المحظور للعقاب الجماعي يتم استخدامه بشكل منتظم من قبل إسرائيل من خلال هدم منازل الفلسطينيين للعائلات ذات الصلة بالمشتبه في ارتكابهم لأعمال إرهابية أو خروقات أمنية والإغلاق المطوّل للمناطق الفلسطينية. إن حرية الحركة تضعف، والأهم من ذلك أن الاحتلال الراسخ وغير الخاضع للمساءلة ينتهك إن لم يكن يقوّض حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وأشار السيد لينك إلى أنه منذ عام 1967 اعتمد مجلس الأمن أكثر من 40 قراراً تنتقد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والتي تتعامل مع المستوطنات وضمّ القدس وإنكار حقوق الإنسان الفلسطيني ورفض إسرائيل الالتزام بما قرّره مؤتمر جنيف الرابع. كما تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان عدّة مئات من القرارات المماثلة.
ثم استرعى الانتباه إلى سابقة قانونية مهمة في القانون الدولي؛ وهو الرأي الاستشاري المهمّ جداً الصادر عن محكمة العدل الدوليّة بخصوص ناميبيا في عام 1971 والذي أشار إلى أوجه التشابه المدهشة مع الحالة في فلسطين. والفارق الوحيد الذي أشار إليه هو أن حكم جنوب أفريقيا في ناميبيا نشأ عن ولاية عصبة الأمم في حين يخضع احتلال إسرائيل لقوانين الاحتلال الواردة في اتفاقية جنيف الرابعة.
وضع السيد لينك في هذا الصدد، خمسة ميّزات هامة توضع في الذهن لقرار محكمة العدل الدولية لعام 1971 بشأن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة:
1. ذكرت محكمة العدل الدولية ثلاثة مبادئ أساسية يجب على جميع أصحاب الولايات الالتزام بها،
ا. السلطة القائمة بالاحتلال ليس لها الحقّ في ضمّ أيّ من أراضي التفويض،
ب. يجب أن تكون بمثابة الوصي على رفاه وتنمية الشعب في إقليم التفويض،
ج. لا يمكن للسلطة القائمة بالاحتلال أن تُصدر قوانين وممارسات تمييزية تضرّ بحقّ الشعب في إقليم التفويض.
2. مبدأ تقرير المصير، وهو الهدف النهائي للولاية
3. أي انتهاك مُتعمّد ومستمر لهذه المبادئ الأساسية للانتداب سيكون بمثابة خرق جوهري للمعاهدات الدولية
4. الالتزام الصارم بحماية الانتداب لفائدة شعوب ناميبيا طالما تخضع لجنوب أفريقيا
5. استخدام اختبار "حسن النية" للحكم على ما إذا كانت جنوب إفريقيا تتوافق مع المبادئ الحاكمة للولاية
وقد أشاد السيد لينك بأن الفقهاء يعتبرون هذه سابقة أساسية لفهم الوضع القانوني لاحتلال إسرائيل المستمر.
وفي الختام، قال السيد لينك إن القانون الدولي يُلزم الدول بعضها البعض، ومع شعوبها، بأن تحترم هذه الحقوق، توفّر الحماية، و تؤيد الاتفاقات والالتزامات، وتسعي إلى تحقيق السلام مع العدالة. وبينما أشار في وقت سابق إلى أن المجتمع الدولي بأسره قد فشل فشلاً تاماً في إنهاء الاحتلال، مع ذلك لا يزال له دور حاسم في اعطاء الشعب الفلسطيني حقّه في تقرير مصيره، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بإنهاء الاحتلال. وأشار إلى أن القانون الدولي، جنباً إلى جنب مع الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، اللذين قد عانوا جميعا من هذه السياسة.
وختاما، للإجابة على السؤال الأساسي الذي طُرِح في بداية عرضه، قال إن المحتل أو السلطة الإلزامية ستتجاوز الخط الأحمر إلى اللاشرعية إذا خرقوا الالتزامات الأساسية كحكام أجانب، ثم أكد كمقرر خاص بأن إسرائيل قد خرقت هذا الخط الأحمر. وان المجتمع الدولي يواجه الآن التحدي المتمثل في اعتماد هذا التحليل، ومن ثمة توظيف الخطوات الدبلوماسية والقانونية المناسبة التي من شأنها إنهاء الاحتلال نهائياً.
بالإضافة إلى ذلك، قال السيد لينك، انّه وعلى النحو الموصي به في تقريره الصادر في أكتوبر 2017، يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تكلف لجنة بإجراء دراسة شاملة حول شرعية استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، ثم ينبغي عليها النظر في مزايا التماس رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن هذا الأمر.
في ختام الندوة، جرت جولتين من الأسئلة إلى أعضاء الفريق، وبعد ذلك قدم كل منهم ملاحظاته الختامية.
الترجمة من الانجليزية: سمية محمد الطرابلسي
Click here : English version