جنيف 3 أيلول/سبتمبر 2019
يدين مركز جنيف الدولي للعدالة باشدّ العبارات استمرار السلطات العراقيّة في انتهاكها الممنهج بالتضييق على حرّية الصحافة وعلى العمل الصحفي في العراق. وفي هذا السياق يعتبر المركز ان ما أقدمت عليه السلطات العراقيّة من اغلاق مكاتب القناة الفضائيّة (الحرّة) ينتهك التزامات العراق الدوليّة وخاصّة تلك المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنيّة والسياسيّة الذي انضمّ اليه العراق عام 1971، حيث تنص المادة 19 منه على الحقّ في حرّية التعبير، بما في ذلك التماس مختلف ضروب المعلومات وتلقيها ونقلها للآخرين دون قيود. ويطالب بإلغاء القرار غير القانوني على الفور.
وكانت هيئة الإعلام والاتصالات العراقيّة قد أعلنت يوم الإثنين 2/9/2019 اغلاق مكاتب قناة الحرّة لمدة ثلاثة أشهر متهمةً المحطة بـ "التحيّز وتشويه السمعة وعدم المهنيّة". وقد جاء ذلك كردٍّ فعل لتقرير استقصائي بثته القناة يوم السبت 31/8، تناول وجود فسادٍ داخل هيئات الأوقاف الإسلامية السنيّة والشيعية بما يشمل مؤسسات مرتبطة بالمرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني ورئيس الوقف السنّي عبد اللطيف الهميّم. كما أشار التقرير إلى صلاتٍ بين مؤسسات دينية وجماعاتٍ مسلحة.
من جانبها اوضحت قناة الحرّة ان تقريرها هو "تحقيق استقصائي منصف ومهني". وأضافت انّها وفرّت طوال فترة إعداد التقرير الفرصة والوقت الكافيين للأشخاص والمؤسسات المعنية للردّ لكنها رفضت ذلك. واكدّت ان حقّ الردّ مكفولٌ لكلّ من جاء ذكرهم في التقرير، سواءً الأشخاص او المؤسسات المعنيّة.
وقد تناول التقرير التلفزيوني ذي الخمس والعشرين دقيقة، وتحت عنوان «أقانيم الفساد المقدّس في العراق»، تفاصيل ما كان يتحدّث عنه الشارع العراقي من فسادٍ ضمن مؤسستي الوقف الشيعي والسنّي، واثبت ذلك بالحقائق والوثائق الدامغة، طارحاً تساؤلات عدّة عن مصير تلك الأموال الضخمة التي تديرها الشخصيات والمؤسسات في المراقد والمزارات الدينية بمحافظة كربلاء في حين يئن أبناء المناطق المجاورة من الجوع وشظف العيش.
ويرى مركز جنيف الدولي للعدالة، الذي يتابع الأوضاع في العراق عن كثب، ان ما جاء في التقرير لم يكن مفاجئاً له، مثلما لم يكن مفاجئاً للكثير من العراقيين والمنظمات غير الحكوميّة داخل العراق التي تواصل معها المركز قبل اعداد بيانه هذا. فقد كان موضوع الفساد المستشري بشدّة في كل مؤسسات الدولة في العراق والهيئات المرتبطة بها، من المواضيع التي تناولها في نشاطاته مع أجهزة الأمم المتحدّة حيث وثّق كيف ان الفساد يقف حائلاً دون تمتع الشعب العراقي بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية. ويجد المركز ان فضح كل المؤسسات التي تمارس، او تتستر على الفساد، هو عملٌ يصبّ في صالح احترام حقوق الإنسان وتعزيزها. ومن هنا يكرّر المركز ادانته لقرار السلطات العراقيّة ويعتبره تراجعاً جديداً في سجل العراق في مجال الحرّيات الصحفية.
ويذكر ان العراق يُصنّف في الدرك الأخير وبالمرتبة 156 من 180 دولة ضمن المؤشر العالمي لحرّية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود في وقتٍ سابق هذا العام 2019. والتي اكدت ان الصحفيين في العراق غالباً ما يكونوا ضحايا للهجمات المسلحة والإيقافات عن العمل والاعتقالات أو التخويف من طرف ميليشيات مقرّبة من السلطات وكذلك من القوات النظامية، في ظلّ افلاتٍ تام من العقاب ودون تحقيقات رسميّة جدّية.
يمكن مشاهدة تقرير القناة: هنا